في الوقت الذي تتهيأ فيه العديد من الفرص والآفاق المشرعة لدفع التعاون بين السلطنة والجمهورية العربية السورية الى الامام خلال الفترة القادمة، ليس فقط بالارتفاع بأحجام التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والمتبادلة، الى المستوى الرفيع والوثيق للعلاقات بين الدولتين والشعبين الشقيقين، في المجالات الاخرى، ولكن أيضا بالدخول الى مجالات تعاون جديدة وبشكل أوسع وأعمق.
وهو ما تناولته مباحثات اللجنة العمانية السورية المشتركة في العاصمة السورية على مدى اليومين الماضيين، فان ما أعلنه معالي أحمد بن عبدالنبي مكي وزير الاقتصاد الوطني نائب رئيس مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة حول النتائج التي حققها الاقتصاد العماني خلال عام 2009م يكتسب في الواقع الكثير من الأهمية، وعلى مستويات عديدة أيضا.
وفي هذا الإطار فان ما أشار اليه معالي وزير الاقتصاد الوطني بشأن معدل النمو الذي حققه الاقتصاد العماني العام الماضي – الناتج المحلي الاجمالي – والذي بلغ 3.7% بالأسعار الثابتة يقتضي ضرورة التوقف أمامه، ليس فقط لأن معدل النمو الذي حققه الاقتصاد العماني عام 2009 هو معدل فاق ما كان متوقعا، خاصة في ظل النتائج التي حملتها الازمة الاقتصادية العالمية لمختلف دول العالم، في المنطقة وخارجها.
وهو ما دفع الى تخفيض حجم توقعات معدلات النمو لدى العديد من الدول، ولكن أيضا لان معدل النمو المعلن – وهو والحمد لله طيب ومشجع – محسوب بالأسعار الثابتة، وهو ما يعني ببساطة مما متلخص من آثار التضخم عند الحساب بالأسعار الجارية. وهو ما يزيد من قيمة معدل النمو الذي تحقق بالفعل.
من جانب آخر فانه مع وضع آثار الازمة الاقتصادية العالمية في الاعتبار، فان ما يزيد من دلالة معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي الذي تحقق، أنه يصل الى 3.7% أي أنه يفوق المعدل المستهدف تحقيقه للنمو في الناتج المحلي الاجمالي في خطة التنمية الخمسية السابعة (2006 – 2010) وهو 3% بالأسعار الثابتة.
ومعنى ذلك ان الاقتصاد العماني لا يسير فقط في الطريق الصحيح، ولكنه يحقق بالفعل النتائج المحددة له تخطيطيا، بأكثر مما هو متوقع، وهذا مؤشر طيب بالنسبة لكل المستويات، اقتصاديا واجتماعيا وتخطيطيا، وعلى كافة الاصعدة كذلك.
واذا وضعنا في الاعتبار الانخفاض الشديد الذي حدث في أسعار النفط في الأسواق العالمية على امتداد العام الماضي – مقارنة بالعام 2008 الذي سبقه – وهو ما أدى الى انخفاض العائدات النفطية بشكل حاد خلال عام 2009، فان تحقيق معدل نمو ايجابي كبير وملموس في الناتج المحلي الاجمالي، يعني ببساطة ان القطاعات غير النفطية في الاقتصاد العماني قامت بدور كبير، ليس فقط في تعويض الانخفاض الذي حدث في العائدات النفطية، ولكن أيضا في الدفع بالاقتصاد الوطني نحو تحقيق نمو حقيقي سبقت الاشارة اليه.
وفي ضوء ذلك فانه من الاهمية بمكان الاشارة الى ان تنويع مصادر الدخل القومي، وسياسات الحد من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل القومي والعمل وفق خطط مرسومة ومدروسة لزيادة مساهمة القطاعات الاقتصادية الاخرى، خاصة السياحة والصناعة، والزراعة وصيد الاسماك والتجارة وغيرها، وهو ما اكد عليه دوما حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – قد أخذت تعطي ثمارها الطيبة في مختلف المجالات.
واذا كان عام 2009، وهو عام الأزمة الاقتصادية العالمية، قد شهد تلك النتائج الطيبة للاقتصاد العماني وهو ما انعكس على ميزانية هذا العام 2010 على نحو واضح، فانه من المهم والضروري المضي قدما في تحقيق سياسات تنويع مصادر الدخل القومي في مختلف القطاعات، مع تطوير مصادر الطاقة العمانية، نفطية وغازية وغيرها من المصادر الاخرى الكربونية والمتجددة، وهو ما أكد عليه جلالة القائد المفدى من أجل تحقيق مزيد من التقدم والرخاء للوطن والمواطن، أينما كان على امتداد هذه الأرض الطيبة
عمان