أثارت دعوة رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين، إلى عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب في موسكو، بمشاركة تركيا والنظام السوري ودول أخرى، تساؤلات عن هدف موسكو من هذه الدعوة، وما إن كانت الدعوة تأتي ضمن الجهود التي تبذلها روسيا في سبيل تقريب وجهات النظر بين تركيا والنظام السوري وصولاً إلى التطبيع الكامل، وإجراء لقاء بين الرئيس رجب طيب أردوغان، والرئيس السوري بشار الأسد.
وكان فولودين، أعلن الثلاثاء، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب في أنقرة، في ختام زيارة أجراها إلى تركيا، التقى خلالها أردوغان، وبحث العلاقات الروسية – التركية، أن روسيا ستعقد مؤتمراً لمناقشة الإرهاب في المنطقة والعالم، تشارك فيه تركيا وسوريا وإيران والصين وباكستان وغيرها من الدول. ولم يحدد فولودين موعد المؤتمر الذي تُحضر له روسيا، وكذلك لم يكشف عن مستوى التمثيل فيه.
وتزامنت دعوة روسيا للمؤتمر مع تأكيد الرئيس التركي أردوغان أن بلاده طلبت دعم روسيا بخصوص شمال سوريا، قائلاً: “ناقشنا مع روسيا اتخاذ خطوات مشتركة معها في شمال سوريا، حيث تسعى أنقرة لتنفيذ عملية برية”. وأضاف “طلبنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاتخاذ قرارات مشتركة، وربما العمل معاً لاتخاذ خطوات في شمال سوريا”. وبذلك، يبدو أن الدعوة الروسية للمؤتمر لا تخرج عن إطار المساعي التي يبذلها الكرملين لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، حيث تريد موسكو البناء على حاجة تركيا والنظام السوري إلى التنسيق بينهما لمكافحة التهديدات “الإرهابية”، للانتقال إلى مباحثات على المستوى السياسي.
وفي هذا الاتجاه، يرى الباحث في مركز “الحوار السوري” الدكتور محمد سالم، أن موسكو تركز على التقريب بين تركيا ونظام الأسد بهدف تسويق الأخير وشرعنته دولياً.
ويلفت في حديثه لـ”القدس العربي” إلى إعلان أردوغان استعداده لعقد لقاء مع الأسد، في الوقت الذي يمانع فيع الأسد عقد مثل هذا اللقاء قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقررة في حزيران/يونيو 2023، حتى لا يعطي الرئيس التركي ورقة انتخابية قبل الانتخابات. وبالتالي، يعتقد سالم أن الهدف من المؤتمر الذي دعت إليه روسيا، هو فرض رؤيتها السياسية وتصدير دعايتها، لأن مفهوم “الإرهاب” هو من المفاهيم المسيسة، حيث تسعى موسكو إلى إعادة تعريف هذا المفهوم بمواجهة الولايات المتحدة.
أما الخبير بالشأن الروسي، بسام البني، فيقول إن روسيا لم تخف يوماً رغبتها بعقد لقاء بين أردوغان والأسد، مستدركاً: “لكن الدعوة إلى المؤتمر من جانب روسيا لا تقتصر على هذا الهدف، لأن الإرهاب يحتاج إلى تحديد وتعريف ومقياس”. ويقول لـ”القدس العربي”، بالمجمل قد يخدم هذا المؤتمر ما تسعى إليه روسيا أي عقد لقاء بين أردوغان والأسد، في موسكو، رغم أن الأخيرة تعمل على الملفات بشكل منفصل.
وكان رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب قد اعتبر أن “وجود أرضية صادقة وقائمة على الثقة بين تركيا وروسيا أسهمت بشكل كبير في تطور العلاقات بين البلدين”.
وأضاف أنه بحث مع نظيره الروسي خلال الاجتماع العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية ودولية، قائلاً: إن “العلاقات التركية الروسية وصلت مرحلة متقدمة على المستوى السياسي وعلى مستوى حكومتي البلدين وفي المجالين الاقتصادي والتجاري”. ولفت إلى وجود أرضية صادقة وقائمة على الثقة بين تركيا وروسيا، وصداقة وتقارب رئيسي البلدين، لهما أهمية كبيرة في تطور علاقاتنا، مشيراً إلى أن اتفاق اسطنبول لشحن الحبوب من الموانئ الأوكرانية يعد تجسيدًا للعلاقات الصادقة والقائمة على الثقة بين البلدين.
“القدس العربي”