- ترجمة: سامي حداد
- أستاذ اللغة العربية في جامعة نابولي للدراسات الشرقية الذي لجأ إلى إيطاليا في عام 1982، يتحدث عن الانتخابات الرئاسية التي يقول إنها تجري بهدف تثبيت حكم بشار الأسد.
روما ـ 26/05/2021
إن الانتخابات الرئاسية في سوريا هي إهانة للسوريين، سواء القتلى منهم أو من بقي على قيد الحياة في بلد مدمر، بالإضافة إلى أنها إهانة للعالم أجمع. من المفترض أن تجري أية انتخابات في أجواء من الديمقراطية والحرية والمشاركة: ولكن اليوم لا يوجد أي شيء من هذا في سوريا. إنه مجرد عمل متغطرس أراده بشار الأسد، الذي يسعى إلى إعادة شرعيته وفي الوقت نفسه يقوم بإعداد ملفاتٍ لأولئك الذين يقررون عدم المشاركة في الانتخابات، هذا ما قاله الأستاذ سامي حداد، الناشط وأستاذ اللغة العربية في جامعة نابولي للدراسات الشرقية الذي فر إلى إيطاليا من سوريا في عام 1982، في أعقاب قمع الحركات الشعبية التي دعت في تلك السنوات إلى إنهاء حكومة حافظ الأسد والد الرئيس الحالي الذي جاء إلى السلطة بانقلاب عسكري.
افتُتحت هذا الصباح على الأراضي السورية التي تسيطر عليها دمشق، مراكز لانتخاب الرئيس الجديد والذي يشارك فيه الأسد المنتهية ولايته بالإضافة إلى شخصين مقربين منه. فوفقاً للأستاذ حداد، يعمل بشار الأسد جاهداَ على إعطاء صورة لسوريا وكأنها بلد طبيعي: ففي الأسابيع الأخيرة نظمت السلطات حفلات غناء ورقص ومأكولات وتجمعات، لكن الذين قرروا عدم المشاركة يعرفون أنهم سيدرجون على “القائمة السوداء” وسيعانون من عواقب عدم مشاركتهم كفقدان وظائفهم إن كانوا موظفين مدنيين، بل قد يطال بعضهم الاعتقال.
حتى الشخصيات العامة والزعماء الدينيين المسيحيين والمسلمين تمت دعوتهم للمشاركة وتشجيع الناس على الذهاب إلى صناديق الانتخاب. بحسب الأستاذ حداد هذه الممارسات أمر معتاد ومنتشر على نطاق واسع في سوريا منذ مجيء عائلة الأسد: “كان المواطنون دائمًا يجبرون على المشاركة في الحفلات والاستعراضات”. وحتى أولئك الذين اختاروا عدم التصويت اليوم “سيتم إدراجهم في “قوائم خاصة”
وحسب قوله تجري الانتخابات لسبب محدد هو إعادة تثبيت بشار الأسد في منصبه قبيل انتهاء ولايته وهذا ما يشكل انتهاكاً لأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي ينص على فرض خارطة طريق محددة: تبدأ أولاً بوقف العمليات العسكرية، والإفراج عن المعتقلين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للسكان. وبعدها فقط يتم تشكيل هيئة حكم انتقالي تعمل على إقرار دستور جديد ومن ثم إجراء انتخابات جديدة وفق هذا الدستور. إن الانتخابات التي دعا إليها الأسد تتجاهل صراحة ذلك القرار وقد تحدثت تقارير مختلفة صادرة عن الأمم المتحدة عن التحديات التي يواجهها هذا القرار وعلى الرغم من توقف القتال منذ سنتين تقريباً، فإن 80٪ من السكان السوريين يعيشون دون خط الفقر كما ورد في تقرير صادر عن منظمة اليونيسف في مارس / آذار الماضي وذلك بسبب التداعيات الناجمة عن عشر سنوات من الحرب التي دمرت الاقتصاد والبنية التحتية. هذا ولا تزال القيود المفروضة على وصول المساعدات قوية، يضاف إلى ذلك وباء كورونا الذي زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية.
أما بالنسبة للسجناء، فقد أفادت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا في مارس/آذار أيضا أن “عشرات الآلاف من المدنيين المحتجزين تعسفيا ما زالوا مفقودين، في حين تعرض الآلاف للتعذيب والعنف الجنسي أو ماتوا في السجون”. كما ألقت باللوم في هذا العنف على حكومة دمشق أيضاً.
أما فيما يتعلق بالعملية السياسية التي حاولت الأمم المتحدة إطلاقها في جنيف فقد ندد حداد بالمفاوضات الموازية التي روجت لها روسيا وتركيا وإيران في أستانا وسوتشي، وأفضت إلى إنشاء مجلس دستوري متجاهلة الأصوات الحقيقية للمعارضة الديمقراطية السورية التي ثارت ونظمت صفوفها في السنوات الأخيرة.
لعبت موسكو وطهران وأنقرة دورًا كبيراً في سوريا، وشاركت بفاعلية في الصراع مما سمح لبقاء بشار الأسد في السلطة. وأضاف حداد: “في السنوات الأخيرة لم يكن بالإمكان قصف المدارس والمنازل والمستشفيات دون تواطؤ المجتمع الدولي”.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا قد أعلنت أمس في مذكرة مشتركة أن انتخابات اليوم “غير شرعية”، إلا أن ذلك لا يكفي بالنسبة له: “لقد سُمح للنظام في السنوات الأخيرة باستخدام الأسلحة الكيميائية بشكل متكرر ضد السكان”. فمدينة دوما التي ذهب إليها الأسد وزوجته أسماء للتصويت صباح اليوم كانت المسرح الأسوأ على استخدام غاز السارين عام 2013.
” أملنا – كما يقول حداد – أن يظل هؤلاء الوزراء الأوروبيين الثمانية عشر الذين نأوا بأنفسهم علناً عن دمشق ، إلى جانب نشطاء السوريين الديمقراطيين في جميع أنحاء العالم الذين يواصلون الدعوة إلى وضع حد لعدم الإفلات من العقاب، وخير مثال عليهم “أولئك الذين تمكنوا في كوبلنز بألمانيا من إحضار ضابطي استخبارات النظام للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم القتل والتعذيب والاعتقال بحق المتظاهرين خلال احتجاجات عام 2011 ” فهذه المحاكمة بحسب القضاة، تضع السلطة التنفيذية للنظام بأكملها في دائرة الاتهام.