نشرت صحيفة “الغارديان” افتتاحية حول الانتخابات التركية، معلقة أن النتائج هي خطوة نحو الاستبداد.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، أربك استطلاعات الرأي، وهو في الطريق ليمدد حكمه إلى عقد ثالث. وأشارت إلى أنه في الطريق للانتخابات، كانت هناك أرضية جيدة للاعتقاد بوجود إمكانية لطي صفحة الديكتاتوية القومية لأردوغان، بحسب قول الصحيفة، فقد وحّد أسلوبه الملكي الرئاسي ومنح الرئاسة سلطات تنفيذية.
ووضعت استطلاعات الرأي، منافس الرئيس كمال كليتشدار أوغلو في الطريق إلى السلطة وفي المقدمة. وأعلن أوغلو الذي كان يتطلع للفوز أنه سينهي الانتخابات في الجولة الأولى. إلا أن ذلك التفاؤل لم يكن “للأسف” في محله، فقد كان أردوغان هو الفائز في الجولة الأولى تقريبا، ولكنه حقق نسبة 49% من أصوات الناخبين، أما كليتشدار أوغلو فقد حصل على نسبة 45%.
وفاز التحالف الذي يقوده الرئيس، وزعيم حزب العدالة والتنمية، بانتخابات البرلمان، وسيعوّق هذا النصر جهود المعارضة لإعادة الديمقراطية البرلمانية في تركيا بعيدا عمّن سيفوز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد أسبوعين. ولم ينته سباق كليتشدار أوغلو بعد، إلا أن الرئيس الحالي حصل على تميز من خلال الزخم الذي قدمه فوز تحالفه بالبرلمان، وهذا يعني أن يوسع أردوغان حكمه لعقد ثالث، على الأرجح.
كل هذا رغم معدلات التضخم التي وصلت إلى 50% والناجمة عن رفض رفع سعر الفائدة، والخيبة الواسعة من الرد البطيء للحكومة على الزلزال.
وبالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة التي كانت تأمل بأن تؤدي الانتخابات لفوز المعارضة، فخمس سنوات أخرى من حكم أردوغان هي تطور ليس مثيرا، خاصة قبل مرحلة حاسمة في أوكرانيا. وبالنسبة للذين سيعانون من تآكل الحقوق المدنية في الديمقراطية غير الليبرالية، فانتكاسة الأحد هي خيبة أمل مُرة، ونذير شؤم.
وعانت الأقلية الكردية والصحافيون المعارضون والمطالِبات بحقوق المرأة والمثليون من القمع السياسي، حيث عزز أردوغان شعبيته من خلال الحروب الثقافية، والتركيز على الإرهاب والأمن. ولو نجا أردوغان في الجولة الثانية، فإنها هذه ستكون أهم تحد للديمقراطية والرغبة في نقل بلاده بعيدا في طريق الاستبداد.
وأمام كليتشدار أوغلو وتحالفه المنكمش، أسبوعان لقلب السباق الرئاسي الذي أربك توقعاته. وفي سياق الإعلام المعادي والمتحيز لصالح أردوغان فإن المهمة كبيرة. ولو أرادت المعارضة النجاح، فإن عليها التقدم بين صفوف العناصر الأقل قومية في خارج المدن، والتي تأثرت بالخطوات التي اتخذتها الحكومة من أجل تخفيف الأزمة الاقتصادية الناتجة عن التضخم.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن أردوغان عن زيادة بنسبة 45% في أجورالقطاع العام، وهي خطوة من خطوات عدة مثل تخفيض أسعار الكهرباء، وتقديم الغاز لمدة شهر مجانا. ولكن الأزمة الاقتصادية التي تسببت بالمعاناة والتضخم الخارج عن السيطرة، لم تمنع أردوغان من إقناع الطبقة العاملة المحافِظة بأنه الزعيم الأفضل لحماية مصالحهم. وحتى يستطيع كليتشدار أوغلو إقناع عدد كاف منهم لتغيير موقفهم، فمنظور الديمقراطية سيظل كئيبا على المدى القصير، وفق رأي الصحيفة.
“القدس العربي”