هيئة التحرير – (الغارديان) 4/8/2023
أصبحت المبادئ العظيمة والمصالح الكبيرة على المحك في الجهود الرامية إلى نقض الانقلاب العسكري الذي حدث في النيجر في تموز (يوليو). ونيجيريا محقة في أخذ زمام المبادرة.
الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر في 26 تموز (يوليو)، والذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيًا محمد بازوم، هو حدث محوري له عواقب محلية وإقليمية وعالمية. بشكل مباشر، يهم الحدث بطبيعة الحال أكثر ما يكون النيجر نفسها وسكانها الذين يقدر عددهم بنحو 27 مليون نسمة، والتي يُعد متوسط دخل الفرد فيها من بين أدنى المعدلات في أفريقيا. ومع ذلك، في عالم متعدد الأقطاب وغير مستقر ترتبط فيه الجغرافيا السياسية والموارد الطبيعية ارتباطًا وثيقًا لا ينفصم، ويتشابك فيه الضرر المناخي والهجرة أيضًا، تكون النيجر بشكل حتمي بيدقًا على رقعة لعب أكبر.
حقق السيد بازوم، الذي تم انتخابه في العام 2021، إنجازات مرتبطة باسمه. اقتصاد البلاد ينمو بنسبة 6 في المائة هذا العام. وتم تعزيز تعليم الفتيات. وانخفض عدد القتلى جراء عنف الإسلامويين. وكانت النيجر أيضا حليفاً رئيسيًا للغرب في منطقة الساحل، حيث وفرت قاعدة للحملات التي تُشن ضد المقاتلين الإسلامويين وتتلقى حوالي ملياري دولار سنويًا من مساعدات التنمية. وكان لكل من فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للبلد حتى العام 1960، والولايات المتحدة أكثر من 1.000 جندي ينتشرون في النيجر. وكان لدى ألمانيا وإيطاليا أعداد أقل من الجنود. وكانت لدى الولايات المتحدة قاعدة للطائرات من دون طيار بالقرب من الحدود الليبية في الشمال.
ومع ذلك، يبدو أن سبب الانقلاب هو معركة سلطة عتيقة الطراز على القصر بين الرئيس وكبار القادة العسكريين. وكان بازوم قد أقال مؤخرًا رئيس أركان الجيش وأجبر قادة عسكريين آخرين على التقاعد. وورد أن رئيس حرسه الرئاسي، الجنرال عبد الرحمن تشياني، سيكون التالي على القائمة. ولذلك، ربما لا يكون مفاجئًا أن يكون الجنرال تشياني قد ظهر منذ 26 تموز (يوليو) على رأس المجلس العسكري الذي أطاح برئيسه السابق.
من الصعب قياس رد الفعل الشعبي النيجري على الانقلاب بدقة. كانت هناك لافتات مناهضة لفرنسا ومؤيدة لروسيا في المظاهرات التي جرت في شوارع العاصمة نيامي. ولا شك أن المشاعر المعادية لفرنسا تشكل عاملاً، وقد أثارت استياء صناع السياسات في باريس. لكن الاستجابة الدولية كانت واضحة أيضًا. فقد ندد مجلس الأمن الدولي، بدعم روسي وصيني، بالانقلاب. وتم تعليق برامج المعونة للبلد.
مع ذلك، قد تكون ردة الفعل الإقليمية أكثر أهمية. كان انقلاب النيجر جزءًا من اتجاه خطير ومزعزع للاستقرار. في السنوات الأربع الماضية، نشأت أنظمة حكم جديدة تحت تهديد السلاح في كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا -وأكثر من مرة في بعض الحالات. وترى حكومات أخرى في المنطقة أن استقرارها يخضع للتهديد هو أيضًا، وكذلك “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا” التي تضم 15 عضوًا.
تواجه ”المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا” اختبارًا كبيرًا. ولهذه لمنظمة سجل طويل في محاولة الحفاظ على المعايير الديمقراطية في المنطقة. ويجد دورها المساعدة من حقيقة أن الدولة التي ترأسها حاليًا هي نيجيريا، القوة العظمى الإقليمية. وقاد الرئيس النيجيري الجديد، بولا تينوبو، الذي كان قد أُجبر هو نفسه على العيش في المنفى بسبب انقلاب عسكري في شبابه، ردة الفعل على الانقلاب، قائلاً إنه يجب رسم خط في الرمال ووضع حد لما يجري. في عهد تينوبو، جعلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من نفسها محور محاولات الإطاحة بالانقلابيين. وقد حددت المجموعة نهاية هذا الأسبوع موعدًا نهائيا للعودة إلى الحكم المدني. قال مسؤول كبير لبودكاست ”تشاتام هاوس” هذا الأسبوع: “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مصممة جدًا على أن تجعل النيجر مثالًا”.
وهذه الاستجابة الإقليمية الصارمة مهمة. وهي أيضا الطريقة الأفضل والأكثر فعالية لهزيمة الانقلابيين واستعادة الديمقراطية بسرعة. وهذه أهداف عاجلة مرغوبة. ثمة معركة مبادئ تدور في منطقة الساحل. يجب تقويض الانقلاب وتصحيح الوضع. وفي ما ينطوي على الحكمة، لا القوى الغربية ولا الإقليمية تريد أن ترى تدخلاً في البلد بقيادة الغرب. لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن فعل أي شيء. يبدو أن الجهود التي تبذلها “المجموعة الاقتصادية لدول غرب” أفريقيا لتضييق الخناق على الجنرال تشياني وعصابته تؤتي ثمارها. ويُظهر انقطاع التيار الكهربائي في نيامي مدى فعاليتها. وسيكون الدعم الغربي لاستجابة قوية من المجموعة الاقتصادية المسار الأكثر حكمة من جميع النواحي.
*نشر هذا المقال الافتتاحي تحت عنوان: The Guardian view on the Niger putsch: regional pressure holds the key
“الغد”