”نداء بوست“ – حوارات سياسية – حاوره: أسامة آغي
ليس البُعد الجغرافي عن الوطن السوري الجريح هو مَا يُحدِّد عُمق الدفاع عن كفاح السوريين ضد نظام الاستبداد الأسدي وحِلْفه الإيراني الروسي، بل إن الالتزام بقضية الحرية والديمقراطية والتضحية من أجلها هو مَا يَسِم بجدية وفعّالية هذا الدفاع عن سورية الجديدة الحرّة.
”نداء بوست“ حمل أسئلته لرئيس المجلس السوري الأمريكي الدكتور زكي لبابيدي، وهو في مقدمة المنخرطين بتقديم العون السياسي والخيري للشعب السوري في محنته مع نظام الأسد، وهو أيضاً يتجشم عناء الدفاع عن قضية وطنه سورية في بلاد العمّ سام (الولايات المتحدة الأمريكية)، باذلاً كل جُهْد من أجل توحيد السوريين في إطار يمكن تسميته (لوبياً سورياً أمريكياً).
نداء بوست“: ذكرتم في تصريح تمّ بثّه على قناة “يوتيوب” بتاريخ 31/7/2021 أنكم بصدد البدء بتأسيس فريق سياسي لحل المشاكل في سورية.
ما مهمات هذا الفريق بالتحديد؟ وكيف يستطيع إيجاد إرادة دولية للحل في سورية بناءً على القرار 2254؟ وهل سيتم تكليف هذا الفريق من قِبل مؤسسة ائتلاف قوى الثورة والمعارضة؟
ليس شريك مفاوضات بل سفاح
يقول الدكتور زكي لبابيدي الطبيب المختص بجراحة القلب في ولاية “أريزونا” بالولايات المتحدة في جوابه على سؤالنا الأول:
عندما تحدثت عن تشكيل فريق يمثِّل السوريين في المحافل الدولية، ويضغط لإيجاد حلٍّ، كنت أقصد أنه علينا -نحن السوريين- أن نجد هذا الفريق، الذي لديه الاستقلالية والنفوذ، لتمثيل مصالح السوريين، وليس أيّ أحدٍ آخر.
ويضيف الدكتور لبابيدي: “ليس سرّاً على أحد، وقد قالها بيدرسون شخصياً، أن اللجنة الدستورية ومفاوضات جنيف لن تُفضي إلى شيء”.
وبرأيه أن السبب يكمن في “أنه ليس لدينا شريكٌ نفاوضه، ولكن لدينا سفاح ورئيس عصابة مخدرات يجب أن نحاكمه وليس التفاوض معه” معتبراً: “أنه كلنا يعلم أن مفاوضات أستانا عبارة عن إملاءات روسية على السوريين، وليست مفاوضات، ولم ينتج عنها إلا الخراب للسوريين”.
ويعتقد الدكتور لبابيدي، الذي يعمل مع سوريين آخرين على تشكيل لوبي سوري في الولايات المتحدة أنه: “لقد حان الأوان أن نطالب الدول المؤثرة بعقد مفاوضات حقيقية، بهدف فرض آلية لنقل السلطة في سورية من سفّاح -استعمل الكيماوي ضد شعبه، وقتل أكثر من مليون سوري، وأوجد أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية- إلى الشعب السوري ومن يمثله”.
لكن الدكتور لبابيدي يطرح فكرته حول دستور سوري جديد فيقول في ذلك: “الدستور السوري يجب أن نعمل عليه في دمشق بعد انتقال سياسي، الدستور تضعه جمعية تأسيسية من كل السوريين، وليس في جنيف عَبْر مفاوضات مع نظام مجرم مكانه المحكمة الدولية”. طالباً -أي الدكتور لبابيدي أنه: “واجب على السوريين في هذه المرحلة تفعيل كل القادرين على إنجاز هذه المهمة، كفريق تفاوضي مستقل، يُمثّل مصالح الشعب السوري وليس أيّ أحد آخر”.
“نداء بوست”: تحدثتَ عن خطوات للحل في سورية، وهي انتقال سياسي وكتابة دستور وإخراج إيران وميليشياتها من سورية وتحقيق استقرار اقتصادي وعودة اللاجئين السوريين بصورة آمنة إلى البلاد. ألا ترى أن هذه الخطوات تحتاج توافُقاً بين الروس والأمريكان؟ إذا كان جوابكم بالإيجاب، متى يحدث ذلك التوافق، وما حدوده الممكنة واقعياً؟ وهل تعتقد أن الروس سيقبلون بهذا التوافق دون ثمن غربي وأمريكي يُقدَّم لهم بصورة مضمونة في سورية وفي مناطق نزاع دولية أخرى مثل أوكرانيا وليبيا.. إلخ؟.
يجب تغيير الوضع على أرضنا
يقول الدكتور زكي لبابيدي في جوابه على سؤالنا الثاني: “أعتقد أن هذه الخطوات هي التسلسل المنطقي للحل في سورية”، ووَفْق فهمه للأمر يرى أن: “سورية أصبحت مشكلة دولية، وهذا لا يخفى على أحد”، مضيفاً: “سورية تحت الاحتلال الفارسي عَبْر القوات الإيرانية المجرمة، والميليشيات التي تدعمها، إلى جانب الاحتلال الروسي”.
