تشير الطريقة التي هدد بها القائد العام لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، من انفلات تنظيم “داعش” في شرق سورية، وإنذاره بعمليات مقبلة للتنظيم في حال إقدام تركيا على شنّ عمليتها العسكرية على “قسد”، إلى ما هو أبعد من عملية ابتزاز للغرب، وتحذير لهم من عودة “داعش” للنشاط.
كلام عبدي يكشف عن شكل من أشكال تحكّم “قسد” بتحركات “داعش”، وخصوصاً التحركات والعمليات التي من الممكن أن ينفذها داخل المراكز التي تحتجز فيها “قسد” عناصر من التنظيم أو عائلاتهم، من سجون، ومخيمات، أو العمليات التي قد ينفذها على تلك المراكز من خارجها. وتأكيد عبدي حصول قواته على معلومات عن استعداد “داعش” لمهاجمة مخيم الهول، الذي يؤوي عائلات مسلحي “داعش”، يحمل في طياته تهديداً مبطناً من قبل “قسد”، بأن لديها القدرة على دفع التنظيم للقيام بعملية مشابهة للتي نفذها في سجن غويران، وفي التوقيت الذي تراه مناسباً.
كذلك، فإن تهديد “قسد” للمجتمع الدولي بالخطر الذي يشكّله مخيم الهول، لم يكن وليد اللحظة، بل كان المخيم على الدوام وسيلة ابتزاز من قبل “قسد”، سواء لناحية التحذير من فقدان السيطرة عليه وهروب سكانه، أو لناحية قيام “داعش” بعملية يسيطر من خلالها على المخيم الذي يؤوي نحو أربعين ألف نسمة، قسم منهم من عائلات عناصر “داعش”، فيما القسم الأكبر من النازحين العراقيين الذين هربوا من الحرب في بلادهم، وتقطعت بهم السبل، بالإضافة إلى نازحين سوريين.
ويشكّل المخيم ما يشبه المدينة المغلقة التي تحرسها “قسد” من الخارج، فيما تُحكَم من الداخل بشريعة أشبه بشريعة الغاب، يتحكّم فيها مؤيدو فكر التنظيم، الذين يمتلكون أنواعاً مختلفة من الأسلحة التي تُهرّب إليهم من خارج المخيم. ويشهد الهول حوادث قتل شبه يومية بين سكانه، من دون تدخّل الجهة التي تحرس المخيم، ومن دون إعلان “قسد” توقيف مسؤول واحد عن عمليات القتل التي حصدت أرواح المئات. ووثّقت العديد من التحقيقات الصحافية عمليات تهريب الكثير من سكان المخيم إلى خارجه مقابل رشى مالية.
كل تلك الوقائع تضع الكثير من إشارات الاستفهام عن الدور الذي تقوم به “قسد” و”الإدارة الذاتية” بطريقة التعاطي مع ملف “داعش”، والاختراقات الكبيرة التي يقوم بها التنظيم في معظم مناطق سيطرة “قسد”، وخصوصاً في مخيم الهول، وهل الأمر مجرد حالة فساد وإساءة في استخدام السلطة، أم أن الأمر يتعداه إلى تنسيق واستخدام للتنظيم كورقة للابتزاز وتحصيل المكاسب؟
“العربي الجديد”