أطلق متظاهرون في إيران هتافات منددة بالنظام خلال جنازة فتى قالت عائلته إنه قُتل على أيدي القوات الأمنية، على ما أعلنت مجموعة حقوقية ومرصد.
ونزل مئات الأشخاص إلى شوارع مدينة إيذة بجنوب غرب إيران خلال جنازة كيان بيرفالاك البالغ تسع أو عشر سنوات، حسبما أظهر تسجيل مصور نشرته منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها النروج، ومرصد “1500تصوير”.
اتهامات لقوات الأمن
وقالت والدته خلال مراسم الجنازة، إن كيان أصيب الأربعاء برصاص قوات الأمن علماً أن مسؤولين إيرانيين شددوا على أنه قُتل في هجوم “إرهابي” نفذته جماعة متطرفة.
وتُسمع والدته وهي تقول خلال المراسم “اسمعوا مني كيف حصل إطلاق النار، لا يسعهم القول إنه قتل على يد إرهابيين لأنهم يكذبون”. وتضيف ” قوات بلباس مدني أطلقت النار على طفلي. هذا ما حصل”.
وفي انتقاد للرواية الرسمية للأحداث، هتف متظاهرون “الباسيج، سباه… أنتم داعشنا”، على ما يُسمع في تسجيل نشرته المنظمة الحقوقية. والباسيج هي قوات تابعة للحرس الثوري، فيما سباه تسمية أخرى للحرس الثوري القوي.
وفي تسجيل آخر نشره المرصد يُسمع متظاهرون وهم يهتفون “الموت لخامنئي”، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقالت مواقع إعلامية معارضة خارج إيران إن قاصر آخر هو سبهر مقصودي (14 عاماً) قُتل بالرصاص في ظروف مماثلة في إيذة الأربعاء. كذلك ردد المشاركون في تشييع جثمان آرتين رحماني أحد الأطفال الذين قتلوا في مجزرة إيذه، هتافات “الموت لخامنئي”.
وكثيرا ما تحولت جنازات إلى تظاهرات في حركة الاحتجاج التي بدأت عقب وفاة الشابة مهسا أميني في 16 أيلول/سبتمبر، بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقوانين اللباس الإسلامي.
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن سبعة أشخاص دُفنوا، بينهم فتى عمره تسعة أعوام، مضيفاً أنهم قتلوا على أيدي “إرهابيين” كانوا على متن دراجات نارية. ونقلت وكالة فارس للأنباء المرتبطة بالحرس الثوري عن حاكم محافظة خوزستان صادق خليليان قوله إن “عناصر أجنبية” تقف وراء ما حدث.
وقال هادي قائمي مدير”مركز حقوق الإنسان في إيران” ومقره نيويورك: “كيان بيرفالاك، تسع سنوات، وسبهر مقصودي 14 سنة، هما من بين 56 طفلا على الأقل قتلتهم القوات الأمنية الساعية لسحق ثورة 2022 في إيران”.
وقالت “منظمة حقوق الإنسان في إيران” ومقرها أوسلو إن شعارات منددة بالنظام أُطلقت في مدينة تبريز (شمال) خلال جنازة أيلار حقي، طالب الطب الذي يقول نشطاء إنه قتل إثر سقوطه من مبنى، محملين قوات الأمن مسؤولية ذلك.
وأظهر مقطع مصور من تبريز استخدام قوات الأمن الإيرانية للقمع، لإنهاء مراسم تشييع آيلار حقي، إحدى ضحايا الاحتجاجات في المدينة.
إنذار بقمع أعنف
يأتي ذلك فيما أثارت اتهامات إيران لأعداء غربيين بمحاولة إشعال “حرب أهلية” عبر تأجيج التظاهرات، التحذيرات من أنها قد تنذر بقمع أكثر عنفاً.
وتتصاعد المخاوف من انزلاق إيران نحو مزيد من أعمال العنف بعد حادثتي إيذة وأصفهان. وسارع المسؤولون في إيران إلى اتهام “إرهابيين” مدعومين من أعداء غربيين بالوقوف وراء الهجومين في إيذة وأصفهان.
والهجوم هو الثاني الذي تنسبه السلطات إلى “إرهابيين” منذ اندلاع الاحتجاجات، بعد استهداف لمرقد ديني في مدينة شيراز في تشرين الأول/أكتوبر، أدّى الى مقتل 13 شخصاً وتبنّاه تنظيم “داعش”. غير أن محللين يقولون إنه بغض النظر عن منفذي الهجومين الأخيرين، فإنهما قد يتسببان بردٍ أكثر عنفاً على التظاهرات.
وقال الخبير في شؤون إيران لدى معهد واشنطن هنري روم: “ليس لدينا فهم جيد لما حدث في إيذة وأصفهان — هل كانت مجموعة إرهابية، أو احتمال أن يكون النظام نفسه؟”.
وأضاف لوكالة فرانس برس، “أيا كان الأمر، فإن الحكومة ستستخدم على الأقل الهجومين لتوجيه رسائل مفادها أن التظاهرات تقوض الأمن القومي وتفتح الباب أمام إرهاب مدعوم من الغرب”. وتابع: “الحكومة تسعى على الأرجح لاستغلال مخاوف من أن تكون إيران على مسار حرب أهلية وبأن المطلوب تحرك أقوى”.
من جهتها، قالت المحللة في شؤون إيران لدى “مشروع التهديدات الخطيرة” في معهد المؤسسات الأميركي كيتا فيتزباتريك إن الحملة الأمنية للنظام بعد الهجوم في إيذة، المدينة ذات التنوع العرقي في محافظة خوزستان تأتي “عقب نهج أوسع من وحشية الشرطة في المحافظات المضطربة تاريخياً، وخصوصا تلك التي يقطنها عدد كبير من أفراد الأقليات العرقية المهمشة”.
وأضافت لفرانس برس إن “مجموعات مثل تنظيم داعش… قد تكون بصدد محاولة الاستفادة من التظاهرات لتنفيذ هجمات داخل الحدود الإيرانية”. لكنها تابعت أن “بعض المحللين يلاحظون عدم اتساق بين الهجمات الأخيرة في إيران وهجمات داعش المعتادة”.
واعتبرت أن “النظام سيسعى على الأرجح لاستخدام تلك الهجمات، بغض النظر، واستغلالها لتبرير قمع الاحتجاجات المتواصل”.
“المدن”