بالنسبة إلى وزير الأمن القومي المتطرف ايتمار بين غفير فإن الرد على إجلاء بؤرة استيطانية تتكون من 5 منازل متنقلة “كرافانات” على مشارف بلدة جوريش شرق مدينة نابلس هو “تطبيق القانون على العرب” وهذا يعني بالنسبة إلى 200 فلسطيني يعيشون منذ عشرات السنين في منطقة الخان الأحمر الهدم والتهجير.
وعاد سكان الخان الأحمر الذين تعود أصولهم إلى قبيلة الجهالين البدوية، التي طُردت على يد عصابات الاحتلال الصهيونية من النقب الفلسطيني عام 1952، إلى واجهة الأحداث في الضفة الغربية ومنطقة القدس بعد إصرار بن غفير على تهجير السكان فورا.
وتحشد صباح اليوم عشرات المسؤولين والقيادات الفلسطينية ليكونوا جزءا من تصاعد دعوات شعبية دعت لها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، بالتعاون مع أقاليم حركة “فتح” وفصائل العمل الوطني لدعم سكان المنطقة حيث حملت كلماتهم رفض مخططات الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة بهدم وترحيل السكان.
يذكر أن قرار التهجير تم تجميده منذ عام 2018، بعد حملة شعبية ودولية استمرت عدة شهور لمنع تنفيذ قرار الهدم.
وبحسب عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد فإن الأطماع الإسرائيلية في الخان الأحمر ليست جديدة، فمنذ سنوات طويلة يخطط الاحتلال لمحاصرة القدس، عبر توسيع المستوطنات وإقامة البؤر الاستيطانية، لتقطيع أوصال الضفة الغربية وتقسيمها بين شمالها وجنوبها، عبر إزالة أي تجمع فلسطيني في تلك المناطق.
وأضاف الأحمد: “لقد عاد نتنياهو الهارب من قضايا الفساد بالتحالف مع أقذر القوى اليمينية المتطرفة العنصرية أمثال بن غفير وزمرته، في محاولة لإزالة أي تجمع فلسطيني قرب القدس، لكن سنبقى صامدين في كل تلة، وفي كل منطقة تذهب إليها أنت وقطعان المستوطنين لنحول دون تحقيق حلمكم باقتلاعنا عن أرضنا”.
وتحدث في الحشد الذي لا يتجاوز مئة شخص رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان حيث اعتبر أن الخطة الدائمة لمواجهة قرار الاحتلال بهدم الخان الأحمر تتمثل بالصمود على هذه الأرض.
وأكد شعبان أن الشعب الفلسطيني سيبقى صامدا على هذه الأرض، ولن يسمح بفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها ووسطها، ولن يسمح بالحلم الصهيوني بالقدس الكبرى.
وأشار إلى أن المخطط الإسرائيلي يهدف من خلال هدم الخان الأحمر لإنهاء القضية الفلسطينية وإنهاء أي بصيص أمل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وبحسب نائب محافظ القدس عبد الله صيام فإنه إلى جانب تجمع الخان الأحمر فإن هناك 45 تجمعاً بدوياً في التجمع الشرقي من مدينة القدس، وهي مناطق تعيش نفس المعاناة والقلق.
وأضاف: “نؤكد أننا متمسكون بهذه الأرض وهذا واجبنا، ولن يثنينا عن حماية أرضنا أي شيء، وما يسعى الاحتلال بنشره للخوف لن يثني شعبنا الذي لن يهزم مهما بلغت التحديات”.
وتخدم مدرسة الخان الأحمر نحو 160 طالباً حيث يخشى الطلبة من تنفيذ التهديدات بهدم المدرسة والتجمع ككل.
وفي تصريحات صحفية قال المواطن يوسف أبو داهوك، من أهالي قرية الخان الأحمر إن الأهالي يستشعرون الخطر في كل لحظة.
وتابع معلقا على مشهد إخلاء “بؤرة جوريش” أن الاحتلال يقوم على تهيئة المجتمع الدولي بإزالة القرية من خلال الصور التي قدمها من جوريش حيث أزالوا بؤرة استيطانية أقيمت لمدة 24 ساعة.
ووصف الفعل الإسرائيلي بالمخادع، وأشار: “جاء ذلك حتى يقولوا للمجتمع الدولي إنهم أزالوا بؤرة غير قانونية، وسيهدمون الخان الأحمر لأنه غير قانوني، وبالتالي هم يهيئون المجتمع الدولي لاقتراب تنفيذ القرار”.
وتصاعدت دعوات فلسطينية للتصعيد ردا على مطالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي ايتمار بن غفير بإخلاء “الخان الأحمر” بشكل فوري.
