غزة ـ ميسرة شعبان
رغم تجرعهم عتمة السجون وظلامها وفرقة الأحباب ومرارها، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد أن يذيق الأسرى الفلسطينيين وهم داخل السجون وخارجها أشد العذاب والأسر، فمن يخرج من سجون الاحتلال وقبل أن يتنفس هواء بلاده، تقوم سلطات الاحتلال بنفيه خارج وطنه، ليستمر التعذيب والأسر حتى إذا كان حراً.
وأفادت وزارة شؤون الأسرى والمحررين بأن سلطات الاحتلال تنوى إبعاد الأسير حماد مسلم موسى أبوعمرة من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة إلى خارج الوطن ولم يحدد الدولة التي سيتم إبعاد الأسير إليها.
وأوضح رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية في الوزارة أن الأسير" أبوعمرة اعتقل في 21/5/2003 ، على متن سفينة كانت آتية من لبنان ومتوجهة إلى فلسطين، واتهمه الاحتلال بتهريب مواد قتالية إلى غزة، وحكم عليه الاحتلال بالسجن لمدة 6 سنوات أمضاها كاملة وتم إطلاق سراحه في منتصف شباط (فبراير) من العام الجاري وانتهت إجراءات الإفراج عنه بشكل اعتيادي، وما أن وصل الأسير إلى معبر بيت حانون من الجانب الإسرائيلي شمال قطاع غزة حتى تمت إعادته إلى السجن مرة أخرى عبر سيارة تابعة للاستخبارات الإسرائيلية، وأبلغته إدارة سجن رامون الذي نقل إليه بأنه قيد الاعتقال المفتوح إلى أن يتم إبعاده عن خارج الوطن وتم تبليغ الصليب الأحمر بهذا القرار .
وأضاف الأشقر بان الأسير "ابوعمرة" متزوج ولديه عدد من الأبناء ويقيمون حاليا في الأراضي اللبنانية، حيث كان هو أيضاً يعيش في المخيمات الفلسطينية في لبنان قبل اعتقاله، وهو يملك رقما وطنيا "رقم هوية" ويتذرع الاحتلال بأنه لا يملك هوية فلسطينية علماً بأن أهله يتواجدون في القطاع.
واعتبر الأشقر سياسة الإبعاد التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الأسرى هي قديمة جديدة استخدمها الاحتلال لعقاب الفلسطينيين بشكل جماعي، ومارسها ضد الأسرى سواء كانت داخل الوطن بإبعاد الأسرى إلى القطاع، كما حدث مع الأسير "محمود عزام" من جنين أو خارج الوطن كما حدث مع عدد من الأسرى بإبعادهم إلى الأردن حيث يطارد شبح إبعاد عشرات الأسرى في سجون الاحتلال بذريعة أنهم ليسوا فلسطينيين وأنهم يحملون جوازات سفر من الدول العربية وخاصة الأردن، علماً بأنهم يملكون هويات وجوازات فلسطينية، وهذه السياسة تعتبر بحسب القانون الدولي جريمة حرب، ومخالفة لكافة القوانين الدولية، حيث يعتبر الإبعاد وفقاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة عمليات نقل غير مشروع وهو ما يشكل مخالفة صريحة لنص المادة 147 من الاتفاقية نفسها وفقاً للبروتوكول الإضافي الأول الملحق بالاتفاقية الذي يعتبر الإبعاد جريمة حرب.
وناشدت وزارة الأسرى مؤسسات حقوق الإنسان التدخل بشكل عاجل لوضع حد لسياسة الإبعاد التي تنتهجها حكومة الاحتلال مدعومة بالغطاء القانوني الذي توفره لها محكمتها العليا لتمرير جرائمها بحق المدنيين الفلسطينيين، ما يفتح الباب أمام إبعاد المزيد من الأسرى. وحمَّلت الوزارة المجتمع الدولي الصامت على جرائم الاحتلال وانتهاكه القانون الإنساني المسؤولية عما يجرى من ممارسات إجرامية بحق الأسرى الفلسطينيين، اذ أن هذا الصمت جعل الاحتلال يتعامل مع نفسه كدولة فوق القانون، وغير ملزم بتطبيق المواثيق والاتفاقات الدولية وفي مقدمها اتفاقيتا جنيف الرابعة والثالثة .