الرياض: طالب اجتماع الرياض بشأن سوريا، الأحد، برفع العقوبات المفروضة على دمشق، وتهيئة ظروف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
جاء ذلك في بيان صادر عن رئاسة الاجتماع (الدولي) الذي قاده وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، نقلته وزارة خارجية المملكة.
وبحسب البيان ذاته، “جرى بحث خطوات دعم الشعب السوري الشقيق وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة المهمة من تاريخه، ومساعدته في إعادة بناء سوريا دولة عربية موحدة، مستقلة آمنة لكل مواطنيها، لا مكان فيها للإرهاب، ولا خرق لسيادتها أو اعتداء على وحدة أراضيها من أي جهة كانت”.
ونقل البيان عن بن فرحان قوله إن “الاجتماع يأتي لتنسيق الجهود لدعم سوريا والسعي لرفع العقوبات عنها”.
وطالب بن فرحان “الأطراف الدولية برفع العقوبات الأحادية والأممية المفروضة على سوريا، والبدء عاجلا بتقديم كافة أوجه الدعم الإنساني والاقتصادي، لبناء الدولة السورية، ما يهيئ البيئة المناسبة لعودة اللاجئين السوريين” إلى بلادهم.
وأكد أن “استمرار العقوبات المفروضة على النظام السوري السابق سيعرقل طموحات الشعب في تحقيق التنمية وإعادة البناء وتحقيق الاستقرار”.
وفي وقت سابق الأحد، انطلق في العاصمة السعودية الرياض، اجتماع موسع لضمان الاستقرار والأمن في سوريا.
وشارك في الاجتماع وزراء خارجية دول عربية وغربية، من بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وإسبانيا، في خطوة من شأنها تعزيز الدعم العربي للشعب السوري، لا سيّما بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وانقسم الاجتماع إلى قسمين، الأول يشارك فيه الوزراء العرب، بينما يحضر الثاني مسؤولون غربيون، إلى جانب المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، وكايا كالاس المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن وكيل وزارة الخارجية الأمريكية جون باس، وفقاً لبيان صادر اليوم.
ووصل إلى الرياض كل من الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، والشيخ عبد الله بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الإمارات، وعبدالله علي اليحيا وزير خارجية الكويت، وبدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والعراقي فؤاد حسين، واللبناني عبدالله بوحبيب، بالإضافة إلى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
ويتمحور جدول الأعمال الرئيسي للاجتماع حول الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في سوريا.
وزير الخارجية القطري يؤكد دعم بلاده لسوريا
وأكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمته، “دور الدوحة في الدعم الكامل لوحدة الشعب السوري الشقيق”.
وشدد على مساندة الشعب السوري “في هذه المرحلة المهمة لإعادة بناء وطنه ووحده أراضيه”، وفق بيان للخارجية القطرية.
كما أكد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان “أهمية تلاحم الشعب السوري بكافة أطيافه لبناء سوريا موحدة ومستقرة وآمنة لا إرهاب فيها ولا إقصاء”، حسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
وقال نظيره العماني بدر البوسعيدي إن “هذا الاجتماع يعكس الروح الإيجابية للتعاون الجماعي والمسؤولية المشتركة في دعم سوريا وترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة”، وفق بيان للخارجية العمانية.
وأيضا شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على “وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السوري الشقيق ودعم تطلعاته المشروعة”، حسب بيان للخارجية المصرية.
ودعا عبد العاطي إلى أن “تعكس العملية السياسية الشاملة التنوع المجتمعي والديني والطائفي والعرقي داخل سوريا، وأن تكون سوريا مصدر استقرار بالمنطقة”.
وأكد “أهمية تعاون كافة الأطراف الإقليمية والدولية في مكافحة الإرهاب، وبحيث لا يتم إيواء أية عناصر إرهابية على الأراضي السورية، بما قد يمثل تهديدا أو استفزازا لأي من دول المنطقة”.
وجاء اجتماع الأحد استكمالاً للقاء مدينة العقبة الأردنية، الشهر الماضي. حيث أعلنت لجنة الاتصال الوزارية المعنية بسوريا حينها “الوقوف إلى جانب الشعب السوري، من أجل إعادة بناء البلاد والحفاظ على استقرارها وأمنها ووحدتها”.
