السفير الاسرائيلي الجديد في واشنطن مايكل اورن طمأن فريد زكريا في برنامجه الشعبي على شبكة "سي إن إن" الى ان "اسرائيل لاتزال بعيدة عن النظر في امكان مهاجمة ايران"، وان "حكومة اسرائيل تؤيد نهج اوباما ازاء ايلان والقاضي بوجوب تجربة القناة الديبلوماسية اولا".
طبعا هذا الجواب الديبلوماسي الهادف الى تبريد اجواء الخلاف الاميركي – الاسرائيلي، لم يقنع زكريا – مدير تحرير "نيوزويك" واكثر المحللين تقديرا في اميركا – ولم يطمئن احدا. فزكريا يعلم، واسرائيل نفسها تقول انها قبلت على مضض بخيار اوباما. لكنها في الوقت ذاته تتوقع فشل هذه السياسة، وتسأل نفسها منذ الآن كيف سيكون رد فعل واشنطن، اذا رفضت طهران التفاوض.
الاسرائيليون يعتقدون ان امام واشنطن، في مثل هذه الحال، ثلاثة خيارات:
الاول: فرض عقوبات شديدة على ايران، وتضييق الحصار عليها. وهذا خيار لا يرى الاسرائيليون فرصة لنجاحه، نظرا الى انه يحتاج الى مساعدة روسيا والصين. ودون ذلك اثمان باهظة، وفواتير مرتفعة، ولا احد يضمن نجاحه.
الثاني: ان تتغلب في واشنطن فكرة التسليم بايران نووية، والعمل على احتوائها وردعها، على غرار ما كان يحصل في الحرب الباردة. وهذا خيار مر بالنسبة الى اسرائيل.
الثالث: الخيار العسكري، وهو الاقرب الى قلب اسرائيل والابعد عن قلب اميركا. واشنطن لا تزال تعتقد ان ضرب ايران لن يأتي بالضرورة بالنتائج المرجوة، ومن شأنه تقوية النظام وتقليص احتمالات سقوطه، وسيعجّل بالقرار بصنع القنبلة النووية وقد يشعل الشرق الاوسط كله. اما تل ابيب فترى العكس، اي ان الشعب الايراني اليوم ليس في الوضعية ذاتها عندما اجتاح صدام الاراضي الايرانية ودفع بالايرانيين الى الالتفاف حول الامام الخميني. تعتقد ان ضربة جوية "جراحية" دقيقة وحاسمة من شأنها على الاقل، تأخير المشروع النووي سنوات، وان طهران تدرك ان إحراقها حقول النفط في الخليج سيشعل حقولها هي ايضاً، وان إغلاقها مضيق هرمز سيوقف تصدير نفطها كذلك.
وحماسة اسرائيل لضرب ايران لا تضاهيها حماسة، لكن اسرائيل تسأل نفسها ايضاً: اين مكمن الخطر الايراني؟ وهل هو في القنبلة ام في النظام؟ وهل يجب ضرب المفاعل النووي، ام اسقاط النظام؟
والسؤال يجر السؤال: بما ان الاضطرابات الداخلية في ايران التي اعقبت الانتخابات الرئاسية اظهرت ضعفا في النظام وجعلت شرعيته في خطر، فمن يسبق من؟ حيازة حكام طهران القنبلة ام سقوط النظام؟
وبالنسبة الى اسرائيل، فان ايران في سعيها الى امتلاك القنبلة النووية قطعت شوطا طويلا وتوقفت قبل خطوة من خط النهاية حتى تتجنب دفع الاثمان الدولية المترتبة على امتلاكها القنبلة. لكنها الآن تملك المعرفة، والتقنيات، والصواريخ اللازمة لاجتياز خط النهاية. وبما ان وضع النظام بات مرتبطا بحيازة القنبلة، فهل يدفع باتجاه الاسراع في الحصول عليها لضمان امساكه بالسلطة؟ وتاليا من على اسرائيل ان تهاجم: القنبلة التي اقتربت من لحظة الحقيقة، او النظام الذي بات في منتصف الطريق بعد انفجار ازمته؟
اسرائيل تصحو وتنام على الهاجس النووي الايراني، ومن غير نتنياهو يخلّص اسرائيل من هذا الكابوس المزعج؟ ولكن هل يجرؤ على مثل هذا القرار ويخالف بذلك سجله السياسي "الناصع" من القرارات الكبرى؟
الأغلب انه هو والرهط الكبير لمستشاريه في الشأن الايراني الذين يرافقونه كظله، سيمضون الوقت الضائع في البحث عن اسئلة جديدة تنفي الاجوبة عن الاسئلة التي سبقتها !
"النهار"




















