لندن – “القدس العربي”:
نشر موقع شبكة “سي إن إن” مقال رأي لكيفن ليبتاك قال فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبحث عن صفقة لتنفيذ خطة غزة عندما يلتقي مع الملك عبد الله الثاني. ففي كل لقاءات الرئيس ترامب يتطلع في لقائه اليوم الثلاثاء، مع العاهل الأردني لعقد صفقة، على الأقل في ذهن الرئيس.
فبعد أسبوع من تفجيره قنبلة أحدثت دويا في الشرق الأوسط والعالم، وإعلانه عن الرغبة بالسيطرة على غزة وتفريغها من السكان وتطويرها لتصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”، يبدو أنه مصمم على التفاوض على خطته غير القابلة للتطبيق.
وقال ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع: “أنا أتحدث عن البدء في البناء، وأعتقد أنني أستطيع التوصل إلى اتفاق مع الأردن. وأعتقد أنني أستطيع التوصل إلى اتفاق مع مصر”. وفي هذه الحالة، يبدو أن الصفقة التي يتصورها تتضمن قبول الأردن ومصر لملايين اللاجئين الفلسطينيين الجدد، على الرغم من اعتراضاتهما الشديدة، حتى يتمكن ترامب من إزالة الأنقاض من قطاع غزة المدمر وبناء أبراج زجاجية جديدة مطلة على البحر الأبيض المتوسط، ومن ثم دعوة “شعوب العالم” للسكن فيه.
وكورقة ضغط، يستخدم ترامب مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية المقدمة سنويا للأردن ومصر، والتي بدونها قد يواجه البلدان مشاكل مالية خطيرة.
كورقة ضغط، يستخدم ترامب مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية المقدمة سنويا للأردن ومصر، والتي بدونها قد يواجه البلدان مشاكل مالية خطيرة
وقد أجاب ترامب على سؤال طرح عليه في المكتب البيضاوي بهذا الشأن “نعم، ربما، بالتأكيد لماذا لا”، ثم استدرك قائلا: “إذا لم يفعلوا ذلك، فمن المحتمل أن أمنع المساعدات، نعم”.
ولكن ترامب ليس وحده من يملك أوراق الضغط على القاهرة وعمان، فلدى العاصمتين العربيتين أوراق الضغط الخاصة بهما. فكلاهما مرتبط بالسياسات الأمنية مع واشنطن، وكلاهما لعب دورا في الدفاع عن وحماية إسرائيل بما في ذلك العام الماضي، عندما استهدفتها إيران بوابل من المسيرات والصواريخ.
فقد ساعد الأردن بإسقاط الصواريخ والمسيرات التي عبرت مجاله الجوي.
ويخشى مسؤولون أمريكيون من أن يؤدي إجبار مصر والأردن على القبول بموجات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين، إلى زعزعة استقرار حليفين مهمين للأمن الأمريكي.
ويبدو ترامب متأكدا من قبول الملك عبد الله الثاني فلسطينيي غزة: “أعتقد أنه سيأخذهم، وأعتقد أن دولا أخرى ستأخذهم”، و”لديهم قلوب خيرة”.
ويعلق الكاتب أن السؤال هو فيما إن كانت خطة ترامب جدية أم أن النهج الذي يمارسه في غزة، أم أنه مجرد نقطة انطلاق لخطة بديلة لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة. وقد اقترح بعض المسؤولين في إدارة ترامب الخيار الثاني، مع أنهم التزموا الحذر وأكدوا أن الرئيس لا يخادع عندما يناقش فكرته الجديدة. وكان هذا واضحا من تصريحات مستشار الأمن القومي، مايك والتز لشبكة إن بي سي والتي دعا فيها من لديه فكرة غير فكرة الرئيس لوضعها على الطاولة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن اقتراح ترامب كان في الأساس يهدف جزئيا إلى تحفيز العمل بشأن قضية اعتبرها ميتة، حيث لم تقدم أي دولة أخرى حلولا معقولة لكيفية إعادة بناء منطقة تم تدميرها بالقصف الإسرائيلي في أعقاب هجمات حماس 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ولكن محل النقاش هو فيما إن كان هناك في ذهن ترامب تفريق ما بين المقترح الجاد والتكتيك التفاوضي.
فلا شيء يشير منذ أن نطق بكلامه قبل أسبوع أثناء المؤتمر الصحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى أن هناك استراتيجية عملية، وحتى لو كانت تصريحات المسؤولين الكبار في حكومته تشير إلى خلاف هذا.
والواقع أن ترامب لم يفعل أي شيء في الأيام التي سبقت وصول الملك عبد الله الثاني لتخفيف ما يعتبر بالنسبة لكثيرين في المنطقة الجانب المزعج في اقتراحه: وهو أن الفلسطينيين الذين يغادرون غزة بموجب خطته لن يسمح لهم بالعودة إلى غزة.
