المفكر اللبناني يتحدث لـ “المجلة” عن تجربة الحزب… ويقول ان “خلافة نصرالله مستحيلة في الظرف الحالي”
وضاح شرارة شخصية رئيسة في المشهد الثقافي والاكاديمي والفكري اللبناني منذ أكثر من نصف قرن. تجمع تجربته العلوم الاجتماعية والانسانية والسياسية إضافية الى الرواية والنقد الأدبي. ويتحدر من جنوب لبنان الذي نال قسطا مهما من متابعاته ومؤلفاته. وشرارة المولود في 1942 خاض تجربة سياسية مميزة وهو المتحدر من عائلة لها اسهاماتها في الشعر والثقافة في حاضرة جبل عامل، مدينة بنت جبيل.
الزميل محمد أبي سمرا التقاه وسأله عما تشهده المنطقة ولبنان منذ عام وخصوصا بعد اغتيال امين عام “حزب الله” حسن نصر الله وانعاكاسات ذلك على السياسة والاجتماع الشيعيين، على خلفية صدور الطبعة السادسة من كتاب “دولة حزب الله… لبنان مجتمعا إسلاميا”، والطبعة الثانية من كتاب “الأمة القلقة: العامليون والعصبية العاملية على عتبة الدولة اللبنانية” الناشئة في عام 1920، وقد ظهرتا قبل شهر في بيروت عن “دار رياض الريس”. وبعض عناوين كتب شرارة شاع استعمالها كمصطلحات أو مفاهيم، مثل “دولة حزب الله”، “السلم الأهلي البارد”، “حروب الاستتباع”، “المدينة الموقوفة”، و”خروج الأهل على الدولة”.
في البداية، لم يكن هناك مفر من الحديث عن اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله وأثره على “الحزب” والطائفة الشيعية ولبنان. ورأى وضاح شرارة أن دور نصرالله في حزبه ومجتمعه قام على ركيزتين أو وجهين أساسيتين:
• دور خلاصي أخروي: وهو يجمع عناصر مركبة ومتداخلة في شخصيته التي توصف بـ”الكاريزمية”. وقد انبنت هذه العناصر وجرى صوغها بالاختبار والتجربة الطويلة في إطار علاقة نصرالله بحزبه ومجتمعه اللصيق، طلّته وإيحاءاته ومخاطبته وإشاراته ومقدرته الخطابية. وهذه كلها تنهل من مخزون صوغ “حزب الله” وحسن نصرالله نفسه “العقيدة والتراث” الشيعيين صوغا جديدا في لغة جديدة. وتجتمع في هذه التجربة “الموهبة” و”السطوة” الشخصيتان في تفاعلهما مع “الحزب” ومجتمعه العريض، ومع الظروف والحوادث والوقائع والمنعطفات الاجتماعية والسياسية.
والأرجح أن نصرالله كان له دور بارز في صوغ ما يمكن تسميته “عالم حزب الله” ومجتمعه. ومثل هذه التجربة فريدة ولا تتكرر، لأنها متعلقة بشخصية نصرالله وبالظروف الاجتماعية والسياسية والعسكرية المحددة والمتدافعة في تجربته وتجربة حزبه منذ التسعينات وحتى اليوم. وهي أيضا تجربة قد يتفرّد فيها “حزب الله” عن سائر تجارب الأحزاب والتنظيمات العربية الأخرى. والتفرُّد هذا على صلة وثيقة وحميمة بـ”عالم حزب الله الخلاصي الأخروي” القائم على “الوفاء” و”الإخلاص” و”الصدق” و”الإلهام”. وهذه تتمحور حول الاستعداد للاستشهاد والشهادة، وحول الوجه/الركيزة الثانية.
• دور بيروقراطي تنظيمي: وهذا يجمع أيضا عناصر مترابطة ومتداخلة: الاستنفار والحشد والتأطير والتنظيم والتكافل والتضامن، والرواتب والإعالة والتقديمات، وتأمين موارد مؤسسات “الحزب” الصحية والتعليمية والإسكانية، ورعاية عوائل الشهداء، وإقامة حفلات الزفاف الجماعية لعناصر من “الحزب” ومجتمعه، والمنظمات الكشفية وحوزات التعليم الديني وإحياء “مواكب الشهداء”، وسوى ذلك من المناسبات والطقوس والشعائر.
وهنا أيضا يمكن الحديث عن “عالم حزب الله” الداخلي، التنظيمي البيروقراطي الضخم، والذي جرى بناؤه كمجتمع نقيض. وكان دور حسن نصرالله- تبعا لدوره الأول المذكور أعلاه- فاعلا وربما أساسيا في بنائه وتشييده.
