تصاعدت الدعوات لوقف إجراءات الترحيل التي تواصل السلطات التركية تنفيذها بحق اللاجئين السوريين على أراضيها، وذلك بعد الكشف عن هوية ضحايا حادثة انقلاب الحافلة التي كانت تقل لاجئين سوريين من إسطنبول إلى مراكز الترحيل في جنوب شرق تركيا.
وبعد يومين على الحادث المروري، تبيّن أن الشابين السوريين الذين فارقا الحياة، يحملان بطاقات “حماية مؤقتة”، ومع ذلك قامت السلطات التركية بترحيلهم. وقد تم التعرف على هوية القتيلين، الأول يدعى محمود الحاج علي /26 عاماً/ غير متزوج ويعمل في مجال الخياطة في مدينة كوجالي التابعة لولاية إزميت، وكان الحاج علي في مدينة إسطنبول بغرض العمل، وليس للإقامة.
وأوضحت أن الشاب الذي يحمل بطاقة شخصية صادرة عن ولاية إزميت توجه إلى إسطنبول لغرض شراء لوازم خياطة للورشة التي يعمل بها في مدينة كوجالي، مؤكدة أنه يحمل إذن عمل رسمي. والثاني هو أحمد موسى المسلط /29 عاماً/ المتحدر من ريف دير الزور، المتزوج والأب لطفل واحد هو الضحية الثانية، وفق المعلومات ويحمل بطاقة شخصية صادرة عن ولاية شانلي أورفا التركية.
وصبيحة الاثنين، انقلبت حافلة تابعة للشرطة التركية في ولاية سيواس، وهي في طريقها من إسطنبول إلى ولاية ديار بكر، وعلى متنها 45 راكباً، جلهم من اللاجئين السوريين الذين تم احتجازهم في مركز توزلا في إسطنبول، وأسفر الحادث الذي وقع بسبب سوء حال الطرق نتيجة الأمطار، عن مقتل سوريين اثنين، وإصابة آخرين، بعضهم في وضع صحي حرج. ويؤكد الحادث المروي حدوث عمليات الترحيل “القسري” التي تتم بحق اللاجئين السوريين، رغم نفي تركيا لهذه الأنباء، تحت مبرر أن السوريين الذين عادوا إليها فعلوا ذلك “طوعاً”.
وأكد سوريون لـ”القدس العربي”، أن إجراءات الترحيل القسري لم تتوقف، حيث يتم ترحيل كل لاجئ منهم لا يحمل بطاقة شخصية “كملك” صادرة عن الولاية التي يتواجد فيها، وكذلك كل لاجئ يتنقل بين الولايات دون إذن سفر، وكل المحكومين بتهم جنائية دون النظر إلى الحكم الصادر بالبراءة.
ويقول الناشط الحقوقي طه الغازي، إن الشابين هما من ضحايا الإجراءات التعسفية التركية، موضحاً لـ”القدس العربي “أنه “لا يحق للشرطة التركية ترحيل أي لاجئ سوري يحمل بطاقة الحماية المؤقتة خارج تركيا، لأن قانون الحماية المؤقتة لا يُعطي للشرطة تنفيذ هذا الإجراء”، منوهاً بأن “قانون الحماية المؤقتة ينص على إعادة اللاجئ السوري إلى الولاية التي استخرج منها البطاقة، وليس إلى الشمال السوري”. ويشير إلى أن تركيا من بين الدول الموقعة على اتفاقية عدم إعادة طالبي اللجوء القسرية، والاتفاقية تُعتبر من أهم مبادئ حقوق الإنسان دولياً، حيث تمنع هذه الاتفاقية إعادة اللاجئ إلى مكان يشكل خطراً عليه، حتى لو كان موطنه.
وهنا يشير الناشط الحقوقي إلى مقتل الشاب السوري عامر العلي قبل أيام جراء إصابته بقصف قوات النظام لمخيمات إدلب، وذلك بعد إعادته “قسراً” من تركيا إلى سوريا قبل مدة وجيزة، كما يؤكد الغازي، الذي يضيف أن “حادثة مقتل الشاب تثبت أن الشمال السوري ليس آمناً لإعادة اللاجئين السوريين، على النقيض من حديث تركيا عن أن الشمال السوري بات آمناً”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد كشف في وقت سابق عن خطة إعادة مليون ونصف مليون لاجئ سوري إلى الشمال السوري “الآمن”. وهنا يلفت الغازي إلى تقرير لجنة التحقيق الخاصة بسوريا التابعة للأمم المتحدة، الصادر في أيلول/سبتمبر الماضي، الذي جاء فيه أن “كل الجغرافيا السورية ليست بيئة آمنة لإعادة اللاجئين”، متسائلاً “كيف تتجاهل السلطات التركية ذلك، وتجبر اللاجئين على التوقيع على أوراق العودة الطوعية؟”. وقبل أسبوعين، أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ترحيل السلطات التركية لمئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين لديها إلى سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية.
“القدس العربي”