وطلب بن غفير خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي الأحد الماضي التهجير الفوري للسكان مؤكدا: “لن أقبل بأي حال من الأحوال حالة يتم فيها إخلاء وتدمير البؤر الاستيطانية اليهودية فقط، بينما يواصل العرب البناء بشكل غير قانوني في جميع أنحاء الضفة الغربية، يجب تطبيق القانون على الجميع”.
ويسكن نحو 190 فلسطينيا من عشيرة الجهالين البدوية، في التجمع، منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي، بعد أن هجرتهم إسرائيل من منطقة “النقب” عام 1948.
ويحيط بالخان الأحمر عدد من المستوطنات اليهودية؛ حيث يقع ضمن الأراضي التي تستهدفها السلطات الإسرائيلية لتنفيذ مشروعها الاحتلالي المسمى “E1”.
وسبق أن كشف الاحتلال عن مخطط جديد وضعته حكومة الاحتلال، يهدف إلى إزالة قرية “خان الأحمر”، على أن يتم إعادة بناء قرية أخرى تبعد نحو 300 متر عن الموقع الأصلي.
وبحسب الباحث المقدسي فخري أبو دياب فإن بن غفير يريد أن يطرد العرب جميعاً من الأراضي الفلسطينية لتصفية هذا الوجود في فلسطين ومن القدس تحديداً، وبما أنه استلم منصبا يستطيع من خلاله تجسيد أفكاره على أرض الواقع، فإنه سيحاول طرد المقدسيين بعدما فشل ووجد صعوبة في تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
شبه جيش نظامي
وفي سياق متصل اقتحم مستوطنون بزي عسكري، مساء أمس، منزلا في تجمع عرب المليحات غرب مدينة أريحا.
وقال المشرف على منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات إن 6 مستوطنين مسلحين، اقتحموا منزل المواطن محمد سليمان مليحات في تجمع عرب المليحات، قبل أن يتصدى لهم الأهالي في المنطقة.
وشدد مليحات أن المستوطنين يشكلون ميليشيات شبه عسكرية حيث حاولوا استجواب قاطني المنزل بعد طلب هوياتهم.
واعتبر مليحات الحدث بأنه “استثنائي” لكون المستوطنين تنكروا بزي عسكري في إشارة إلى أنهم حاولوا تقديم أنفسهم كقوات أمنية نظامية.
وشدد مليحات أن المستوطنين قاموا بمهاجمة التجمعات أكثر من مرة، حيث اعتدوا على متضامين أجانب كانوا في مسار سياحي، كما قاموا بإغلاق المياه عن التجمعات البدوية، إلى جانب تنفيذ كمائن وسط التجمعات البدوية.
ويرى أن ميليشيات المستوطنين وممارساتهم تهدف إلى خلق حالة من الرعب في محاولة لدفعهم على الرحيل، واعتبر أن ما يقومون به بمثابة دور مكمل لدور حكومة الاحتلال بهدف السيطرة على الأرض وافراغها من الوجود الفلسطيني وهو ذات الأمر الذي يحدث في منطقة الخان الأحمر.
ويصف مليحات البدو بأنهم مشتبكون ليلا ونهارا مع المستوطنين ويتحلون بالصبر، وهم مرتبطون بأراضيهم غير أنهم بحاجة إلى مزيد من الدعم من كافة فئات الشعب الفلسطيني.
وأضاف: “لا يجوز تركهم في صراعهم المفتوح لوحدهم، ندعو كل القطاعات والمؤسسات الحكومية والأحزاب بالانخراط في نضال البدو”.
ووصف المحامي مليحات صمود البدو في مناطقهم بأنها حالة ممارسة سياسية تتلخص بالحفاظ على الأراضي الفلسطينية، فصمودهم يشكل حالة ذات بعد جيوسياسي حيث تتنعم الأراضي التي يعيشون فيها باحتياطي ضخم من الأراضي والمياه والثروات الطبيعية.
ويرى مليحات أن الاستيطان الرعوي جزء من الهجمة الاستيطانية ضد التجمعات البدوية، فهم يسيطرون على الأرض من خلال تربية المواشي حيث يرفعون شعار “حيثما تضع أغنامنا أقدامها فإن تلك الأرض لنا”.
ويحذر من أن السيطرة على مساحات شاسعة تعني أن البدوي يمنع من دخولها، وهو ما ينعكس سلبا على اقتصاد البدو، ويقلل من الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الحيواني. ويقود لسياسة افقار البدو ويزيد من نسبة البطالة.
وطالب مدير مركز البيدر بخطة شاملة توضع من المختصين وبمشاركة البدو في التجمعات المختلفة تضمن دعم صمودهم ماديا وسياسيا. والعمل على إبراز قضايا التجمعات البدوية كقضية سياسية وطنية وليست قضية اغاثية.
القدس/ “القدس العربي”