لندن – “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور قال فيه إن الأمم المتحدة تريد التأثير على التعددية في سوريا، والسؤال إن كان البلد سيستمع إليها. وقال إن المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غير بيدرسون، سيحث مجلس الأمن على دعم عملية انتقالية تعددية ديمقراطية في سوريا، لكنه يواجه مقاومة من داخل البلد.
وتخشى الحكومة الانتقالية أن يربط رفع العقوبات المفروضة على سوريا بمطالب مفرطة من الدول الغربية، وسط شكوك كبيرة من الأمم المتحدة التي فشلت في مهمتها خلال الحرب الأهلية التي استمرت 14 عاما.
فقد أخبر أحمد الشرع، الزعيم الفعلي للبلد، الدول الغربية والخليجية بأن جماعته، هيئة تحرير الشام، قد تحولت ومنذ زمن طويل عن جماعة جهادية سلفية إلى جماعة تكنوقراطية في إدلب مستعدة للتعاون مع كل السوريين. ومع ذلك فالقادة الغربيون والأمم المتحدة مترددون بالمضي أبعد من تخفيف العقوبات وبدون حصولهم على ضمانات عن الحكومة الانتقالية التي سيتم اختيارها في آذار/مارس.
أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في زيارتها الأسبوع الماضي لدمشق بأن برلين لا تستطيع تمويل بنى إسلامية، قائلة إن حقوق المرأة هي المعيار الذي سيتم من خلاله الحكم على هيئة تحرير الشام
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في زيارتها الأسبوع الماضي لدمشق بأن برلين لا تستطيع تمويل بنى إسلامية، قائلة إن حقوق المرأة هي المعيار الذي سيتم من خلاله الحكم على هيئة تحرير الشام.
وربما لن يكون هناك مفر أمام السوريين من قبول “العصا والجزرة” التي يقدمها الأوروبيون لهم.
وسيتم تقديم نفس التحذير عندما يجتمع قادة الولايات المتحدة وأوروبا يوم الخميس في روما من أجل مناقشة العقوبات، وربما قاوم السوريون فكرة الاستماع إلى محاضرات من الأمم المتحدة.
ونقل الكاتب عن رهف الدغلي، المختصة في سوريا بجامعة ليستر، قولها إن الأمم المتحدة لا تحظى بشعبية لدرجة أن بعض منظمات المجتمع المدني مترددة بطلب المساعدة منها، وقالت: “كانت الفظائع والحرب الطويلة بدرجة جعلت لا تستطيع طلب المساعدة من الأمم المتحدة لأنها خذلت السوريين”.
واتهمت مجلة “سيريا إن ترانزيشين” واحدة من المجلات التي وثقت دور الأمم المتحدة في سوريا، المنظمة بأنها “عززت سردا خاطئا حول خروج بشار الأسد من الحرب منتصرا، وعليه تقديم التطبيع بأنه الخطوة المنطقية التالية”. فيما لاحظ آخرون بأن دعم الأمم المتحدة الواسع كان ذراعا لحكومة الأسد.
وكشف أحد الاستطلاعات التي أجرتها شركة “إنسيكيورتي إنسايت” كيف انتشرت بسرعة مزاعم تواطؤ مسؤولين في الأمم المتحدة مع نظام الأسد بعد زلزال عام 2023، وحظي التحقيق بمئات الآلاف من المشاهدات.
كشف أحد الاستطلاعات التي أجرتها شركة “إنسيكيورتي إنسايت” كيف انتشرت بسرعة مزاعم تواطؤ مسؤولين في الأمم المتحدة مع نظام الأسد بعد زلزال عام 2023
وقد دافعت الأمم المتحدة عن برامج الدعم داخل سوريا، بأنه لم يكن لديها أي خيار سوى التعاون مع النظام والتأكد من وصول المساعدات. ولكن عدم شعبية الأمم المتحدة كانت موضوعا أشار إليه الشرع في مقابلته مع محطة “العربية” السعودية مخبرا إياها بأنها لم تكن فاعلة “كانت هناك معاناة كثيرة ومحاولات لإصلاح الوضع في سوريا، إلا أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فشلوا في الإفراج عن سجين واحد خلال 14 عاما وفشلوا في إعادة لاجئ واحد”، وأضاف: “فشلوا في إقناع النظام بقبول ولو بحل سياسي يخدم مصالح النظام، واليوم أنقذ السوريون أنفسهم”.
