يتهم مناهضو زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني باستغلال العمليات الانغماسية التي نفّذها مقاتلوه ضد مواقع قوات النظام خلف خطوط الجبهات الفاصلة بينهما شمال غرب سوريا، لتبرئة نفسه من التسريبات الأخيرة بالتعاون مع النظام التي “خلخلت علاقته بحاضنته الشعبية فضلاً عن مقاتليه ومسؤوليه” بحسب تأكيدهم.
وشهد كانون الأول/ديسمبر، 8 عمليات انغماسية مباغتة خلف نقاط التماس مع قوات النظام، في تصعيد هو الأعنف على محاور القتال منذ تثبيت خطوط السيطرة على الأرض ووقف إطلاق النار في أب/أغسطس 2020، قامت بها نخبة من القوات الخاصة في ألوية وكتائب تحرير الشام، وتوزعت على جبهات أرياف إدلب الجنوبي وحلب الغربي واللاذقية وحماة الشماليين.
لكن تلك العمليات المباغتة للنظام، كانت أيضاً مباغتة للحاضنة الشعبية التي كادت أن تفقدها تحرير الشام في مناطقها، بعد تسريبات من سلفيين مناهضين للجولاني انشقوا عنه سابقاً بسبب انحرافه عن المنهج، لكن لا يزال مشهوداً لهم بالصدق ضمن حاضنة تحرير الشام نفسها.
ردٌ على التسريبات
وتحدثت التسريبات عن لقاءات مع مسؤولين في النظام السوري في درعا جنوب سوريا، ومشاركة قياديين ومسؤولين في تحرير الشام بالقتال في العمليات الأخيرة ضد تنظيم “داعش” هناك، فضلاً عن تنسيق مسبق بين الجولاني وروسيا من أجل نقل تجربة اللواء الثامن إلى إدلب، بعد التصالح مع النظام السوري.
ويقول المحامي المنشق عن تحرير الشام عصام الخطيب ل”المدن”، إن قيادة الهيئة كانت تمنع مثل تلك العمليات حتى على العناصر المنضوين في صفوفها إضافة إلى الفصائل الأخرى العاملة ضمن سيطرتها باعتبارها المسيطرة والمتحكمة بالمشهد العسكري بالمنطقة، لكن الذي تغيّر اليوم هو تلك التسريبات التي خرجت من شخصية لها ثقلها وهو السلفي المصري المنشق عن تحرير الشام طلحة المسير “أبو شعيب”.
ويؤكد الخطيب نقلاً عن قيادات داخل تحرير الشام، أن تصريحات المسير “أحدثت زلزلاً مدوياً وصل إلى حد تعليق البعض لعمله داخل الهيئة، عدا عن تساؤلات باتت تطفو على السطح من قبل عناصر ومسؤولين فيها”، وبالتالي باتت الحاجة مُلحة لتقديم “حُقن مُخدرة” عبر السماح مؤقتاً بمثل تلك العمليات، معتبراً أنه “لو كان الجولاني جدياً، لرأينا عشرات العمليات في اليوم الواحد لا في الشهر، وذلك لوجود الرغبة لدى شريحة كبيرة من مقاتلي الهيئة المخدوعين بالجولاني، بقتال النظام كانغماسيين”.
عمليات وهمية إعلامية
وأشار الخطيب إلى وجود تضخيم إعلامي لبعض العمليات الانغماسية، حيث أن بعضها لا يتجاوز عمليات إطلاق النار من مسافات بعيدة، وتُقدم من قبل الإعلام الرسمي والرديف في تحرير الشام، على أنها أدّت لعشرات القتلى بالنظام.
ويتفق الحقوقي المنشق عن تحرير الشام أبو يحيى الشامي مع الخطيب، ويقول ل”المدن”، إن الطريقة الاستعراضية لقيادة تحرير الشام في بث العمليات بإصدارات دعائية تشيد بالإنجازات وتعد بالمزيد، هي منهج موروث من تنظيمات أخرى وتعودنا عليه.
أما حجم ما تحققه هذه العمليات المحدودة هو “أمر قدري يزيد وينقص، لكنه لا يحرر شبراً من أرضنا” وفق الشامي، مؤكداً أن عنصر تحرير الشام “يتأثر” بالعمليات المحدودة والإصدارات الفيلمية الاحترافية، وتكون حجة جاهزة له للرد على من ينتقد قيادته أو فصيله.
وإذ يؤكد أن تنقل عناصر تحرير الشام بين إدلب ودرعا “أمر معروف ومؤكد يعرفه كل من يتبع الى الهيئة، يبررونه بأنه مقابل أموال تدفع للميليشيات التابعة للنظام”، يلفت إلى أنهم لا يستطيعون تبرير تعاون أتباع الهيئة في درعا مع فصائل التسوية ضد داعش أو المتهمين بتبعيتها، فتكون العمليات المحدودة والإصدارات الفيلمية أداة مزاودة جاهزة لهم.
“المدن”