والحق أن هذين الدورين لا يقوم أحدهما إلا بالآخر، بل هما متداخلان، مركبان ومتكاملان. والأرجح أن حسن نصرالله- شخصا وتجربة وصورة وخطابة ولغة وصوتا وإطلالة وإيحاءات- هو ثمرة المزاوجة بين الدورين أو الوجهين في مسار “حزب الله”.
وإذا كان الدور أو الوجه الأول، الخلاصي الأخروي، لصيقا بشخصية نصرالله، فإن الوجه أو الدور الثاني، أي البيروقراطي التنظيمي، يمكن الحفاظ عليه وتطويره، إذا ما توافرت الظروف. لكن ربما من الصعب أن نكون مؤاتية في هذا الظرف العصيب الذي يمر فيه “حزب الله” ومجتمعه ولبنان.
وفي استعادة سريعة لتجارب الجماعات اللبنانية المريرة مع زعاماتها، يبدو أن تلك التجارب لم تكن قابلة للاستمرار والتكرار. فبعد اغتيال بشير الجميل في قمة توهجه كزعيم لـ”القوات اللبنانية” والمسيحيين، هيمن التفكك على “القوات”، وهيمن ما سمّي “الإحباط المسيحي” على المسيحيين. وبعد اغتيال رفيق الحريري تعرض “الإرث” الحريري للتصدع والانهيار.
انتصار الثورة الإسلامية (الشيعية) الخمينية في إيران عام 1979، ونشوب الحرب العراقية-الإيرانية عام 1980. وهما الحدثان الكبيران اللذان انعطفا منعطفا كبيرا بالمشرق العربي
لكن ليس بالضرورة أن تتعرض تجربة “حزب الله” في غياب نصرالله لمثل هذين المصيرين. والأرجح أنها قد تتخذ مسارا آخر مختلفا، بناءً على عاملين اثنين:
• تجربة “حزب الله” المتفردة في خلاصيتها الأخروية المتينة، كما في بيروقراطيتها التنظيمية في مجال الحشد والتأطير وبناء مجتمع نقيض. وهناك البناء التنظيمي العسكري الذي- على الرغم من تعرضه لضربة قاسية أدت إلى خسارته معظم جيل الصف الأول القيادي، وعددا كبيرا من جيل الصف الثاني- يظل تنظيم “حزب الله” العسكري قادرا، ولو نسبيا، على العمل والتأطير والتنظيم. وهذا ناجم ربما عن تجربته وخبراته العسكرية المديدة والمتنوعة في لبنان وخارجه، وعن تلك التراتبية المتماسكة في تنظيمه العسكري.
• العامل الثاني يتمثل بصلة “حزب الله” الوثيقة والعضوية بـ”الحرس الثوري” الإيراني. وهذا عامل من الصعب أن لا يستمر، ولو على وجوه قد تتبدل وتتغير، ويصعب التكهن بتغيراتها.
أما في ما يتعلق بخلافة حسن نصرالله منصبا ودورا، فإن هذه المسألة عسيرة وصعبة على “حزب الله” الذي انحصرت زعامته وقيادته “الملهَمة والملهِمة” بشخص نصرالله دون سواها، ومن الصعب استكمال أو استئناف الزعامة والقيادة أو تكرارهما. ثم إن حزبا مثل “حزب الله” لا بد أن يتعرض لأزمة في غياب زعيمه وقائده الفرد، الملهَم والملهِم.
في السابق كان يُعدُّ عماد مغنية لخلافة نصر الله. لكن مغنية قضى عمره وتجربته في الظل والخفاء الأمنيين والعسكريين. وقد يتمكن وأمثاله من القيام بدور القيادة البيروقراطي والتنظيمي والعسكري الداخلي. أما الدور الآخر المشار إليه بـ”الخلاصي الأخروي”، فيستحيل على أمثال مغنية القيام به.
أما نائب أمين عام “الحزب”، نعيم قاسم، على ما هي عليه شخصيته ولغته وإطلالته، من انكفاء وغياب البديهية والذهن المتوقد، فالأكيد أن خلافته نصرالله خسارة كاملة أو صافية. وما يُحكى عن احتمال أن يخلف نصرالله ابن خالته هاشم صفي الدين، فتتمثل مشكلته في أن صفي الدين على شبه ما بنصرالله، ويحاول أن يقلده كنسخة باهتة عنه.
أنقاض الاجتماع الحربي: الملتزم الرسالي والمشايخ الجدد
بالعودة الى صدور الطبعيتين الجديدتين، فمنذ صدور طبعة “دولة حزب الله” الأولى عام 1996، كان وضاح شرارة قد شدّد في بحثه الاستقصائي على أن “الحركة الخمينية اللبنانية، (حزب الله)-لبنان، ولدت من أحشاء المجتمع اللبناني الممزقة (…) بالحروب الملبننة المتطاولة”، والتي بدأ عسيسها يظهر منذ عام 1968، قبل انفجارها جولات كثيرة متلاحقة منذ عام 1975. وهي أُوقِفَتْ أو عُلِّقت في عام 1990، عقب “اتفاق الطائف” الذي أبرمه النواب اللبنانيون في عام 1989.