وتواجه سوريا والإدارة الجديدة العديد من التحديات والملفات الكبيرة، منها رفع العقوبات الغربية، وضبط السلاح بيد الدولة، وحل الفصائل المسلحة، فضلاً عن عقد مؤتمر للحوار الوطني، وإعداد دستور جديد للبلاد، بالإضافة إلى التحضير لإجراء الانتخابات.
وكانت القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فرضت عقوبات على حكومة الأسد بسبب حملتها الوحشية على الاحتجاجات المناهضة لها في العام 2011 والتي أشعلت فتيل الحرب الأهلية في البلاد.
وأسفر النزاع الذي استمر على مدى أكثر من 13 عاما في سوريا، عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وتدمير الاقتصاد، ودفع الملايين إلى الفرار من ديارهم.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الجمعة إن الاتحاد المكون من 27 دولة قد يبدأ في رفع العقوبات إذا اتخذ حكام سوريا الجدد خطوات لتشكيل حكومة شاملة تحمي الأقليات.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير لمناقشة هذه القضية.
وقالت كالاس للصحافيين في الرياض إن الأولويات المحتملة لتخفيف العقوبات تشمل “العقوبات التي تعوق بناء الدولة، والوصول إلى الخدمات المصرفية وكل هذه الأشياء”.
وأضافت “إذا رأينا أن التطورات تسير في الاتجاه الصحيح فنحن مستعدون لاتخاذ الخطوات التالية”، مضيفة أنه يجب أن يكون هناك “خيار بديل”.
أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، فقالت الأحد للصحافيين في الرياض إن حكومتها تريد “نهجا ذكيا” للعقوبات من شأنه أن يسمح بوصول المساعدات إلى السوريين.
وأوضحت أن “العقوبات المفروضة على أتباع الأسد الذين ارتكبوا جرائم خطرة خلال الحرب الأهلية يجب أن تظل قائمة… إن السوريين يحتاجون الآن إلى عائد سريع من انتقال السلطة”، مضيفة أن ألمانيا ستقدم 50 مليون يورو أخرى “للأغذية والمأوى الطارئ والرعاية الطبية”.
بيربوك تصافح وزير الخارجية السوري على هامش المؤتمر
والتقت وزيرة الخارجية الألمانية الأحد وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية السورية أسعد الشيباني على هامش المؤتمر.
وأفادت مصادر في الوفد الألماني بأن اللقاء هذه المرة شهد مصافحة باليد بين الوزيرة الألمانية والوزير السوري، وهو الأمر الذي لم يحدث في لقائهما الأول في العاصمة السورية دمشق قبل أكثر من أسبوع.
يذكر أنه أثناء زيارة بيربوك للعاصمة السورية في 3 يناير/كانون الثاني الجاري، لم يصافح قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع الوزيرة الألمانية لكنه صافح نظيرها الفرنسي جان-نويل بارو.
وكانت بيربوك علقت على هذا الحادث في دمشق في تصريحات صحفية قائلة: “كان من الواضح لي منذ وصولي أنه لن تكون هناك المصافحات التقليدية باليد”. لكنها أشارت إلى إبلاغ “المضيفين الإسلاميين” على نحو واضح بعدم الموافقة على هذه الممارسة.
وقطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في شباط/فبراير 2012، احتجاجاً على استخدام دمشق القوة في قمع الاحتجاجات الشعبية.
ولكن في آذار/مارس 2023، أعلنت الرياض أنها تجري مباحثات تتعلق باستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين. وقادت السعودية بعدها جهودا دبلوماسية أعادت سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية في قمة جدة التي حضرها بشار الأسد في أيار/مايو من ذلك العام.
وأرسلت المملكة الخليجية الشهر الحالي مساعدات غذائية وطبية إلى سوريا برا وجوا. وتتفاوض الرياض الآن على كيفية دعم انتقال الدولة المنكوبة بالحرب إلى مرحلة جديدة.
وقالت آنا جاكوبس الزميلة غير المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن “هذه القمة “ترسل رسالة مفادها أن السعودية تريد أن تأخذ زمام المبادرة في تنسيق الجهود الإقليمية لدعم تعافي سوريا”.
وأضافت “لكن السؤال الكبير هو كم من الوقت وكم من الموارد ستكرسها المملكة لهذا الجهد؟ وما هو الممكن مع بقاء عقوبات عدة سارية؟”.
- القدس العربي