دمشق – «القدس العربي»: اقتحم محتجون مقر حزب البعث في مدينة السويداء، بعد دعوات واسعة للمشاركة بالإضراب العام الذي دعا إليه الحراك السلمي بالمحافظة جنوب سوريا، بينما لوّح النظام السوري بعصا تنظيم الدولة الإسلامية ضد الأهالي حيث نقلت وكالة النظام الرسمية “سانا” ضبط “الجهات المختصة مستودعاً كبيراً للذخيرة في بادية السويداء كان يستخدمه إرهابيو تنظيم الدولة لإمداد مجموعاته” في اعتداءاتهم على المناطق الآمنة في المنطقة الجنوبية من سوريا.
وصباح أمس الثلاثاء، مزق متظاهرو السويداء صور بشار الأسد ورموز النظام السوري، كما أتلفوا التقارير الأمنية في مقر الشعبة الشرقية لحزب البعث، ودخلوا مكتب نقيب المهندسين الزراعيين، احتجاجاً على تدخل حزب البعث في العمل النقابي.
وتجمع العشرات أمام مبنى نقابة المهندسين الزراعيين في السويداء استجابة لدعوات أطلقها نشطاء الحراك السلمي “رفضاً لتغول حزب البعث على النقابات”.
المتحدث باسم شبكة “السويداء 24″، ريان معروف، قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن العشرات من أهالي السويداء استجابوا لدعوة الإضراب التي أطلقتها فعاليات الحراك السلمي، حيث شهدت الطرق الرئيسية الثلاثاء، إغلاقاً مؤقتاً للطرق والشوارع الرئيسية وصفه ناشطون بالرمزي.
وأضاف: “اقتحم عشرات المحتجين الغاضبين مقراً لحزب البعث العربي الاشتراكي، وسط مدينة السويداء، وهو ما يعرف بالشعبة الشرقية، وأزالوا صور ورموز البعث من المبنى، وأفرغوا كامل محتوياته من ورقيات ومستندات وتقارير، لتتناثر في الشارع المقابل للمقر”.
وأشعل المحتجون الإطارات في عدة نقاط، منها طريق دمشق السويداء بالقرب من مدينة شهبا، وبلدة عتيل. كما شهدت بلدتا مفعلة وقنوات شمال شرق مدينة السويداء، والمزرعة في الريف الغربي، وصولاً إلى القريّا والغارية، حراكاً مماثلاً وصولاً إلى جنوب المحافظة.
وقال معروف: “استمر إغلاق الطرق بالإطارات حوالي الساعتين، دون أن يشل المحتجون حركة السير، حيث سمحوا للسيارات والحافلات بالمرور. وقدّم المحتجون القهوة للمارة، مع منشورات ورقية تحتوي عبارات تدعو الناس للمطالبة بحقوقها المسلوبة”.
بالتزامن مع قطع الطرق، تجمع عدد من المهندسين الزراعيين أمام نقابتهم في مدينة السويداء، احتجاجاً على المؤتمر السنوي المرتقب في النقابة تحت رعاية حزب البعث. ودخل المهندسون مع بعض المحتجين إلى داخل مبنى النقابة، والتقوا مع نقيب المهندسين معبرين عن رفضهم لهيمنة البعث.
وحسب شبكة “السويداء 24” جاء هذا التصعيد من الحراك السلمي في السويداء المستمر منذ نحو سبعة أشهر، نتيجة “محاولة حزب البعث بالعودة إلى المشهد في المحافظة، وموجة الغلاء والتدهور المتسارع في دخل الناس”، وفق إعلان المنظمين في يوم الأمس. ووجه المحتجون من خلال هذا التحرك رسالة “أن لا عودة لحزب البعث، وأن حقوق الناس لا يمكن التلاعب بها”.
فيما وجه المنظمون دعوة جديدة للمشاركة الأربعاء في مظاهرة ستنطلق من أمام صالة 7 نيسان في مدينة السويداء، مقر التسويات التي استأنفت الأسبوع الماضي، ذلك لأن “الأجهزة الأمنية هي أول من انتهك وينتهك القانون، وتلك التي تُسمّى (تسوية) هي عمل غير قانوني، ولا سند لها في القانون”.
وفي موازاة الحراك السلمي في السويداء واقتحام المتظاهرين لمبنى حزب البعث، وتمزيق صور بشار الأسد، أعلن النظام السوري “ضبط الجهات المختصة مستودعاً كبيراً للذخيرة في بادية السويداء كان يستخدمه “تنظيم الدولة الإسلامية” لإمداد مجموعاته في اعتداءاتهم على المناطق الآمنة في المنطقة الجنوبية من سوريا”.
ونقلت “سانا” عن مصدر أمني قوله: “بعد إلقاء القبض على عدد من متزعمي التنظيم بكمين محكم وبناء على اعترافاتهم تم ضبط مستودع ذخيرة كان يستخدمه التنظيم كنقطة إمداد وتذخير لعناصره في المنطقة الجنوبية يضم كميات كبيرة من الأسلحة، من بينها مضادات طيران عيار 23 مم ومذخرات معدنية وغيرها”. وأضاف: “الجهات المختصة تتابع واجبها في ملاحقة عناصر التنظيم الإرهابي ومتزعميه حتى تطهير كامل التراب السوري من رجس الإرهاب”، وفق المصدر.
ولترجمة هذه الرسالة، قال النقيب رشيد الحوراني، الباحث في الشؤون العسكرية لدى مركز جسور للدراسات، لـ “القدس العربي” إن النظام السوري يحاول منذ فترة إعادة سيطرته داخلياً واستمرار الاعتراف به خارجياً من بوابة داعش وادعائه مواجهتها.
واعتبر المتحدث أن ما أعلنه النظام أمس يندرج إضافة لما سبق “تحت إطار تخويف النظام السوري للأهالي في السويداء بداعش (تنظيم الدولة)” وإمكانية إقدام التنظيم على تنفيذ مجزرة بحق الأهالي على غرار ما سمي بالأربعاء الأسود منتصف العام 2018 التي سقط فيها العديد من القتلى والضحايا بتسهيل النظام السوري له”، ليجعل أهالي المحافظة أمام خيارين: إما النظام، أو تسهيل نشاط داعش في المدينة وعلى أطرافها.
وقال الحوراني: “يلجأ النظام لخيار التنظيم ضد الأهالي بعد أن فشل في كل سياساته معهم وراهن على مللهم من الحراك دون الرد عليهم، ثم حاول تقليص الخدمات عن المدينة وفشل في ذلك، ثم يلجأ اليوم للتلويح بعصا “داعش” ضدهم”.