حاصرت السيول والأوحال، 12 مخيماً، تضم أكثر من 100 خيمة، كما غمرت المياه المنازل والأقبية نتيجة عاصفة مطرية غزيرة مترافقة برياح شديدة ضربت مناطق شمال غربي سوريا، في ظل غياب حلول فعالة للنازحين الذي يعانون في المخيمات منذ أكثر من 10 سنوات، وسط واقع مرير.
أكثر من 80 عائلة تضررت بشكل كبير في منطقة تؤوي 1.8 مليون نازح
وقالت مصادر محلية لـ «القدس العربي» إن عاصفة مطرية مترافقة برياح عاصفة، هبت على الأرياف الشمالية والشمالية الغربية من سوريا، يومي السبت والأحد، وحاصرت السيول الخيام والسيارات، ودخلت المنازل والأقبية والمجمعات السكنية في ريفي إدلب وحلب. وخلفت العاصفة أضراراً في مخيمات المهجرين التي تؤوي أكثر من 1.5 مليون نازح، ما فاقم معاناة المدنيين الذين يعانون أصلاً من غياب البنية التحتية بالمخيمات، بموازاة تردي أوضاعهم المعيشية وفقدانهم مقومات الحياة الأساسية
دخول المياه إلى المنازل
ونشر الدفاع المدني السوري، بيان الأحد، قال فيه «ضربت عاصفة مطرية مترافقة برياح شديدة مناطق شمال غربي سوريا منذ عصر السبت 30 نيسان وامتدت حتى فجر الأحد 1 أيار، وخلّفت الأمطار الغزيرة والسيول، أضراراً في مخيمات المهجرين». وتركّزت العاصفة المطرية في مناطق الباب واعزاز وجرابلس في ريف حلب وإدلب تضررت بفعل السيول والأمطار والرياح القوية، وبلغ عدد الخيام التي تهدمت أو اقتلعتها الرياح وتضررت بشكل كلي أكثر من 30 خيمة، بينما بلغ عدد الخيام التي تسرب إليها الماء أكثر من 70 خيمة، ويقدر عدد العائلات التي تضررت بشكل كبير بأكثر من 80 عائلة.
ولم تقتصر أضرار العاصفة المطرية على المخيمات، بل امتدت إلى المدن والبلدات وأدت لدخول المياه لعدد من المنازل والأقبية والمجمعات السكنية في اعزاز ومحيطها ومنطقة شويحة والباب وقباسين في ريف حلب واستجابت فرقنا لأكثر من 25 منزلاً دخلتها المياه. وعملت فرق الإنقاذ على فتح قنوات لتصريف المياه، وسحب المياه بعيداً عن الخيام، وجرف الوحل من طرقات مداخل بعض المخيمات لتسهيل حركة المدنيين، ومساعدة المدنيين للوصول إلى خيامهم وإجلاء آخرين إلى أماكن مؤقتة، وإخراج آلياتهم العالقة في الوحل.
وتعرضت المخيمات وفق البيان، خلال هذا الشتاء لعواصف مطرية وثلجية أدت لأضرار في مئات المخيمات وشردت آلاف العائلات، واستجابت فرقنا منذ بداية العام الحالي حتى نهاية شهر شباط لأكثر من 320 مخيماً تضررت فيها أكثر من 3 آلاف خيمةً بشكل جزئي (تساقطت عليها الثلوج بكثافة ومنها ما تسربت إليه مياه الأمطار) و1500 خيمة انهارت بشكل كامل (غمرتها الثلوج والأمطار بشكل كامل) وكانت تقطن في تلك الخيام أكثر من 3800 عائلة، إضافة لانقطاع الطرق إلى تلك المخيمات بشكل كامل خلال الساعات الأولى من العاصفة الثلجية.
ووفقاً لدراسة أعدها الدفاع المدني السوري أواخر عام 2021 يعرض احتياجات النازحين الأساسية في 192 مخيماً في شمال غرب سوريا فقد تعرضت 81% من المخيمات المقيّمة لفيضانات وغرق الخيم، كما عانت 78% منها من عدم وجود وسائل تدفئة مناسبة، وعانت 69% من المخيمات من تشكل مستنقعات المياه والوحل نتيجة سوء حالة الطرق والأرصفة، كما شهدت 66% من المخيمات تمزق واقتلاع الخيم نتيجة الرياح العاتية والأمطار، وتعرضت 40% من المخيمات لصعوبات نتيجة عدم قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول نتيجة سوء حالة الطرق المؤدية للمخيمات.
ويعيش أكثر من 1.5 مليون مدني هجّرهم نظام الأسد وحليفه الروسي في مخيمات على الشريط الحدودي في ريفي إدلب وحلب، وتفتقد المخيمات للبنية التحتية الأساسية من طرقات ومياه وشبكات صرف صحي، وتتكرر مأساة النازحين فيها في كل فصل شتاء بسبب الأمطار التي تغرق الخيام.