وكان الباحث قد لخَّص عوامل ولادة “حزب الله” بذلك الجسر الذي أقامه “علماء الدين الشيعة (اللبنانيون) بين مطامحهم في الاضطلاع بدور اجتماعي وسياسي وفكري فاعل ومؤثر وبين رغبات المهاجرين والمهجرين وأهالي الأطراف في الخروج من أنقاض الأبنية الاجتماعية التي ألجأتهم إليها الحروب” إياها في لبنان. وجاءت مطامح رجال الدين الشيعة، الجدد والشبان المولودين بعد عام 1960، بعد ذواء دور أسلافهم ونضوبه، جرّاء قطيعة أصابت إقبال العائلات الدينية الشيعية على طلب أبنائها العلوم الدينية والمشيخة في مدينة النجف العراقية، منذ عشيات ولادة الدولة اللبنانية الحديثة في عام 1920. وكانت تلك المطامح المستجدة وليدة عاملين أساسيين:
• التصدع الكبير الذي ألمَّ بالمجتمع والاجتماع والجماعات في لبنان الحروب (1975-1990)، وألمَّ بقوة مضاعفة بالجماعة الشيعية منذ الاعتداءات الإسرائيلية على قراها وبلداتها الجنوبية، ردا على عسكرة المنظمات الفلسطينية المسلحة فيها، وعلى عملياتها العسكرية انطلاقا من تلك القرى والبلدات منذ عام 1968.
• انتصار الثورة الإسلامية (الشيعية) الخمينية في إيران عام 1979، ونشوب الحرب العراقية-الإيرانية عام 1980. وهما الحدثان الكبيران اللذان انعطفا منعطفا كبيرا بالمشرق العربي، وخاطبا الشيعة اللبنانيين مخاطبة جديدة (طائفية ومذهبية). وذلك بعدما كانت حركة موسى الصدر (1928–1978)، رجل الدين الشيعي الإيراني من أصول عائلية عاملية قديمة في جنوب لبنان، قد مهّدت لفئات واسعة من الجماعة الشيعية اللبنانية سبيل انضوائها، منذ مطلع السبعينات، في حركة اجتماعية سياسية جماهيرية، استعمل إمامها لغة التراث الديني الشيعي في مخاطبتها، وسماها “حركة المحرومين”، جوابا على ما اعتبره “حرمان” الشيعة من المكانة الاجتماعية والسياسية في الدولة اللبنانية، ومن الموارد الاقتصادية الكبيرة التي حظي بها لبنان في زمن سلمه وازدهاره (1950-1975).
الملتزمون الرساليون الشيعة، إلى جانب المشايخ الشبان الجدد، هم من تصدوا لتأسيس خلايا “المقاومة الإسلامية في لبنان”
وكانت الدولة اللبنانية قد ضمت جماعات متباينة في تراثها وتواريخها واجتماعها ومواردها وتطلعاتها السياسية. وفي كتابه “الأمة القلقة” الشيعية، المتزامن صدوره الأول مع صدور طبعة “دولة حزب الله” الأولى، لاحظ وضاح شرارة أن الجماعات تلك “دخلت لبنان وهي تنظر إلى الخلف، وحواليها”، قلقة ومستريبة وخائفة على هوياتها ومصائرها. وربما تميزت الجماعة الشيعية في تلك اللحظة التاريخية (1920)، بأنها كانت أكثر من سواها “نهبا لانقسامات كثيرة تتطاول إلى كل مقومات اجتماعها وتماسكها”. وهذا من دون أن يسعفها تاريخها القريب وحوادثه المتحدرة من التنظيمات العثمانية، في تلمس خطواتها ورسم سياساتها. ولا أسعفتها مقالات متعلميها ومؤرخيها وعلمائها”. أي رجال الدين الذين أصابهم الذواء والنضوب.
أما الثورة الخمينية الإيرانية، فقد ولَّدت في الاجتماع الشيعي المتصدع بالحروب، وبعد تغييب موسى الصدر (1978)، ما كان وضاح شرارة سمّاهم “الملتزمين الرساليين” في كتابه “المدينة الموقوفة… بيروت بين القرابة والإقامة” الصادر في عام 1986. والملتزمون الرساليون الشيعة، إلى جانب المشايخ الشبان الجدد، هم من تصدوا لتأسيس خلايا “المقاومة الإسلامية في لبنان”. أي النوى (جمع نواة) الأولى لـ”حزب الله”، في أعقاب الحملة العسكرية الإسرائيلية الكبرى على لبنان والمنظمات الفلسطينية في صيف 1982، وصولا إلى بيروت واستمرار الجيش الإسرائيلي في احتلاله شريطا من القرى والبلدات اللبنانية الحدودية حتى عام 2000.
