بعد اسبوعين من الانتخابات النيابية وغداة بدء ولاية مجلس النواب الجديد، تفتح من اليوم صفحة الخطوات الاجرائية الدستورية لانتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه ومن ثم دخول الاستحقاق الحكومي الاصعب لتأليف الحكومة الجديدة.
ومعلوم ان المجلس الجديد استعاد في سماته العامة العريضة صورة مطابقة تماماً لمجلس 2005 من حيث التوزع السياسي بين غالبية 71 نائبا لقوى 14 آذار و57 نائبا لقوى المعارضة و8 آذار.
ومن اصل 128 نائبا يشكلون مجموع المجلس، ثمة 81 نائبا اعيد انتخابهم فيما جددت الكتل النيابية دماءها بـ47 نائبا جديدا يشكلون ما نسبته 37 في المئة من مجموع النواب.
وطرأت تعديلات على تشكل الكتل حتى ضمن الفريق الواحد. ففي حين حافظت في قوى المعارضة و8 آذار، "امل" و"حزب الله" على كتلتيهما دون تعديل، اضيفت الى "تكتل التغيير والاصلاح" كتلة للنائب سليمان فرنجيه من ثلاثة نواب والنائب طلال ارسلان من نائبين اضافة الى كتلة الطاشناق من نائبين. وتقلصت كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي الى نائبين.
اما في مقلب الاكثرية، التي تشكل كتلة "تيار المستقبل" اكبر كتلها وكذلك اكبر الكتل في المجلس، فقد باتت للكتائب كتلة من خمسة نواب وكذلك لـ"القوات اللبنانية" مع امكان ان ينضم الى الاخيرة ثلاثة نواب آخرون من كتلة زحلة. وثمة عدد من النواب المسيحيين لا ينتظمون في اي حزب او كتلة ما بين دوائر بيروت الاولى وزحلة والمتن، الامر الذي يجعل رسم خريطة الكتل في شكل نهائي رهناً. ببلورة الاتجاهات لاحقا.
وسط هذا المشهد النيابي الجديد القديم، يبدأ اليوم العد العكسي لاستحقاق انتخاب رئيس مجلس المعقود اللواء مبدئيا للرئيس نبيه بري للمرة الخامسة من دون انقطاع منذ عام 1992. وهو المرشح الوحيد للمنصب حاليا.
ويباشر العضو في "كتلة التنمية والتحرير" النائب عبد اللطيف الزين بصفة كونه رئيس السن المداومة في مكتب رئيس المجلس اليوم لممارسة مهمته المحصورة بالاعداد لجلسة انتخاب رئيس المجلس والدعوة اليها.
ورجحت مصادر نيابية في قوى المعارضة أمس ان يوجه الزين الدعوة الى الجلسة اليوم او غداً، على ان يحدد موعدها الخميس المقبل. واستبعدت ان ينال الرئيس بري اقل من 100 صوت، نظرا الى حصوله سلفاً على تأييد كل كتل المعارضة و8 آذار و"كتلة المستقبل" و"اللقاء الديموقراطي" في فريق الغالبية. فيما ينحصر معارضو انتخابه أو الممتنعون عن التصويت بكتلتي الكتائب و"القوات اللبنانية" حتى الآن، ولم يتبلور بعد موقف عدد من النواب المستقلين ضمن قوى 14 آذار.
وأكد النائب الزين امس انه سيباشر عمله اليوم في مجلس النواب تحضيراً لانتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب. وقال انه بين يوم وآخر سيدعو الى جلسة الانتخاب ضمن مهلة الأيام الـ 15. ونفى علمه بترشح احد حتى الآن لمركز نائب الرئيس، مرحباً باعادة النائب فريد مكاري الى هذا المنصب في حال ترشحه. لكنه رفض الحديث عن مقايضة بين رئاستي مجلس النواب والحكومة.
وأعلن رئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع امس ان "ليس لدينا اي مشكلة شخصية مع الرئيس بري (…) ولكن لأجله ولأجلنا نقول إنه اذا كان مرشحاً لرئاسة المجلس ببرنامج 8 آذار فبكل محبة واحترام لن نصوت له".
وفي المقابل، اعتبر رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ان استحقاق انتخاب رئاسة المجلس "اصبح أمراً شبه محسوم"، في حين أشار الى ان استحقاق تكليف رئيس الحكومة وتركيبة الحكومة وطريقة تأليفها "لا تزال مدار بحث".
وتواصلت في هذا السياق اللقاءات التي يعقدها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مع قوى المعارضة وكتلها، فالتقى أمس وفداً من حزب الطاشناق. وجاء في بيان صادر عن اللقاء انه تم "التأكيد خلاله لأهمية المناخات الايجابية التي وفرها التعامل المنفتح والايجابي للمعارضة وتمسكها بخيارات الشراكة الوطنية الفعلية التي تحفظ البلاد وتؤمن البيئة المناسبة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي المطلوب".
وعلم ان السيد نصرالله يطلع حلفاءه على نتائج لقائه رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط. كما ان هذه اللقاءات تتداول الأطر العامة للاستحقاق الحكومي في انتظار الشروع جدياً في الاستشارات المتصلة به بعد ان يسمي فريق الغالبية نهائياً مرشحه لرئاسة الحكومة.
في غضون ذلك، تمنى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير أمس "كل الخير والتوفيق للنواب الجدد مع بدء ولاية المجلس الجديد"، لكنه لم يشأ الخوض في مسألة رئاسة المجلس وقال: "هذا أمر يخص النواب وليس لي ما أقوله في هذا المجال، ومن يختاره النواب هو المرشح الافضل". وسئل هل يؤيد النائب سعد الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة، فأجاب: "نحن نؤيد من يؤيده النواب وهو (الحريري) رجل معروف عنه الاعتدال وهو ابن رجل كان يملأ مركزه ويقوم بخدمة الوطن خير خدمة". وتحفظ صفير عن مسألة الثلث المعطل قائلاً: "لا أفهم بذلك الثلث المعطل، ونحن تعودنا ان يكون هناك فريق يحكم وفريق يعارض".
"النهار"