يستمر النظام السوري في تجيير المساعدات الدولية لصالحه من خلال الفارق السعري الكبير لصرف الدولار بين سعره الحقيقي في السوق السوداء والتسعيرة الرسمية المفروضة على المنظمات الغربية المانحة.
ولم تحدّث الأمم المتحدة تسعيرة صرف الدولار أمام الليرة السورية على موقعها الرسمي بالرغم من رفع النظام السوري تسعيرة الصرف الخاص بنشرة الصرافة والمصارف إلى 4522 ليرة ما يجعل الفارق الكبير بين السعرين يصل إلى 50 في المئة.
ويشير مدير الملف السوري في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية كرم شعار إلى أن سعر الصرف المفروض على الأمم المتحدة من جهة النظام لا يزال 3 آلاف ليرة. ويؤكد ل”المدن”، أن “هناك احتمالاً في أن يكون موقع الأمم المتحدة قد تأخر في تحديث السعر، لكن هذا لا ينفي تحقيق النظام لمكاسب ضخمة من الفوارق بين تسعيرة الصرف المتدنية المفروضة على المنظمات الدولية وسعر الصرف العادل والرائج في السوق السوداء”.
تدخل سلبي
ويمكن فرز التدخل السلبي للنظام في أموال المساعدات الدولية إلى نوعين: نهبٌ مباشرٌ مثل إجبار مؤسسة أممية على التعاقد مع رجال الأعمال المقربين من النظام، والنوع الآخر يشمل تغيير الاستخدامات المناطة بالمساعدات وتجييرها لصالح النظام.
ويلمح شعار إلى أن استفادة النظام من فوارق سعر الصرف هي خليط من هذين النوعين وتكمن المشكلة الأساسية في الغياب التام للشفافية عند المصرف المركزي فجميع التفاصيل المتعلقة بحركة الأموال غير متاحة للعامة.
ويفنّد شعار المزاعم التي يروج لها النظام والمتعاطفون معه داخل المنظمات الدولية والتي تتعلق بعدم الرغبة في الضغط لتثبيت سعر الصرف الحقيقي كون بعض العائدات الناتجة عن فوارق سعر الصرف تذهب للواردات، مؤكداً أن “هذا المنطق مرفوض مع غياب الشفافية عن مؤسسات النظام الذي تصنف حكومته ثاني أكثر حكومة فسادا في العالم”.
ويلاحظ حالة عدم الاكتراث من قبل الدول الغربية المتضررة من هذا الفارق بسعر الصرف بالتوازي مع غياب أي ضغط من جهة هذه الدول على الأمم المتحدة لتقوم بدورها بإجبار النظام على العمل بسعر الصرف الحقيقي.
لا رقابة بسبب المخاطر
ويرى وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري أن المنظمات الدولية تخشى من سطوة النظام لا سيما بعد وقوع ضحايا تابعين للأمم المتحدة في العام 2013.
ويضيف المصري ل”المدن”، أن العاملين في مناطق سيطرة النظام معرضون للخطر في حال حاولوا تغيير معادلة تجيير المساعدات الدولية التي تشكل مورداً كبيراً للنظام من خلال إصدار نشرات متفاوتة لسعر الدولار، تخلق فارقا سعرياً كبيراً.
ويصعب على الأمم المتحدة -بحسب المصري- القيام بإجراءات تتعلق بالرقابة على توزيع المساعدات في مناطق النظام، ويلاحظ أن الجمعيات التي تتولى توزيع هذه المساعدات تدور في فلك أسماء الأسد.
ومن جانب آخر تحفّز المكاسب الكبيرة الناجمة عن تجيير المساعدات الدولية، روسيا على الضغط لحصر إدخال المساعدات عن طريق النظام السوري لأن هذه المساعدات تحول إلى أموال يتم صرفها حصراً في المصرف المركزي بالسعر الذي يفرضه على هذه المنظمات.
“المدن”