الدولة والمجتمع النقيض
واليوم- فيما يخوض “حزب الله” حرب “مساندة” لـ”حماس” وغزة الفلسطينيتين، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- لا يزال وضاح شرارة يشدّد على النظر إلى “حزب الله” باعتباره ظاهرة تلابس التحولات الاجتماعية والسياسية في لبنان ومحيطه الإقليمي، ليظل موضوعا لنظرٍ اجتماعي سياسي تاريخي. أما الأقوال الكثيرة الشائعة التي تردّد أنه ظاهرة خارجية أو دخيل على المجتمع والاجتماع اللبنانيين وتاريخهما، وصنيعة السياسات الإيرانية وحدها، وصولا إلى القول إنه “احتلال إيراني للبنان”، فيعتبرها شرارة قاصرة، ليس عن فهم “حزب الله” فحسب، بل عن فهم المجتمع اللبناني وتاريخه السياسي. وهي أقوال لا تعدو كونها شعارات إعلانية خاوية. لأنها تجرد “الحزب” الخميني اللبناني من تاريخه الاجتماعي والسياسي والعسكري والديني والطائفي والثقافي اللصيق به، وبمسيرته وأفعاله وأعماله، وبتاريخ الوقائع والظروف والأوقات والحوادث اللبنانية والإقليمية المتدافعة والمتنازعة والمتغيرة.
وفي هذا السياق، يعترف وضاح شرارة بأن استعماله عبارة “دولة حزب الله” عنوانا للكتاب عندما ألّفه في أواسط الثمانينات ونشره في أواسط التسعينات، إنما استعملها واستعارها من القول البروتوكولي الشائع والدال على المناصب الرسمية في لبنان، كمثل القول “دولة رئيس مجلس النواب”، أو “دولة رئيس الحكومة”، أو “معالي الوزير” الفلاني. وكما كان يقال ويُكتب في فرنسا “دولة الحزب الديغولي”، على معنى أن القوة السياسية الغالبة كانت تدخل إلى مراكز القوة في الدولة. وكان مفهوم مراكز القوى قد شاع كثيرا في مصر، لا سيما في الحقبة الساداتية، للقول إن جماعات حزبية تدخل إلى مراكز القوة في الدولة وتتصدرها. ونسبة الدولة إلى هذه المراكز، هي من باب إغراقها الدولة والاستيلاء عليها.
في المقابل يسهب الكتاب في استعمال عبارة أو مصطلح “مجتمع حزب الله” وتقصي تجلياته وتحولاته، بوصفه “مجتمعا نقيضا” للمجتمع العادي. والمصطلح هنا مستعار من باحثة فرنسية تناولت الحزب الشيوعي الفرنسي. لكن شرارة يرى أن ظاهرة بناء مجتمع نقيض تشمل الجماعات اللبنانية كلها، وإن بأشكال ومقادير وأهداف مختلفة ومتفاوتة.
في مقابل الأقوال الشائعة التي تعتبر “حزب الله” صناعة إيرانية صرف، يرى وضاح شرارة أن العوامل الخارجية في قوة هذا “الحزب” مهمة
فحزب “الكتائب اللبنانية” المسيحي مثلا، عمل على بناء شكلٍ من أشكال المجتمع النقيض. وقد تجلى ذلك في محاولات “الكتائب”، قبل الحروب في لبنان ونشوء “القوات اللبنانية” المقاتلة، بناء مؤسسات حزبية رديفة للجماعات والمؤسسات الاجتماعية العادية والعامة، كالمنظمات الشبابية والكشفية والرياضية والطلابية والعمالية الكتائبية في الأحياء والمناطق المسيحية. وكان التنظيم الشبابي الكتائبي نواة شبه عسكرية. وشملت ظاهرة المجتمع النقيض أو الرديف الشعارات والشعائر والطقوس الكتائبية. كشعار الكتائب الأساسي “الله، الوطن، العائلة”. وكذلك العراضات والاستعراضات الكتائبية بلباسها وشاراتها وتنظيمها المميز في المناسبات الحزبية. وهناك أيضا الحركات الجسمانية الخاصة والأناشيد، مثل “هيا فتى الكتائب”. وهذا كله كان ظاهرة بارزة في “الحزب السوري القومي الاجتماعي” المناهض اللدود لـ”حزب الكتائب”.
