من المطمئن أن قرار هيئة المساءلة والعدالة، بمنع بعض الأسماء من الترشيح للانتخابات العراقية؛ جرى التعامل معه بما يحول دون تطوره إلى أزمة. التوقيت دقيق: قبل أقل من شهرين من يوم التوجه إلى صناديق الاقتراع.
والاستحقاق مفصلي، ينطوي على أهمية فارقة. الساحة أصلاً، ساخنة. واقتراب الموعد، زاد من درجة حرارة الحركة السياسية فيها. عدا ما تحمله الخلفية من عوامل الشحن والتأزم.
مع ذلك، كانت المسارعة ملحوظة، من جانب سائر القوى؛ لاستدراك الأمر وقطع الطريق على ما كان يمكن أن يفرزه من تداعيات. وهذا بحدّ ذاته علامة عافية، تؤشر إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على ما عداها.
القرار أثار ردود أفعال، كان أبرزها تلويح جهات وقوى بمقاطعة الانتخابات. ومثل هذا الأمر، لا تحتمله اللحظة الراهنة. طرحه كخيار، من شأنه بلبلة المشهد. المضي به حتى النهاية، كان يمكن أن يتسبب بمأزق؛ مفتوح على احتمالات خطيرة.
تعبيرات التضامن من مختلف الأطياف والدعوات التي توالت لتطويق الأزمة، جاءت لتعكس التخوف من بلوغ هذه النقطة. وكأنها رأت أن استبعاد أي جهة أو طرف عن المشاركة في خوض هذه الانتخابات، يهدّد بمضاعفات جسيمة؛ وذلك بقطع النظر عن الحيثيات والجهة المستبعدة.
فما هو على المحك الآن، سلامة العملية الانتخابية. وهذه مرهونة، إلى حدّ بعيد، بضمان أوسع مشاركة وطنية فيها. من هنا تستمدّ شرعيتها اللازمة، لانجاز المهمات الكبيرة القادمة.
فهذه الانتخابات محطة رئيسية في استكمال العملية السياسية، التي طالت مسيرتها. وتزداد أهميتها اليوم، بكونها تأتي عشية استرجاع البلد لكامل سيادته؛ بعد انسحاب القوات الأميركية الموعود، بعد أقل من عامين.
كما من المتوقع أن يتلو الانتخابات، إطلاق ورشة البناء على مداها، سواء على مستوى المؤسسات والأجهزة؛ أو على مستوى سائر القطاعات والمرافق ومكونات النهوض.
من الضروري الآن أن تأخذ عملية التطويق مجراها وبالسرعة التي يستدعيها الوضع. الحاجة ضاغطة لنزع فتيل هذه الأزمة وهي لا تزال في بداياتها وقبل أن تزداد تعقيداً. كيفية معالجتها، متروكة للعراقيين. المهم الآن، عودة القطار الانتخابي إلى سكّته. الامتحان على الباب واجتيازه بسلام، لا بديل عنه.