لم تخالف دمشق غالبية التوقعات بشأن الموقف من إقليمي دونيتسك و لوغانسك شرقي أوكرانيا، لتؤكد الرئاسة السورية بعد ساعات من اعتراف بوتين باستقلالهما عن أوكرانيا، على استعداد دمشق للعمل على بناء علاقات مع «الجمهوريتين».
وأوضحت صفحة الرئاسة السورية أن « الأسد وخلال زيارة وفد برلمانيٍ روسيٍ إلى دمشق برئاسة ديمتري سابلين النائب في مجلس الدوما الروسي، يضم ممثلين عن جمهورية دونيتسك بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2021 أي قبل شهرين من التطورات التي حصلت مؤخراً، طرح حينها استعداد بلاده للاعتراف بجمهورية دونيتسك وتم الاتفاق على البدء ببناء علاقات معها».
وتابعت الرئاسة أن «موقف سوريا ينطلق من يقينها أن الأزمة الأوكرانية هي مشكلة أوجدتها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لتقسيم الشعوب وتقويض الأمن القومي الروسي، ومن مبدئها الثابت بأن مواجهة السياسات الغربية هي مصلحة مشتركة ودائمة لكل الشعوب المناهضة للهيمنة، ويجب التصدي لها بكل الأشكال الممكنة».
واختتمت بيانها بالتأكيد على أنها «مستعدة للعمل على بناء علاقات مع جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك وتعزيزها في سياق المصالح المشتركة والاحترام المتبادل».
يأتي ذلك، بعد إعلان وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، عن دعم نظامه قرار بوتين، مضيفاً خلال زيارة لروسيا، أن «ما يقوم به الغرب ضد روسيا حالياً مشابه لما قام به ضد سوريا خلال الحرب الإرهابية».
وقال المتحدث باسم «المصالحة الوطنية» التابعة للنظام، عمر رحمون، إن موقف دمشق جاء تعبيراً عن مدى قوة التحالف بين سوريا وروسيا، لافتاً إلى أن «سوريا من أوائل الدول التي أيدت قرار روسيا».
وأضاف لـ«القدس العربي»، أن الجميع يعلم أن المعركة بين روسيا والولايات المتحدة قائمة، ولا بد لدمشق أن تقف إلى جانب الأصدقاء والحلفاء. وبخصوص المكاسب التي يتطلع النظام إلى تحقيقها، يقول رحمون «الحسابات هنا تتعلق بالمبدأ، وليس بالفوائد والمكاسب»، مستدركاً: «نتمنى أن يكون هناك فوائد مادية لدمشق، وإن كان الآن الموقف يمثل الوقوف إلى جانب الحق في قضية التوتر بأوكرانيا. وأكمل بقوله: «بدون شك، أن معركة روسيا ضد الغرب تعني دمشق، لأن الأخيرة تخوض الصراع ذاته ضد الغرب أيضاً».
في المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، أن موقف النظام السوري الأخير كان متوقعاً، وفي حديثه لـ«القدس العربي» لا يستبعد خليفة أن تكون زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد التي يجريها لموسكو حالياً مبرمجة مسبقاً لهذا الغرض، ولو كان على حساب مصالح بلاده التي ستتأثر حتماً من تداعيات هذه الخطوة، بسبب رفض المجتمع الدولي لها. ويقول خليفة، إنه بات واضحاً أن النظام في دمشق تحول إلى جزء من محركات السياسة الخارجية الروسية، ويردف أنه «منذ تدخل روسيا في سوريا عام 2015، وموسكو تعزز من توجدها على سواحل البحر المتوسط، بل وأكثر من ذلك أضحت سوريا نقطة الانطلاق للسياسة التوسعية التي ينتهجها بوتين.
ويقول الكاتب السياسي الدكتور باسل المعراوي إن «أحد اسباب تدخل روسيا في سوريا هو الحفاظ على الأنظمة السلطوية القمعية ومنع سقوطها، لذلك لم يكن مستغرباً موقف رئيس النظام السوري من كامل الصراع أو العدوان الروسي على أوكرانيا وتبنى وجهة النظر الروسية، المستغرب هو سرعة تأييد النظام للإجراءات الروسية الأخيرة باعترافها باستقلال جمهورتي الدونباس عن الدولة الأم، ومن ثم إرسال قوات روسية إليها، المفاجئ هو التأييد المطلق قبل مضي ساعات عدة على الإعلان الروسي».
ويرى المعراوي أن هذا الموقف سيقطع آخر الآمال ببعض الدعوات الغربية أو العربية لإمكان تعديل سلوك النظام دون إسقاطه، بل سيعزز الموقف الداعي لعزله.
ويبدو أن الكثير من المراقبين السوريين المناصرين للمعارضة السورية ما زالوا عالقين في «انتظار الأمل» والإنقاذ القادم من الغرب، دون إدراك أن المنطقة والإقليم المؤثر بسوريا يشعر بتراجع كبير للنفوذ الغربي مقابل حضور إيراني روسي صيني، وهو ما يشكل المحور الأكثر تاثيراً في الملف السوري.
“القدس العربي”