المنطق الاجتماعي السكني للحصار والاستيلاء
وشرح وضاح شرارة المنطق الاجتماعي السكني للمجتمع النقيض الذي اتبعه “حزب الله” في الأحياء والمناطق السكنية، خصوصا في العاصمة بيروت. ففي خضم منطق الحروب الأهلية ودبيبها طوال عقد الثمانينات اللبناني- وهو منطق قِوامه إقدامُ قوى وجماعات في أحياء ومناطق على حصار أحياء ومناطق قوى وجماعات أخرى، وقصفها والاستيلاء عليها- نشأ “حزب الله” وترعرع في قلب هذا المنطق وحده. وفي عقد تسعينات “الوصاية السورية” على لبنان، التي منحتْ الشرعية لسلاحه “المقاوم” ولسلاح أتباعها وأتباعه، طوّر الحزب الشيعي المسلح ذاك المنطق. ومن بؤر سكنية شيعية، وسط أحياء ومناطق بيروتية أغلبية سكانها من السنّة الذين ضعفت روابطهم العائلية في زمن الحروب وبعدها، شرع “حزب الله” وجمهوره في تلك البؤر بالتمدّد إلى أحياء السكن السني، وحصارها والاستيلاء عليها. وهذا من دون أن يقوى سكان تلك الأحياء- غير المحاربين ولا المسلحين، وضعيفو التلاحم العائلي والأهلي– على غير الانتقال أو الفرار من تلك الأحياء السكنية إلى مناطق أخرى.
وهذا ما تتبعه شرارة وتقصّاه بتوسع في الفصل الجديد الذي أضافه إلى الطبعة الرابعة من كتابه “دولة حزب الله” الصادرة في عام 2006، عقب حرب يوليو/تموز، أغسطس/آب من العام نفسه، والتي سمّاها خطيب “الحزب” إياه وأمينه العام: حرب “الوعد الصادق” وحرب “النصر الإلهي”. أما عنوان الفصل الإضافي عن تلك الحرب في الكتاب، فهو “الله (إله) الحزب… مجاهدا أهليا سريا ومواطنا مستوليا”. أي إن “المجاهد” السري في “حزب الله”، هو إياه المواطن الذي يقوم بالاستيلاء في المجتمع العادي والحياة العادية، بوصفه عضوا في المجتمع الأهلي النقيض.
لكن شرارة، في الحوار معه اليوم غداة صدور طبعة كتابه السادسة، تحفّظ على المنطق الذي يرى أن حصار “حزب الله” وجمهوره الأحياءَ والمناطق واستيلاءهما عليها حصلا وفق خطة إرادوية مدروسة. فهو يعتبر أن الحصار والاستيلاء يغلب على منطقهما منطق اجتماعي سكاني. وجاءت الحملة العسكرية الخاطفة التي نظمها وأطلقها “حزب الله” على أحياء ومناطق بيروت في 7 مايو/أيار 2008، تتويجا لمنطق الحصار والاستيلاء السكني والاجتماعي السابق. وكان هدف تلك الحملة إخضاع بيروت كلها لسلطانه المسلح، بعد اعتصامه مع الجماعات الموالية له في وسط بيروت المديني، بل عسكرته فيه نحو سنتين وحصاره السرايا الحكومية، لإسقاط حكومة فؤاد السنيورة التي وافقت توكيل المحكمة الدولية في التحقيق باغتيال رفيق الحريري.
“حزب الله” والفرص اللبنانية
في مقابل الأقوال الشائعة التي تعتبر “حزب الله” صناعة إيرانية صرف، يرى وضاح شرارة أن العوامل الخارجية في قوة هذا الحزب مهمة. لكن هذه العوامل لا تحجب ترجيحه أنه صناعة لبنانية. بمعنى أنه نتاج الفرص التي تتيحها الديناميات الاجتماعية والسياسية اللبنانية للجماعات في لبنان. لكن “حزب الله”، في استغلاله تلك الفرص جنح بها نحو الأقاصي. فهو جعل “حركة المحرومين” الصدرية الجماهيرية الواسعة، التي أيقظ إمامها موسى الصدر القاع الشعوري الشيعي، مرجعا معنويا في عمله ونشاطه، لكنه منحه شكلا ووجهة جديدتين، تجاوزتا كثيرا حدّ المطالب الاجتماعية والسياسية التي وضعها الصدر لحركته في الإطار اللبناني. فـ”حزب الله” جعل ذاك القاع الشعوري الشيعي أسطوريا، جسّده “الشهيد الحي” الذي يشكل نواة مجتمعه النقيض. وهو وضع المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية في رأس أولوياته، وأنشأ لذلك جيشا. من دون أن يكون لذلك كله تقريبا علاقة بحياة الناس الدنيوية.
