يعيش اللاجئون السوريون أوقاتاً أقلّ ما يُقال عنها عصيّة على الفهم، ويهددها المجهول والفراغ.
في أحد اجتماعات “الزوم” ضمن ورشة تدريبيّة معنونة بـ”تاريخ لبنان الحديث”، أشارت المُحاضِرة إلى أنّ السوريّين الذين احتلّوا لبنان وأكملت… لم أشأ أن أقاطعها آنذاك أو أن أثير ريبة الحاضرين بلهجتي الشاميّة الثقيلة، قفزتُ برشاقةٍ إلى “التشات” وكتبت تعليقاً مفاده: نحن السوريون سنشعر بالكثير من اللطف في حال استبدال كلمة “السوريين” في معرض أحاديثكم عن كرهٍ تاريخي يعج بالويلات والفظائع بـ”الجيش الأسدي” حقاً ستغمرنا السعادة بالتفريق بين جلّاد وضحيّة من باب العدالة على الأقلّ. قدّمت الدكتورة اعتذاراً وشكرتني على الملاحظة، أعرفُ نزاهتها حقّ المعرفة، وأنّ تلك الكلمتين كانتا عن غير قصد، وليس بغرض الإدانة أو الإهانة؛ بل كانتا عاديتين جداً واللبناني يعرف أنّها تقصد السلطة لا الشعب المطحون تحت الرحى، وأعرف أنّ نضال كثر من اللبنانيين/ ات يشبه نضالنا بل يتقاطع معه في أحيان كثيرة، لكن رغماً عنّا نتألّم.
نتعرّضُ منذ تاريخ لجوئنا إلى لبنان في بدايات الثورة السورية وما بعدها إلى الكثير من المواقف المشابهة نبتلعُها كما نبتلعُ شوكة، والاختلاف الكبير عن الموقف أعلاه أنّها في كثير من الأحيان جارحة ومقصودة ومباشرة تنضح بالشوفينيّة والطبقيّة، وأحياناً عبثيّة مجهولة السبب وتتفاوت ردود الأفعال أو آليات المقاومة بدءاً من الصراخ وتراشق الشتائم المتبادَل أو الصمت… الحيرة… التفكير… رغبة عارمة بالبكاء.. التوق للعزلة… انتهاءً بالجنون. في أيّار/ مايو 2019 كنتُ قد تعرّضتُ وقتها لطارئٍ كبير على الصعيد الشخصي اضطررتُ بعدها لتغيير مكان سكني والبحث عن عمل ولا أعلم اللعنة التي حلّت على تفكيري وجعلتني أبحثُ عن شقة صغيرة في جبل لبنان، وهنا أشاء أن أغرق وأغرقكم في تراجيديا اللاجئين وهو مصطلح صغتهُ لأسهب وأحشو المقال بالمعاناة والمأساة كي لا أتهم بأني أندب أو أنّني أبالغ في توصيف الألم، بل هو عن هذا تماماً. بالعودة إلى رحلتي في جبل لبنان للبحث عن شقةِ صغيرة تعرضت للشتيمة والطرد، إمّا على الهاتف فكثيراً ما أغلق الهاتف في وجهي المكلوم.