ويزيد ضعف أعمال الاستجابة الإنسانية على الصعيد الدولي والمحلي على حد سواء الأوضاع الكارثية التي يعيشها النازحون، في وقت تسعى فيه روسيا لعدم تمديد تفويض آلية إدخال المساعدات عبر الحدود وتحويلها لصالح إدخال المساعدات عبر خطوط النزاع، أي عبر مناطق سيطرة نظام الأسد، لتجعل منها سلاح بيدها وبيد نظام الأسد وتمارس سياسة التجويع والحصار كما مارستها في درعا والغوطة وداريا والزبداني وحمص وحلب، وكما تمارسها الآن في مخيم الركبان.
وطالب الدفاع المدني المجتمع الدولي بإيجاد حل جذري «للمأساة السورية وعدم الاكتفاء بالتعامل مع معالجة بعض النتائج الكارثية للتهجير دون إنهاء المشكلة ومحاسبة النظام على جرائمه وإعادة المهجرين والنازحين، والبدء بحل سياسي وفق القرار 2254 « بما يضمن العيش بسلام والعودة الآمنة لجميع المدنيين» معتبراً أن ذلك ينهي الآلام التي يعانيها السوريون في «مخيمات القهر».
في موازاة ذلك، شنت خلايا تابعة لتنظيم الدولة، أمس، هجوماً على مواقع للميليشيات المدعومة من روسيا في بادية البشري على الحدود الإدارية بين محافظة دير الزور والرقة، ما أدى لوقوع 5 جرحى حالتهم حرجة.
ووفقاً لشبكة بلدي نيوز المحلية، فإن مسلحين استهدفوا ميليشيات الدفاع الوطني والفيلق الخامس المدعومة من روسيا، أثناء قيام الميليشيات بحملة تمشيط تشمل بادية معدان والبشري. وأضاف المصدر، أن الهجوم الذي استخدم فيه المهاجمون قذائف صاروخية، أسفر عن وقوع 5 جرحى نقلوا نحو مدينة معدان في ريف الرقة الشرقي الخاضع لسيطرة قوات النظام، بعد قدوم الطيران الحربي الروسي لأجواء المنطقة وفرار المهاجمين دون خسائر. ونفذ الطيران الحربي، صباح الأحد، نحو 25 غارة جوية في بادية البشري ومحيط الجبل وبادية معدان عتيق، وفقاً للإحداثيات التي منحت من قبل الميليشيات العاملة على الأرض.
ووفقاً للمصدر، فإن الميليشيات الروسية فشلت في العثور على أوكار تنظيم «داعش» أو محاربتها والقضاء عليها بعد مرور 13 يوماً على إطلاق حملة التمشيط في بادية معدان عتيق والبشري على حد سواء، بينما تعرضت قوات النظام الموجودة في محيط جبل البشري، مساء الجمعة 29 نيسان، لهجوم عنيف من قبل مجهولين تكبدت فيه خسائر بشرية وعسكرية.
تعزيزات أمريكية
تزامناً، بدأت القوات الأمريكية في سوريا، منذ أيام قليلة، إعادة تفعيل قاعدتين عسكريتين كانت أخلتهما عام 2019 في محافظة الرقة، ضمن مناطق سيطرة ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي «ب ي د»، وفقاً لوكالة الأناضول التركية. ونقلت شبكة الخابور المحلية، عن مصادر محلية مطلعة لمراسل الأناضول، أن القوات الأمريكية بدأت في الأيام القليلة الماضية العودة إلى قاعدتين كانت أخلتهما قبل وقت قصير من انطلاق عملية «نبع السلام» التي نفذها الجيش التركي بالتعاون مع الجيش الوطني السوري في تشرين الأول 2019.
وأوضحت المصادر، أن روسيا تسعى إلى تعزيز وجودها في محافظة الرقة، ما أشعر الولايات المتحدة بعدم الارتياح ودفعها للبدء بإرسال تعزيزات عسكرية إلى «الفرقة 17» على بعد 7 كم عن مدينة الرقة، و»مطار الطبقة» على بعد 50 كم من المدينة. وأفادت بأن القوات الأمريكية أرسلت عدداً كبيراً من المدرعات و9 عربات من المدرعة المقاتلة «برادلي»، وعشرات الجنود إلى هذين الموقعين، تمهيدا لإعادة استخدامهما كقاعدتين ثابتتين. كما شرعت القوات الأمريكية في إرسال تعزيزات عسكرية إلى «مطار الطبقة» عبر طائرات شحن، حسب المصادر.
ومطلع العام الجاري 2022، تعرضت القوات الأمريكية شرق الفرات لهجمات صاروخية شنتها مجموعات إرهابية تابعة لإيران. وهو ما دفع واشنطن إلى إرسال تعزيزات عسكرية ولوجستية ضخمة على متن مئات الشاحنات عبرت من العراق إلى القواعد الأمريكية في دير الزور والحسكة والرقة شمال شرقي سوريا.
«القدس العربي»