فيما كانت الحروب الأهلية تقوّض الأبنية الاجتماعية للجماعات اللبنانية، استثمر “حزب الله” ومن خلفه إيرانيو الثورة الخمينية في “الملتزمين الرساليين” الشيعة وفي رجال الدين الشيعة الجدد
ويرجح وضاح شرارة أن “حزب الله” استغل حتى الأقاصي طبيعة الاجتماع السياسي اللبناني. فالجماعات في لبنان الحروب الأهلية وبعدها “الوصاية السورية” لم تعد تنظم اختلافاتها وخلافاتها في إطار دولة ومؤسسات دولة. بل صارت تذهب في خلافاتها وصراعاتها إلى نزاعات مباشرة في ما بينها، لإرساء ميزان قوى أساسه النزاع المباشر على كل شيء. و”حزب الله” ذهب بعيدا في ذلك، معتمدا أساليب كثيرة متنوعة، منها العنف المسلح. فهو أصلا وليد زمن الحروب الأهلية وتصدّع الأبنية الاجتماعية والسياسية التي استمر ويستمر في تصديعها بلا هوادة، إلى جانب حرصه على إبقائها الشكلي، وجوفاء خاوية.
إحياء القاع الشعوري الشيعي
لكن سبق أن نشأت في الجماعة الشيعية فئات بورجوازية ووسطى، ولازم نشوءها “تلبننها” اجتماعيا على الأقل. وذلك نتيجة عوامل وظروف عدة:
• مناخ “السلم الأهلي” والتخالط السكني الطائفي في الخمسينات والستينات اللبنانية والنصف الأول من السبعينات، وخصوصا في بيروت.
• هجرة شيعية متزايدة إلى أفريقيا والبلدان العربية الخليجية، وما أتاحته الهجرة من ثروات.
• توسع التعليم المحدث في بيئات شيعية، وما نجم عنه من انخراط شيعي في الأعمال والمهن الحرة وفي وظائف القطاعين العام والخاص.
والأرجح أن هذه الظروف والعوامل أدت إلى صعود حيوي ومتسارع للمهاجرين والمتعلمين الشيعة، سُلّمَ الهرم الاجتماعي في لبنان. وكان وضاح شرارة قد جمع- أثناء تدريسه في التعليم الثانوي ببيروت الستينات والسبعينات، ومن ثم الجامعي بعدها- مادة بحثية وملاحظات ميدانية واسعة، لاستعمالها في تأليف كتاب يؤرّخ فيه اجتماعيا للشيعة من كونهم “أمة قلقة على أعتاب الدولة اللبنانية” إلى بدايات نشوء “حزب الله” في ثمانينات الحروب الأهلية. لكن فاته إنجاز ذلك البحث.
وبناء على المادة التي جمعها، وعلى ملاحظاته ومخالطته فئات ومجموعات شيعية شابة في الستينات والسبعينات، خَلُصَ شرارة اليوم إلى أن “تلبننها” وصعودها الاجتماعيين، ظلا ينطويان على طبقتين تلابسان تكوّن شخصيات أبناء تلك الفئات والمجموعات. وهو شبّه ذلك التكوين بحقيبة بعقرين اثنين. فخلف أو تحت “التلبنن” والصعود الاجتماعي الشيعيين، هناك قاع شعوري ركيزته ومعينه ثقافة بيتية علاقتها حميمة بالتراث الشيعي، وتلاحم أسري وعائلي وأهلي ربما، ويتميز بالحميمية أيضا. ومن مظاهر هذا القاع الشعوري سكن الشيعة في أحياء محددة في المدينة وضواحيها، ونقلهم إليها نمط حياة وشعائر بلدية سابقة. وفيما كان كل من التعليم والهجرات والانخراط والتثاقف في أحزاب يسارية وقومية، يخرجُ الشبان الشيعة من الطوق العائلي ومن أحياء سكن أهلهم المتجانس، ظلت مشاعر كل من التلاحم العائلي والثقافة البيتية والشعائر البلدية السابقة، حيّة تحت “تلبننهم” وصعودهم الاجتماعي.
لكن الأرجح أن هذا المركّب الشعوري حاضر حضورا متفاوتا في ثقافة الجماعات اللبنانية كلها، وفي أزمنة وأوقات وظروف وأشكال مختلفة ومتباينة.
وفيما كانت الحروب الأهلية تقوّض الأبنية الاجتماعية للجماعات اللبنانية، استثمر “حزب الله” ومن خلفه إيرانيو الثورة الخمينية المنتصرة في “الملتزمين الرساليين” الشيعة وفي رجال الدين الشيعة الجدد، مستغلين الحطام الاجتماعي الشيعي واللبناني. وهم بعثوا بقوة وحيوية ذاك القاع الشعوري الشيعي المستبطن، فأحيوا شعائره وطقوسه وأساطيره ولغته، إلى جانب إحيائهم التلاحم العائلي والأهلي، جاعلين هذا كله طقسا جماهيريا شيعيا عاما في عاشوراء. ونصّبوا “الشهيد الحي” و”النجيع” أو الدم الحسيني (نسبة إلى الحسين بن علي) الكربلائي والعاشورائي، مثالا وقدوة جوهريين وأوحدين في المجتمع الشيعي وثقافته وحياته اليومية. أما ما عدا ذلك فدفعوا به إلى الحضيض والعدم.
