يواصل النظام السوري استثمار الأراضي الزراعية في أرياف حماة الشمالية بعد تهجير أصحابها عند تقدم قواته إليها في الحملة العسكرية التي شنها النظام في تلك المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة في مطلع العام 2020.
وأعلنت وزارة الإدارة المحلية والبيئة، في الحكومة السورية، عن إجراء مزاد علني لاستثمار أشجار الفستق الحلبي اعتباراً من 8 أيار/مايو الحالي ولغاية 14 من الشهر ذاته، في محافظة حماة. وشملت المناطق التي سيجرى فيها المزاد مدن وبلدات اللطامنة، وكفرزيتا، ومورك، ولحايا، وصوران، وغيرها من المناطق التي استعادها النظام من سيطرة المعارضة. وقال عضو «هيئة القانونيين السوريين المحامي عبد الناصر حوشان، وهو من كفرزيتا في ريف حماة، في حديث لـ»القدس العربي»، إن النظام بدأ بالاستيلاء على ممتلكات الأهالي في أرياف حماة، منذ 2019، بعد تقدم قوات النظام في آب/أغسطس 2019 إلى مناطق واسعة في أرياف حماة، وتوسعت بعد بدايات العام 2020، عندما تقدمت قوات النظام أكثر في ريف حماة المحاذي لإدلب.
وأضاف حوشان، وهو أحد الذين تم الاستيلاء على ممتلكاته، أن عمليات المصادرة والنهب للممتلكات بدأت بأوامر من فرع «حزب البعث» في حماة، لدعم صندوق سُمي «صندوق دعم الشهداء» المخصص لمساعدة عائلات قتلى الدفاع الوطني، وذلك كبديل عن الدعم المالي الذي يقدمه النظام لقتلى قوات الجيش النظامي.
ويوضح المحامي، أن المسؤولين عن الصندوق، شرعوا عمليات النهب هذه بقرار من «اللجنة الأمنية العسكرية»، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ «لجنة التحقيق الدولية» الخاصة بسوريا، من قبل «هيئة القانونيين السوريين»، حيث اعتبرت اللجنة في تقرير صادر عنها في العام 2020، ما يجري «جريمة حرب». وحسب حوشان، فإن المسؤولين امتنعوا عن الرد على تساؤلات اللجنة الدولية، ما دفع الأخيرة إلى التأكيد على أن عمليات الاستيلاء هذه تتم بشكل منظم من قبل «الدولة».
وتابع «عضو هيئة القانونيين السوريين» بالإشارة إلى أن إجراءات مماثلة في دير الزور، حيث تم الاستيلاء كذلك على أراض زراعية في ريف المدينة الشرقي، مشدداً على أنه تم توثيق ذلك لدى اللجنة الدولية. وبيّن حوشان، أن الاستيلاء على الممتلكات الخاصة يتعارض مع الدساتير الدولية والمواثيق الأممية، مبيناً أن «الدستور لا يجيز التعرض للممتلكات الخاصة إلا في حالات محددة وعندما يكون الإجراء بهدف المنفعة العامة، وأن تكون بقرار قضائي، والأهم أن يتم تعويض أصحاب الممتلكات بشكل عادل». وتزامن عمليات مصادرة الممتلكات الخاصة مع إعلان الرئيس السوري بشار الأسد عن «عفو الجرائم الإرهابية»، والترويج لـ»المصالحة الوطنية».
وفي هذا الإطار، يؤكد المحلل السياسي فواز المفلح، لـ»القدس العربي» أنه في الوقت الذي يتحدث فيه النظام عن عفو عام عن كل السوريين، فإنه يقوم بالاستيلاء على الممتلكات الخاصة لمعارضيه، بعد تهجيرهم. ويضيف المفلح، أن مصادرة الممتلكات تعطي دليلاً على عدم تغير سلوك النظام، وتبيّن للعالم أن «النظام يواصل عقاب الشعب السوري، وأن عشرات آلاف المعتقلين لا يُعرف مصيرهم». وخلال العامين الماضيين، أعلن النظام عن إجراء أكثر من مزاد علني لضمان استثمار الأراضي المشجرة بالزيتون والفستق لأكثر من مرة، مدعياً أن استثمار هذه الممتلكات يتم «بشكل مؤقت» ولا يؤثر على ملكية أصحابها.
«القدس العربي»