بعد أيام من قرار إدراة معرض فرانكفورت للكتاب تأجيل منح جائزة أدبية مرموقة للروائية الفلسطينية عدنية شبلي، مراعاة لمشاعر إسرائيل ومناصريها؛ تلقّى الحدث الأدبي ردّاً مفاجئاً من نصير غير متوقع للحقّ الفلسطيني متمثلاً في الفيلسوف الأميركي-السلوفيني سلافوي جيجيك.
ففي حفلة افتتاح المعرض، أمس الثلاثاء، وخلال إلقائه كلمة، دافع الفيلسوف الشهير عن حقوق الإنسان وكرامة السكّان الفلسطينيين في قطاع غزة، الذي يتعرّض حالياً لعدوان همجي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما أثار ضجة واسعة في افتتاح الحدث الأدبي المرموق. وقال جيجيك إنه “يدين هجمات حماس على المدنيين الإسرائيليين”، لكنه شدّد على أنه “يجب على المرء أيضاً الاستماع إلى الفلسطينيين والنظر في خلفيتهم إذا أردنا فهم الصراع”.
وجاء جيجيك في كلمته على قرار إدراة المعرض إلغاء حفلة تكريم الروائية الفلسطينية، مشيراً إلى أنه “صُدم من الموقف الألماني”. وكان من المقرر أن تحصل عدنية شبلي على جائزة LiBeraturpreis الأدبية، التي تكرّم الكتّاب من الجنوب العالمي، لكن الحفلة ألغيت “بسبب الحرب في إسرائيل”، وفقاً للجمعية الأدبية الألمانية التي تنظّم الحدث.
وتأتي مشاركة سلافوي جيجيك في معرض فرانكفورت ضمن فعاليات الاحتفاء بسلوفينيا، الدولة الضيفة لنسخة هذا العام. وقال الفيلسوف في كلمته إن الهجمات الإسرائيلية وضعت “ملايين الفلسطينيين في وضع مستحيل”، قبل أن يقاطعه مفوّض معاداة السامية في ولاية هيسن، أوي بيكر، ويعتلي المنصّة لمجادلته، متهماً إياه بـ”إضفاء طابع نسبي على هجوم حماس”، قبل أن يغادر القاعة رفضاً لخطاب الفيلسوف المنادي بضرورة الاستماع إلى رواية الجانب الفلسطيني. ودافع السلوفيني عن نفسه، مشيراً أيضاً إلى أنه يدين هجمات الفصائل الفلسطينية، معترفاً بأن لإسرائيل الحقّ في الدفاع عن نفسها، لكنه أضاف “لكي تفهم ما يحدث هناك، عليك أيضاً أن تنظر إلى رؤية الفلسطينيين. ولن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط من دون حلّ القضية الفلسطينية”.
وانتقد جيجيك ما سمّاه “حظر التحليل” في هذا الموضوع، مشيراً إلى أن جميع المتحدثين السابقين على المنصّة تحدّثوا عن إسرائيل، لكن أحداً لم يتحدث عن الفلسطينيين. وأعرب جيجيك عن أسفه لأن العرب الفلسطينيين ظلّوا في “حالة من النسيان” منذ تأسيس دولة إسرائيل، مشيراً إلى أنه “يتمّ التعامل مع الفلسطينيين كمشكلة فحسب، والدولة لا تُظهر لهم دوراً إيجابياً”. واعتبر قرار تأجيل تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي في معرض الكتاب “مخزياً”.
وقال جيجيك إنه فخور بوجوده في معرض الكتاب، مضيفاً “أنني أشعر أيضاً بالخجل قليلاً لوجودي هنا”. وخلال الخطاب غادر بعض الضيوف القاعة، كما تعالت بعض صيحات الاستهجان قرب نهايته، التي قال فيها جيجيك إن “معرض الكتاب هو المكان المناسب للكلمات الحرّة، وعلينا أن نكون قادرين على التعبير عنها هنا”. وأعرب عن امتنانه لمعارضة الجمهور، لكنه ممتن أيضاً لأنهم تمكنوا من سماع الخطاب حتى نهايته: “من المهم أن نستمع لبعضنا البعض”.
وكانت وزيرة الثقافة الألمانية كلوديا روث (حزب الخضر)، والرئيسة السلوفينية ناتاشا بيرك موسار، وعمدة فرانكفورت مايك جوزيف (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، ووزيرة العلوم في هيسن أنجيلا دورن (حزب الخضر)، قد دانوا خلال كلماتهم الافتتاحية الهجوم الذي نفذّته “حماس” من دون التطرّق بكلمة إلى وضع الفلسطينيين.
“المدن”