يستغل الإعلام الرسمي والموالي أحداث الزلزال الذي ضرب تركيا والشمال السوري للهجوم على المجتمع الدولي، وتحميله مسؤولية عدم قدرة الحكومة على مواجهة الكارثة بسبب العقوبات الغربية المفروضة على النظام السوري.
وتحت وسم “#ارفعوا_العقوبات_عن_السوريين” طالب إعلاميون وفنانون ومؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي برفع العقوبات الدولية عن سوريا، كما طالب الهلال الأحمر السوري الثلاثاء، الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن سوريا وتقديم مساعدات في أعقاب الزلزال المدمر، حيث قال رئيس المنظمة خالد حبوباتي: “أناشد جميع بلدان الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا”، مضيفاً: “آن الآوان بعد هذا الزلزال” لفعل ذلك. وتابع: “رجاء أوقفوا وارفعوا العقوبات الاقتصادية”.
ذريعة غير مقبولة
ويقارن الباحث في مركز “جسور للدراسات” خالد التركاوي بين خطاب النظام السوري فور اندلاع جائحة كورونا مطلع العام 2020 وبين خطابه عقب الزلزال الحالي، مؤكداً تشابه هذا الخطاب في الحالتين.
ويضيف التركاوي ل”المدن” أن “ذريعة النظام في كلا الخطابين كانت العقوبات الغربية على سوريا وتداعياتها، وهي ذريعة غير مقبولة نظراً لتمكن النظام من عقد صفقات خاصة بالجيش دون تأثير للعقوبات الغربية على إجراء هذه الصفقات”.
وفي حالة الزلزال، يحاول النظام استعمال حجة العقوبات لتسييس أكبر حادثة طبيعية تصيب البلاد، ويتابع التركاوي بأن المجتمع الدولي يدرك عدم مصداقية النظام السوري الذي لا يزال يحصل على مواد غذائية وقمح ومواد طبية من أوكرانيا والصين وسواهما، كما تكتظ جبهات القتال بالآليات الثقيلة مثل الجرارات وآليات حفر الخنادق.
ويرى التركاوي أن تجاوب المجتمع الدولي مع الحملة التي يشنها النظام لرفع العقوبات واستجرار المساعدات سيكون ضعيفاً، باستثناء بعض الدول الراغبة بالتطبيع كالإمارات على سبيل المثال.
إعادة تعويم النظام
ويحاول النظام السوري الاستفادة من أي فرصة من أجل إعادة تعويمه، فهو يوحي بأن العقوبات هي السبب وراء فشله بإدارة الأزمة الناجمة عن الهزات الأرضية، وهي من تقف خلف البطء الشديد الذي يواكب عمليات إنقاذ الضحايا من تحت أنقاض المباني، وهذه مغالطة كبيرة بحسب حديث الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي ل”المدن”.
ويضيف علاوي أن “قانون قيصر وبقية العقوبات الغربية تستثني الحالات الإنسانية والإغاثية وبالتالي لا يوجد حصار مفروض على المواد اللازمة لهذه الحالات”.
ويعزو علاوي عدم تدفق كميات كبيرة من المساعدات لمناطق النظام إلى أن الأضرار الناجمة عن الزلزال في المناطق التي يسيطر عليها النظام (حلب، حماة، اللاذقية) ليست كبيرة مقارنة بحجم الأضرار والخسائر البشرية في مناطق سيطرة المعارضة أو في الولايات التركية، وهذا ما يجعل المساعدات الإنسانية مركزة على تركيا.
ويتابع علاوي بأن عدم ثقة دول غربية كثيرة بالحكومة السورية يقف عائقاً أمام المساعدات، إضافة إلى أن النظام لا يستطيع تقديم التسهيلات والحماية لفرق الإغاثة والإنقاذ.
وبالفعل، فقد دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الثلاثاء، روسيا إلى المساعدة في الضغط على النظام السوري للسماح بدخول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون أي عقبات إضافية. مضيفة أنه “من المهم تنحية الأسلحة جانباً الآن وتركيز كل الجهود في المنطقة على المساعدات الإنسانية وعلى انتشال الضحايا وحمايتهم” موضحة أن “كل دقيقة تحدث فارقاً”.
“المدن”