نداء بوست“: لو قلنا إن الحل السياسي في سورية يحتاج لتنفيذ القرار 2254، وهو قرار غير مُلزِم. ألا ترى أن عقد مؤتمر دولي حول سورية يمكنه تنفيذ القرار المذكور، بحيث يتمّ التحضير له بصورة إيجابية؟ هل الأمريكيون يحبذون عقد مؤتمر كهذا؟
نبحث عن آليات تنفيذية
في جوابه عن سؤالنا الثالث، يحدّد الدكتور لبابيدي فهمه لتنفيذ القرار 2254، حيث يقول: “إن آلية تحقيق الخطوات التي ذكرناها في جوابنا عن سؤال سابق يمكن أن تتحدّد عَبْر آليات عدة”. لكنه -أي الدكتور لبابيدي- لم يفصّل في هذه الآليات الممكنة، ذاهباً إلى نتيجة يراها مهمة وهي: “المهم أن نصل إلى حلّ منطقي يضمن حقوق الشعب السوري، الذي ضحّى كثيراً، ويضمن محاسبة كل مَن شارك بقتل مئات آلاف السوريين الأبرياء بدمٍ باردٍ، وشرّد الملايين”.
ويرى الدكتور لبابيدي: “أن الآليات الممكنة تتعلق بتوافق دولي روسي أمريكي حول الحل السياسي في سورية، هذا الحل يجب أن يستند في جوهره على تنفيذ القرار الدولي المذكور، وأن يراعي ضبط الوضع الإقليمي، بحيث تزول التهديدات الناجمة عن الصراع في سورية، وهذا يتحقق بزوال نظام الاستبداد، عَبْر انتقال سياسي نصّت عليه القرارات الدولية.
نداء بوست“: نريد أن يعرف متابعونا حقيقة الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية، هل هم مُؤَطَّرون بمجلس سياسي واحد؟ وهل لهذا المجلس ممثلون عنه في الكونغرس؟ وهل يمكن وصف مجلسكم بلوبي يملك قدرة التأثير على اتجاهات السياسة الأمريكية حِيال ملف الصراع السوري لمصلحة التغيير والانتقال السياسي؟
شكَّلنا اتحاداً لمنظماتنا في أمريكا
لا ينكر الدكتور زكي لبابيدي واقع المنظمات التي شكّلها السوريون في هذا البلد، حيث يقول في ذلك: “الجالية السورية في أمريكا لديها عدة منظمات، تسعى أن تكون صوت السوريين في واشنطن”.
ويبيّن لبابيدي وضع مجلسهم السوري الأمريكي فيقول فيه: “المجلس السوري الأمريكي واحد من هذه المنظمات، ولكنه الأقدم، حيث تشكّل عام 2005، وهو المنظمة الوحيدة التي تشكلت قبل الثورة، وهدفه كان دوماً تحقيق حكم ديمقراطي في سورية”.
ويضيف لبابيدي موضحاً: “يسعى المجلس وبقية المنظمات وبالتنسيق بيننا، وقد أنجزنا خُطوة مهمة على صعيد تنسيق العمل على تشكيل اتحادٍ ينظّم عمل المنظمات مع بعضها بعضاً بشكل منهجي”.
معتقداً أنه “لن يتوقفوا عن العمل مع الكونغرس والحكومة الأمريكية لإرغام سفاح سورية وعصابات الإرهاب والمخدرات، التي يقودها بالقبول بانتقال سياسي، يحقق طموحات الشعب السوري العظيم”.
“نداء بوست“: في السياسة هناك ميزان قُوًى. في الوضع السوري يمكن القول إن المعارضة ضعيفة ومشتَّتة سياسياً وعسكرياً، إضافة لارتهانها للخارج. كيف يمكن للسوريين المطالبة بحل سياسي يتضمن الانتقال السياسي وهم لا يملكون قوة فاعلة على الأرض؟ ألا يجب تطوير أدوات الصراع وتحسينها للحصول على نتائج سياسية لمصلحة الشعب السوري؟
ضرورة تشكيل فريق تفاوُضي جديد
في جوابه على سؤالنا الأخير، يرى الدكتور زكي لبابيدي أن على السوريين تشكيل فريق تفاوضي يمثل كل السوريين.
لكنه لم يحدد ما إذا كانت هيئة التفاوض السورية الحالية بوضعها المتشظِّي تمثّل كل السوريين، مُعتبِراً أن “هذه مسؤولية جميع السوريين في العالم، في المعارضة الرسمية وغير الرسمية، والجاليات في أنحاء العالم”.
ويعتقد لبابيدي: “أن تعديلات على بِنْية مؤسسات المعارضة، بحيث تُرفد بشخصيات جديدة ذات استقلالية وخبرات كبيرة، يمكنها أن تعدّل بقدرة هذه المؤسسات لتخدم قضية الشعب السوري، التي مرت عشرة أعوام ونيِّف على ثورته.
لكن لبابيدي لديه اعتقاد راسخ يقول: إنه على الشعب السوري أن يغيّر الوضع على الأرض بالدفاع عن النفس ضد القوات المحتلة الإيرانية والروسية، بما يُسهم في دعم وتسريع آلية إيجاد حلٍّ يضمن حقوق السوريين.