ودعا الشرع الأمم المتحدة إلى عدم تحميل السوريين أعباء قبول قرارات عفا عليها الزمن. وفي اجتماع مع غير بيدرسن، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، في دمشق في 15 كانون الأول/ديسمبر، قدم الشرع خطة انتقالية مختلفة تماما عن تلك التي دعا إليها مجلس الأمن، واقترح عدم إجراء انتخابات لمدة أربع سنوات – أي عامين ونصف العام أطول من الجدول الزمني في قرار الأمم المتحدة رقم 2254.
وعلى مستوى ما، فإن انتقاد الشرع للقرار باعتباره عفا عليه الزمن غير مثير للجدال، فقد كان يقوم على تسوية نزاع لم يعد موجودا الآن بين حكومة الأسد والمعارضة السورية. ومع ذلك هناك مخاوف من أن موقفه قد يخفي اعتراضا أعمق على قيم التعددية والعلمانية والشمول التي يدعمها القرار.
ذلك أن قرار 2254 يطالب بعملية سياسية بقيادة سورية لإنشاء حكومة غير طائفية ذات مصداقية في غضون ستة أشهر، وانتخابات في غضون 18 شهرا. ويعلق وينتور أن الأجندة الطويلة التي يقترحها الشرع لها منطقها، وحتى لو منحته الوقت لكي يعزز من سلطته، فهو يجادل أن الانتخابات ستكون سابقة لأوانها بدون بنى مناسبة، بما فيها الإحصاء السكاني المناسب والاتصال القانوني بالمجتمعات السورية في الخارج.
وتقول الدغلي إنها أقل قلقاً بشأن جدوله الزمني ولكنها “متوترة” حول شكل الحكومة التي يقترحها بعد آذار/مارس، قائلة: “هناك غموض كامل ولا شيء واضحا، إنه أمر مقلق للغاية”.
كشفت مصادر في هيئة تحرير الشام عن خطط لمؤتمر حوار وطني لمدة يومين يضم 1,200 شخص، بمن فيهم شخصيات سياسية وشيوخ قبائل
وكشفت مصادر في هيئة تحرير الشام عن خطط لمؤتمر حوار وطني لمدة يومين يضم 1,200 شخص، بمن فيهم شخصيات سياسية وشيوخ قبائل وفنانون وأكاديميون وممثلون عن الشباب والنساء. وكان مقررا عقده في 4 و5 كانون الثاني/يناير. وأكد وزير الخارجية، أسعد الشيباني يوم الثلاثاء تأجيل المؤتمر، مؤكدا أن التنوع هي مصدر قوة وهناك حاجة للتحضير. ويعتبر التأكيد أمرا مهما في تخفيف الدول الغربية العقوبات.
وقال المحامي السوري المقيم في باريس، ميشال شماس، إن الانطباع السائد هو أن المؤتمر قرر مجددا تثبيت الشرع كزعيم. وعلق هادي البحرة رئيس الائتلاف السوري للقوى الثورية والمعارضة المعترف به من قبل الأمم المتحدة إنه لم يتلق أي دعوة، كما أعربت ديما موسى نائبة رئيس الائتلاف عن مخاوفها، وقالت “الشعب السوري لن يقبل أن يحتكر أي طرف السلطة مجددا بعد المعاناة التي تحملها تحت حكم عائلة الأسد لأكثر من خمسين عاما سواء كان الأمر يتعلق بحزب معين أو عائلة معينة أو شخص معين أو أيديولوجية معينة”.
ومع عودة المزيد من المنفيين السياسيين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بدأت تظهر مقترحات أخرى للفترة الانتقالية، غالبا ما تم إعدادها في المنفى. وقد التقى الشرع بالعديد من هذه المجموعات، لكن إدارة هذا الكم من الخطط تظل مهمة معقدة، وعليه فالتوترات واضحة.
ويقول عارف الشعال، وهو معارض معروف للأسد ومحام، إن الشرع، الذي يعمل في فراغ دستوري، يتجاوز سلطته بشكل خطير. كما أن التحدي الذي يواجه الأمم المتحدة وبيدرسن هو دعم وتوجيه مطالب المجتمع المدني السوري، لكنه لا يستطيع أن يدعو إلى عملية يديرها السوريون ثم يملي شروطها. ويجادل شماس أن مفتاح بناء الدولة يعتمد على تعزيز الهوية الوطنية السورية، وقال: “ما دمنا نتعامل مع بعضنا البعض كأغلبية وأقليات وطوائف وأديان وليس كمواطنين، فإننا نظل عرضة للتدخل الخارجي”.
- القدس العربي