ترامب لم يفعل أي شيء في الأيام التي سبقت وصول الملك عبد الله الثاني لتخفيف ما يعتبر بالنسبة لكثيرين في المنطقة الجانب المزعج في اقتراحه
ففي مقابلة مع “فوكس نيوز” قال “لا لن يعودوا” مبررا بأن الفلسطينيين الذين سيخرجون “سيحصلون على سكن أفضل، وأحسن، وبعبارات أخرى، أنا أتحدث عن بناء مكان دائم لهم”.
وحتى الآن، يبدو أن ترامب عازم على إيجاد “المكان الدائم” في الأردن ومصر، على الرغم من أن قائدي البلدين رفضا سريعا الخطة بسرعة الأسبوع الماضي. وقالت مصر، التي تشعر بالقلق إزاء تدفق الفلسطينيين الذين يزعزعون استقرار منطقة سيناء، يوم الأحد إنها ستعقد قمة طارئة لجامعة الدول العربية في 27 شباط/ فبراير في القاهرة لمناقشة “التطورات الجديدة والخطيرة” في القضية الفلسطينية.
وفي الأردن، حيث نسبة كبيرة من السكان من أصل فلسطيني، تحمل القضية صدى خاصا. فقد استوعبت البلاد موجات متتالية من اللاجئين الفلسطينيين، بدءا من عام 1948 خلال الحرب التي أدت إلى إنشاء إسرائيل. وفي عام 1970، دخلت الفصائل الفلسطينية المسلحة معركة مع والد الملك عبد الله، الملك حسين، في صراع قصير ولكنه عنيف يعرف باسم “أيلول الأسود”. ولم تتلاش ذكريات الحادث بعد أكثر من 50 عاما، ولا سيما من ملك البلاد الحالي، حيث تكافح البلاد مع التوازن الديموغرافي الدقيق بين سكانها الفلسطينيين والأردنيين الأصليين.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه الغضب الشعبي من الأوضاع في الأردن، فإن المسألة تتعلق حول كيفية المضي في تنفيذ الخطة التي ستشكل خطرا وجوديا على العائلة الحاكمة وسياسات الملك الجيوسياسية التي تركز على الولايات المتحدة.
فأردن غير مستقر سيكون خطرا على الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد بدأت بعض الأصوات المعارضة في الأردن تدعو لابتعاد الأردن عن الولايات المتحدة والبحث عن علاقات جديدة مع الصين وروسيا والدول العربية النفطية. وكل هذا يعقد خطة ترامب لنقل أكثر من مليون لاجئ فلسطيني إلى هناك. ومع ذلك، لم يعترف الرئيس الأمريكي حتى الآن بهذه الصعوبات، وعبر عن أنه سيكون قادرا على التفاوض على حل عملي.
وقال ترامب الأسبوع الماضي: “على الرغم من قولهم لا، لدي شعور بأن الملك في الأردن والجنرال – الرئيس – في مصر سيفتحان قلبهما وسيمنحاننا نوع الأرض التي نحتاجها لإنجاز هذا الأمر”، في إشارة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجنرال العسكري السابق.
ولن يكون اجتماع الثلاثاء هو المرة الأولى بين ترامب وعبد الله الثاني حول قبول المزيد من اللاجئين الفلسطينيين. فقد تحدث الرئيس الأمريكي مع العاهل الأردني في الشهر الماضي قائلا: “لقد قلت له، أود منك أن تمنح المزيد لأنني أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن، إنه فوضى”، وكان يتحدث للصحافيين على الطائرة الرئاسية. ولم يكشف ترامب في حينه عن خطته الجديدة علنا حول “ملكية طويلة الأمد” للقطاع.
ولم يعرض مسؤولو ترامب خطته على المسؤولين الأردنيين أو المصريين قبل أن يعلنها الرئيس من الغرفة الشرقية وبينما كان ترامب يناقش فكرته مع مساعديه لعدة أيام، لم يتم تدوينها قبل ظهورها في تصريحاته المعدة إلى جانب نتنياهو يوم الثلاثاء الماضي. وفي تصريحات لسي إن إن قال مسؤول حكومي عربي طلب عدم الكشف عن هويته إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة قد عملت بشكل كامل على تفاصيل خطة ترامب. وقال المسؤول إن المسؤولين العرب سيناقشون الأمر مع إدارة ترامب ويقترحون أفكارا لمستقبل غزة لن تتضمن طرد سكانها الفلسطينيين. ولكن كيف يمكن التوفيق بين هذه الأفكار وفكرة ترامب الخاصة؟ ليس واضحا.
- القدس العربي