قادة متسلطون وجماعات مهانة ومستكينة
وحين سألنا وضاح شرارة: كيف يتخيل “حزب الله” والجماعة الشيعية، بلا قائدهما ودليلهما وملهمهما ولسانهما، حسن نصرالله؟ هل يظلان على حالهما؟ هذا فيما الرجل اليوم هو الخطيب التلفزيوني الأول والأوحد لـ”الحزب” وللجماعة، وينتظره اللبنانيون وسواهم كي يعلموا كيف يعيشون وما هو مصيرهم في كل يوم تقريبا. فهو الذي يعلن الحرب وخطط العمليات العسكرية ويشخص الأوضاع السياسية، ويبلّغ الناس ماذا عليهم أن يفعلوا…
يمكن قياس هذا الأمر على السابقة السورية لدى وفاة حافظ الأسد عام 2000، أجاب شرارة: فكرتُ، وفكر كثيرون مثلي أن غياب الأسد سيطلق انقسامات ومواجهات بين الأجهزة السورية، قد تؤدي إلى التدمير الذاتي. لكن هذا لم يحصل جملة وتفصيلا. وكان ذاك الظن آثما. وطاقم السلطة في سوريا، من رأس هرمها حتى أصغر ضابط مخابرات فيها، هزيل وعقيم.
الاختبار المستمر في غزة، يحول بين “حزب الله” ومن خلفه إيران وبين خوض حرب حاسمة. وهما يظنان أن إلقاء “الحزب” بثقله العسكري في حرب حاسمة، على ما فعلت “حماس”، يؤدي إلى رد مدمر له وللبنان
وقد يكون “الربيع العربي” كشف حال البلدان والمجتمعات التي تعيش في ظل حكم وأجهزة يقودها أمثال الأسد والقذافي وصدام حسين وحسن البشير، وصولا إلى ورثة النظام الناصري في مصر… أولئك الذين خلّفوا وراءهم مجتمعات متصدعة ومريضة وجماعات مستكينة خاضعة وغارقة في المهانة.
أما “حزب الله” الذي ليس بدولة، بل في قلب مجتمع متنازع في الجوار الفلسطيني-الإسرائيلي، وخاض حروبا على طريقته، ولديه قوة محاربة تقوم بأدوار عسكرية وسياسية محلية وإقليمية، ويغلّب المنطق العسكري على السياسة، فحوّل لبنان إلى بلد ليس بلا دولة تقريبا وبلا مؤسسات حكم، بل مجتمع معلق خاوٍ، وجماعات خاضعة ومستكينة لسلطانه العسكري. وفقط في حال تغليب المنطق السياسي على المنطق العسكري، يكون “حزب الله” أضعف بكثير مما هو عليه وبلغه أخيرا: استكمل إغراق لبنان في سراديبه.
المعجزة أو دوام الأوضاع القائمة
وكيف يمكن أن يخرج “حزب الله” الذي يخوض اليوم حربا من لبنان يسميها “حرب مساندة لغزة”؟ سألنا وضاح شرارة الذي رأى أن “الحزب” عينه أخذ يخرج من حربه هذه خروجا متدرجا. فمع اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، كان المفترض أن تبلغ الحرب ذروتها. لكن “حزب الله” أخذ يعدّ العدة للخروج التدريجي منها. وما حصل بعد اغتيال شكر يشبه حرب استنزاف وعنفا مدروسا أو منخفض الوتيرة، يسمح بإطالة أمد المواجهة، لكن ليس بلا خسائر. والمواجهة هذه لا تضطر “حزب الله” إلى الحسم العسكري الذي قد يحمل جمهوره على النزوح الكبير والاستياء.
وفي الحقيقة يصعب التكهن على أي حال يكون وضع “حزب الله” ولبنان والمنطقة عموما عندما تتوقف هذه الحرب. أظن أن سياسة “حزب الله” ومن خلفه إيران أسوأ بأشواط من الاحتلال. إنه ما سماه المؤرخون العرب والمسلمون الاستدخال. ومفهوم أو مصطلح الاستدخال يعني أخذ البلاد أو الاستيلاء عليها من داخلها، وليس من خارجها على مثال ما يفعل المحتل. ومريع ما عمل “حزب الله” على استدخاله وإنجازه في لبنان طوال 40 سنة. وهو يتناسب ويتداخل تماما مع السياسة الإيرانية في المنطقة، والقائمة على استتباع مجتمعات متصدعة، وتركها على حالها كي تذهب بعيدا في تحللها (لبنان، سوريا، العراق، واليمن، حتى الآن) لتتربع إيران على رأس كيان هجين شبيه بسلطنة محدثة. وتشكل المعضلة الفلسطينية الشاغل الذي تقتضي سياسات “حزب الله” وإيران أن يبقى الكيان المشرقي الهجين كله على حاله من التصدع والاهتراء في انتظار معركة حاسمة ضد إسرائيل، لن تقع.
