هي الذكرى السابعة لبداية الاحتلال الروسي لبلادنا بتوطئة من نظام غير شرعي استقدّم مختلف الميليشيات الطائفية العابرة للحدود، ومن خلفها إيران كي يبقى موجوداً على رأس السلطة بالتعاون معهم، ومع ذلك لم يكن كافياً له ذلك فجاء بعدئذٍ بروسيا التي فرضت نفسها بحكم الأمر الواقع كقوة عسكرية على البحر الأبيض المتوسط، وفوضت نفسها بالحصول على امتيازات كبيرة كبناء القواعد العسكرية وتدمير البلاد وتهجير ملايين المدنيين..
خدعة واضحة
نظام الأسد الذي استقدم المحتل الروسي لسوريا بصورة استدعاء (شرعي) من حكومة “معترف بها” حسب الأمم المتحدة، ما هي إلا خدعة واضحة بالنسبة لعموم السوريين لأن الاتفاق على دخول روسيا إلى سوريا، وتفويضها بالملف السوري، ووضع اليد على بلادنا وسط صمت واضح من الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية يعتبر أمراً مريباً للغاية يبعث الشكوك في وجود تفاهمات بين هذه روسيا والولايات المتحدة الأمريكية قد تمت في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، لأن أوباما حين أعلن نيته استهداف نظام الأسد بضربة عسكرية لاختراقه “الخطوط الحمراء” في استخدام السلاح الكيميائي في الغوطتين، ومقتل أكثر من 1400 ضحية جلّهم من الأطفال، تصوّر كثيرون أن نهاية الأسد قريبة، وإذ بصوت طبول الحرب تخمد بسبب اتفاق بين أمريكا وروسيا تحت عنوان “التخلّص” من السلاح الكيميائي للنظام، والانتهاء منه في منتصف عام 2014.
بدء حرب الجحيم
الاتفاق، وكما أظهرت الوقائع لاحقاً، لم يقتصر على السلاح الكيميائي، وإنما تناول قضايا سورية ودولية مختلفة، وظهرت النتائج في 30 أيلول/ سبتمبر 2015 حين دخلت روسيا بقواتها العسكرية وبدء حرب الجحيم ضد الشعب السوري والفصائل المسلحة التابعة للمعارضة، وصولاً إلى وضع اليد الروسية على الملفّ السوري، وإن شاب ذلك بعض التنافس مع المحتل الإيراني الآخر الذي يقوم بفعل أشدّ خطورة مما تقوم به روسيا عبر اختراقه للمجتمع السوري من داخله، والعمل على ولتغيير الديمغرافي والثقافي وغيرهما.
لم يقتصر القصف الروسي على المدنيين وحسب بل ترافق مع ضرب البنى التحتية من مستشفيات ومدارس ومخابز ومراكز صحية ومنشآت تقوم برعاية المواطنين وتأمين الحد الأدنى من وسائل المعيشة لهم، واستخدمت لتحقيق ذلك ـ كما صرّحت مراراً ـ أحدث تقنياتها العسكرية، بما فيها الجديدة التي قامت بتجربتها على رؤوس المواطنين وضدّ وسائل حياتهم.
لذلك كان طبيعياً أن يكون المحتلّ الروسي أحد أهم داعمي النظام في التنصّل من الالتزام بالقرارات الدولية، والقبول بدخول العملية السياسية، رغم ما يحكى عن ممارسة ضغوط روسية لحثّه على الذهاب لجنيف في إطار ما يعرف بالمفاوضات حول اللجنة الدستورية التي لم تتقدّم خطوة واحدة وما تزال تراوح مكانها.
عملياً ورغم التصريحات الغامضة، والملتبسة عن مصير رأس النظام ومستقبل النظام، فالنهج الروسي واضح المنحى باتجاه الحفاظ على النظام ـ ربما مع بعض الرتوشات الطفيفة والسماح لرأس النظام بخوض الانتخابات وكأنه لم يجرم بحق الشعب السوري، وكأنه لا يتحمل المسؤولية الأولى في نكبة الوطن وإبادة أكثر من مليون سوري، وإجبار الملايين على اللجوء والنزوح والهجرة، واعتقال وتصفية مئات آلاف المعتقلات والمعتقلين.
القرارات الدولية
لقد أفسحت أمريكا المجال لروسيا أن تضع يدها على الملف السوري، وما زالت بعيدة عن اتخاذ قرارات بمستوى إجبار النظام على الخضوع للقرارات الدولية، الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن تجنب في خطابه الأخير أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة ذكر سوريا في رسالة مفادها وبشكل واضح أن الملف السوري مازال خارج الأولويات الأمريكية، في أرض بسطت فيها روسيا نفوذها.
ورغم الإقرار بالدور الروسي المفروض في العملية السياسية حسب قرار مجلس الأمن 2254، والحاجة إلى خوض مفاوضات ولقاءات مع المحتل الروسي للوصول إلى حلول تفضي إلى حل سياسي خصوصاً بعد زيادة التعقيدات السياسية المستمرة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، إلا أن كل ذلك لا يلغي حقيقة أن طبيعة الوجود الروسي كقوة احتلال موصوفة، ولا يُنسي الشعب السوري ما قامت به من جرائم بحقه، ومن دعم نظام قاتل يقف ضد مصالح وإرادة الشعب السوري في إقامة الدولة المدنية وتحقيق حلم السوريين.
رئيس مجلس إدارة المنتدى السوري
“القدس العربي”