التقى زعماء الدول الضامنة لمسار أستانا (تركيا وروسيا وإيران) في العاصمة الإيرانية طهران، أمس الثلاثاء، لبحث تطورات الملف السوري، في قمة هي السابعة من نوعها منذ انطلاق المسار عام 2017.
ومساء الإثنين، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران، على رأس وفد ضم وزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو، والدفاع خلوصي أكار، والداخلية سليمان صويلو، والخزانة والمالية نورالدين نباتي، إضافة إلى رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألطون.
وبحسب وكالة “الأناضول” التركية فإن القمة الثلاثية السابعة لمسار أستانا، ستبحث التطورات الحالية في سورية، ومكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد المنطقة وبشكل خاص حزب “العمال الكردستاني” PKK، و”وحدات حماية الشعب” YPG التي تشكل عماد “قسد”.
كذلك ستتم مناقشة الوضع الإنساني، و”العودة الطوعية” للاجئين السوريين إلى بلادهم، وفقاً للمصدر.
وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى أن القمة تهدف إلى تثبيت خفض التوتر في مناطق الاشتباك في سورية، و”محاولة تطمين تركيا عبر المسار السياسي بدلاً من قيامها بعملية عسكرية”.
وقال في تصريح نقلته وكالة “فارس” الإثنين: “تعقد القمة في ظروف، نأمل من خلالها بأن نتمكن من تكريس الهدف المهم لصيغة أستانا، والذي تمثل في خفض التوتر في مناطق الاشتباك”.
كما أشار عبد اللهيان إلى أنه من أهداف القمة الثلاثية “عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم ومنازلهم، والمساعدة في استتباب السلام والاستقرار والأمن في سورية”.
من جانبها، اعتبرت روسيا أن قمة اليوم “مهمة جداً”، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية “الكرملين” دميتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتوجه إلى طهران للمشاركة في الاجتماع، مشيراً إلى أن القمة ستكون “فرصة لمناقشة المشكلات الإقليمية والدولية”.
ومن المتوقع أن تشغل التهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة ضد “قسد” شمالي سورية، الحيز الأكبر من المناقشات خلال هذه القمة التي تعقد في ظل ظروف استثنائية خلقها الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتسعى تركيا إلى تهيئة الظروف السياسية كما العسكرية لتنفيذ عمليتها الخامسة في سورية، والتي أعلن أردوغان أنها ستستهدف مدينتي منبج وتل رفعت بريف حلب.
وأعربت روسيا وإيران في العديد من المناسبات عن رفضهما لتنفيذ تركيا عملية جديدة في سورية، فيما عرضت طهران لعب دور الوساطة بين أنقرة والنظام السوري لتبديد المخاوف الأمنية التركية.
وفي خضم تلك التطورات، عززت إيران حضورها في ريف حلب، كما أشار تقرير لموقع “المونيتور” إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين الميليشيات الإيرانية و”قسد” وقوات النظام في تل رفعت لمواجهة القوات التركية.
وخلال الآونة الأخيرة، تطرقت تقارير عدة إلى إمكانية قيام روسيا المنشغلة في الحرب مع أوكرانيا بتخفيض وجودها العسكري في سورية، والذي سيعوضه بالتأكيد الميليشيات الإيرانية.
ورصد موقع “نداء بوست” انسحاب قوات روسية من مواقع في ريف حمص الشرقي، تلاه انتشار للميليشيات الإيرانية، كما أشارت مصادر خاصة لموقعنا إلى أن الأخيرة أرسلت تعزيزات إلى محاور تل رفعت وبلدتي نبل والزهراء الشيعيتين.
وفي ظل التعقيدات الكبيرة التي تعتري المشهد السوري، فإن السيناريوهات مفتوحة أمام كافة الاحتمالات، فلكل دولة من الدول الثلاث رؤيتها الخاصة للوضع في سورية رغم التوافق في العديد من الملفات.
ويعزز ذلك تبدل أولويات الدول بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وسعيها لتحصيل أكبر قدر من المكاسب، حتى وإن كان ذلك على حساب أحد شركاء أستانا.
فإيران تحث الخطى لفرض واقع جديد بالنسبة لانتشارها على الأراضي السورية، وهو ما بدى جلياً في الجنوب وفي منطقة البادية، ومؤخراً في تل رفعت وشمال حلب.
وكذلك تركيا تسعى أيضاً إلى تحصيل مكاسب في المناطق الحدودية التي تعتبرها مصدر تهديد لأمنها القومي.
أما روسيا التي تواجه عزلة دولية غير مسبوقة، لا تمانع تمدد إيران في سورية بما في ذلك المنطقة الجنوبية، وفي ذات الوقت لا ترغب في خسارة تركيا أو إحداث توتر معها في هذه المرحلة تحديداً.
وتتخذ تركيا موقفاً متوازناً بالنسبة للغزو الروسي لأوكرانيا، حيث عملت على لعب دور الوساطة بين البلدين، ورفضت الانخراط في العقوبات الغربية ضد موسكو، كما أنها انتقدت إرسال الغرب شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا واعتبرت أن ذلك سيطيل أمد الأزمة.
وعليه، فإن إمكانية نجاح تركيا في كسب موافقة إيران وروسيا على عمليتها العسكرية الجديدة، يوازي إلى حد كبير تشبث حليفتا الأسد بموقفهما الرافض للعملية، وأما الاحتمال الأكبر هو اتفاق الدول الثلاث على الحفاظ على متسوى التنسيق بشكل لا يؤدي إلى زيادة التوترات فيما بينها.
“نداء بوست”