تثير المضايقات الروسية للمقاتلات الأمريكية في الأجواء السورية قلق واشنطن، التي لا زالت تكتفي بالتحذير من خطورة تكرار هذه الحوادث مؤخراً، في الوقت الذي أرجعت فيه مصادر عسكرية خاصة لـ”القدس العربي” الهدف من زيادة التحرشات من جانب روسيا هو دفع الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من سوريا.
وأُجبرت طائرة استطلاع أمريكية على الطيران بشكل مضطرب بعد أن حلقت طائرة مقاتلة روسية بالقرب منها فوق سوريا، على حد تأكيد وكالة ”أسوشيتد برس” الأمريكية الثلاثاء، ناقلة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الحادث ”تصعيد كبير في سلسلة من المواجهات بين الطائرات الأمريكية والروسية في سوريا خلال الأسابيع الماضية”، وتابعوا بأن ”اعتراض الطائرة الروسية SU-35 أعاق قدرة الطاقم الأمريكي على تشغيل طائرتهم MC-12 بأمان”، واصفين الحادث بأنه ”مستوى جديد من السلوك غير الآمن الذي قد يؤدي إلى وقوع حادث أو خسائر في الأرواح”.
المسؤولون الأمريكيون لم يوضحوا تفاصيل عن مدى قرب الطائرة الروسية من الطائرة الأمريكية، واكتفوا بالإشارة إلى أن ”الطائرة الأمريكية ”MC-12″ هي طائرة ذات محركين توربينيين، تستخدم بشكل روتيني من قبل قوات العمليات الخاصة، وكانت تقوم بالمراقبة لدعم العمليات ضد ”تنظيم الدولة” في سوريا”.
يأتي ذلك، بعد أيام من تأكيد مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية أن بلاده تدرس خيارات للرد على الاستفزازات الروسية للقوات الأمريكية في سوريا، وتأكيده أن واشنطن قلقة من تنامي العلاقات بين روسيا وإيران والنظام السوري. وأوضح أن الولايات المتحدة تدرس عدداً من الخيارات العسكرية لمواجهة العدوان الروسي المتزايد في سماء سوريا، الأمر الذي أدى إلى تعقيد الجهود لضرب زعيم تنظيم الدولة، مشدداً على أن ”الولايات المتحدة لن تتنازل عن أي منطقة وستواصل الطيران في الجزء الغربي من سوريا في مهام ضد تنظيم الدولة”. وتابع بأن الولايات المتحدة شهدت مزيداً من التعاون والتخطيط وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين قادة روس وآخرين من ”فيلق القدس” الإيراني متوسطي المستوى في سوريا، للضغط على الولايات المتحدة لسحب القوات من سوريا.
وفي تصريح خاص لـ”القدس العربي” يقول رئيس مركز ”رصد للدراسات” العميد عبد الله الأسعد، أن ”تواجد روسيا في سوريا يعطل بعض مصالح أمريكا في منطقة الشرق الأوسط”. ويضيف أنه بمقدار حرص روسيا على البقاء في سوريا، نجد الأمر ذاته لدى أمريكا، ويمكن تلمس ذلك من خلال إرسال التعزيزات العسكرية إلى القواعد الأمريكية في سوريا بشكل مستمر، ونشر منظومات دفاعية متطورة.
وقال، يبدو أن قناعة تعويض الانكفاء الأمريكي في سوريا سابقاً هي السائد في واشنطن حالياً، معتبراً أن ”زيادة التحرشات الروسية بالجيش الأمريكي يأتي محاولة لتغيير هذه القناعة”. ويتفق مع الأسعد نائب قائد ”الجيش السوري الحر” السابق العقيد مالك الكردي، مضيفاً لـ”القدس العربي” أن ”المضايقات الروسية للطائرات الأمريكية تعكس حالة من التوتر الشديد بينهما في المنطقة، ولزيادة الضغط على واشنطن لسحب قواتها من سوريا”. وأشار إلى تنفيذ الجيش الأمريكي مؤخراً مناورات وتدريبات لتشكيلات سورية حليفة (جيش سوريا الحرة، قسد، الصناديد)، بهدف احتواء التشكيلات التابعة لروسيا وإيران، وقطع خطوط الإمداد الإيراني من العراق، وبنفس الوقت فإن ذلك يهدد النفوذ الروسي ويضعف تأثيره في المنطقة.
وفي رأي الكردي فإن الروس في حالة ضعف وتخبط بعد محاولة تمرد ميليشيا ”فاغنر”، وقال ”ما سبق يجعل الولايات المتحدة أكثر جرأة في مناطق النفوذ الروسي، في حين لا يمتلك الروس وهم في حالة عجز تام عن المواجهة إلا بالمضايقات هذه، علماً أن روسيا لن تذهب إلى أبعد من التحرش”. وفي تموز/يوليو الجاري، جرى الإعلان عن 3 حوادث اعتراض مقاتلات روسية لطائرات مسيرة أمريكية في أجواء سوريا.
“القدس العربي”