فالاختبار المستمر في غزة، يحول بين “حزب الله” ومن خلفه إيران وبين خوض حرب حاسمة. وهما يظنان- وظنهما غير بعيد من الوقائع الجارية- أن إلقاء “الحزب” بثقله العسكري في حرب حاسمة، على ما فعلت “حماس” في غزة، يؤدي إلى رد مدمر له وللبنان. وفي المقابل يغلب على الظن أن إسرائيل بدورها تحسب ألف حساب لخوضها حربا حاسمة. وليس صحيحا أنها ليست مرتدعة عن خوض مثل هذه الحرب. وشأنها في هذا شأن “حزب الله”.
الإيرانيون شددوا على إحياء القاع الشعوري الشيعي، العاطفي واللغوي، وعلى منحه شكلا واتجاها جديدين: الشهادة، والشهيد الحي
أما نتائج هذا الوضع فقاتمة وخطيرة على المنطقة كلها. وقد يكون وضع لبنان في هذا الحال أسوأ بكثير مما كان عليه وضع سوريا في ظل حافظ الأسد: استيلاء على الحكم وعلى أجهزة الدولة وتعطيلها، وخوض حروب خارجية تمكّن الاستيلاء وترسخه. والأسوأ من هذا في لبنان: غياب الدولة وأجهزتها ومؤسساتها، ونزاعات غير معلنة متناسلة بين الجماعات. وتعليق الحياة السياسية تعليقا شبه كامل. ومجتمع متآكل من داخله، راضخ ومستكين للخوف والمهانة. وهناك في الخفاء سراديب وأنفاق، ليس على المعنى العسكري فحسب، بل على المعنى السياسي والاقتصادي.
وهذا قائم طالما المعضلة الفلسطينية معلقة. وإذا حصلت أعجوبة أو معجزة أدت إلى حلّ الدولتين، فإن ذلك يستغرق عقدا أو عقدين من السنوات، للملمة ذيول المشكلات والأزمات. وهذه الحقبة التي مضت أكثر من 20 سنة على بدايتها في المنطقة، تتطلب نظرا خاصا ومحددا حسب كل بلد من البلدان: لبنان، سوريا، العراق واليمن، حيث كل شيء معلق ومشرع على دبيب أزمات كبيرة مفتوحة.
هذه هي قوة إيران وسياساتها في المنطقة. وفي المقابل هناك وضع إيران الداخلي المضطرب بدوره. والأرجح أن هذه الأوضاع كلها مرشحة للاستمرار والدوام. والخروج منها يتطلب ثورات سياسية، على عكس الثورات الانقلابية وخلافها، لابتداع أنظمة سياسية لا نعرفها ولا نتوقع كيف يمكن أن تكون.
مدينة السد
أخيرا، ختم وضاح شرارة اللقاء بالحديث عن الإعداد الإيراني للجهاز الديني الشيعي، وللآلتين التنظيمية والعسكرية في “حزب الله”. لكنه شدّد على أن القلب المحرك لهذا “الحزب” هو لبناني. وهو يرى أن الإيرانيين شددوا على إحياء ذاك القاع الشعوري الشيعي، العاطفي واللغوي، وعلى منحه شكلا واتجاها جديدين: الشهادة، والشهيد الحي. والشهداء الأحياء يراقبون الناس في حركاتهم وسكناتهم في حياتهم الدنيوية، بل يعيشون معهم ويخاطبونهم من العالم الآخر، ويحضونهم على الارتقاء في معراج الشهادة.
هذا ما دأبت على نقله وتصويره طوال سنين مجلة “العهد” التي يصدرها “حزب الله”. وهذا ما يظهر في كل وقت في إعلامه وفي الأفلام التي يبثها على شاشته التلفزيونية. لقد نقلت هذه الصيغة- رفع الفواصل بين الحياة والموت، بين الأحياء والموتى- حياة الجماعة الشيعية إلى مستوى أسطوري خالص، فأرست اللحمة العائلية والأهلية على الشهادة والاستشهاد. ومرجع هذه الصيغة في الخرافة الشيعية هو مدينة السد الفاضلة، حيث يدفن الناس موتاهم في أقبية بيوتهم، كي لا ينسوهم ولا ينسوا الموت الذي وحده يساوي بين الناس جميعا. والموت هو أقنوم المساواة الكبير عند هيغل.
المرشد الايراني علي خامنئي ونائب الامين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم في طهران في 30 يوليو
وأين تقع مدينة السد الشيعية الفاضلة هذه؟ إنها تقع في المكان الذي بلغه الإسكندر المقدوني، بعدما دوّخ المشارق والمغارب. والصيغة هذه كلها فارسية، للقول إن مدينة السد الشيعية هي فوق وما بعد أكبر إمبراطورية عرفها العالم القديم.
- المجلة