ملخص
جاءت الهجمات في جبلة بعد اشتباكات أعلنت قوات الأمن الخميس أنها تخوضها في ريف اللاذقية مع مجموعات مسلحة تابعة “لمجرم الحرب سهيل الحسن”، العقيد السابق في الجيش السوري خلال حقبة الأسد، الذي كان يلقى تأييداً كبيراً في أوساط الموالين للأسد ويعد من أبرز قادته العسكريين.
أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، بأنه تقرر فرض حظر تجوال في مدن محافظتي اللاذقية وطرطوس بعد اشتباكات عنيفة بين مسلحين مرتبطين برئيس النظام السابق بشار الأسد والقوات الحكومية، وأضافت أن عمليات تمشيط واسعة بدأت في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة.
وفرضت إدارة الأمن العام في مدينتي طرطوس (غرب) وحمص “حظر تجوال عام من الـ10:00 من مساء الخميس حتى الـ10:00 صباحاً (7:00 بتوقيت غرينتش)، بناء على “التوجيهات الأمنية والاحتياطات اللازمة لضمان سلامة المواطنين”.
تعزيزات أمنية وتمديد حظر التجول
ومع ساعات الصباح الأولى، وصلت تعزيزات عسكرية حكومية إلى مدينتي اللاذقية طرطوس.
ولفت مصدر قيادي في إدارة الأمن العام إلى بدء عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيط في مدن اللاذقية وطرطوس، وإلى أن ” عمليات التمشيط تستهدف فلول ميليشيات الأسد ومن قام بمساندتها ودعمها”. وتوجه المصدر نفسه بتوجيه رسالة لمن يريد تسليم سلاحه ونفسه للقضاء “أن يسارع بذلك عبر توجهه لأقرب نقطة أمنية”.
وفي تعميم أمني، أنه “حفاظاً على أرواح المواطنين، وفي ظل العمليات الأمنية والعسكرية الجارية في محافظة طرطوس، يمدّد حظر التجول في مدينة طرطوس حتى الساعة 12 ظهراً (9:00 بتوقيت غرينتش)”.
“سبب هذا التصعيد القراءة غير الصحيحة للواقع السوري”
الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وفي بيان لها، لفتت إلى أنه في ظل تصاعد حدة التوتر والاشتباكات في سوريا، بخاصة في الساحل السوري، بين قوات تابعة لسلطات دمشق وجماعات عسكرية في الساحل، “إلى أن السبب الذي أدى إلى هذا التصعيد هو القراءة غير الصحيحة للواقع السوري من قِبل السلطات في دمشق، وعدم الأخذ بالاعتبار حساسية الوضع بخاصة التنوع في المكونات والأطياف، فهكذا تصعيد يجرّ وطننا إلى حافة الهاوية، وقد يكون سبباً في ارتكاب المجازر بحق شعبنا السوري”، وناشدت “الأطراف كافة بالتحلي بالحكمة وضبط النفس، ووقف هذا التصعيد الذي سيساهم في زيادة الفجوة بين القوى الوطنية السورية، وسيكون الشعب السوري وحده من يدفع ثمن هذه التناقضات”.
أضاف بيان “الإدارة الذاتية” “لقد أكدنا مِراراً وتكراراً ان سوريا بحاجة إلى حوار وطني حقيقي لمناقشة سبل الوصول بها إلى برّ الأمان، وحل التناقضات والمشاكل العالقة بين القوى السورية”.
عشرات القتلى
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم مقتل 70 شخصاً في الأقل في اللاذقية على الساحل السوري، في اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين موالين لرئيس النظام السابق بشار الأسد.
وأفاد المرصد عبر منصة إكس بسقوط “أكثر من 70 قتيلاً وعشرات الجرحى والأسرى في اشتباكات وكمائن دامية بالساحل السوري بين عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية ومسلحين من جيش النظام البائد”.
وأمس الخميس، أفاد المرصد عن مقتل 16 عنصراً في الأقل من قوات الأمن السورية خلال هجمات غير مسبوقة نفذها مسلحون موالون للأسد غرب سوريا، على خلفية توتر تشهده المنطقة ذات الغالبية العلوية التي ينتمي إليها الأسد.
وفي حصيلة سابقة، أشار المرصد إلى مقتل 28 مسلحاً موالياً للأسد خلال الاشتباكات مع قوات الأمن في محافظة اللاذقية، في حين فرضت السلطات حظر تجول في المنطقة.
ويشكل فرض الأمن وضبطه في عموم البلاد أحد أبرز التحديات التي تواجه إدارة الرئيس السوري أحمد الشرع منذ وصوله إلى دمشق بعد نزاع مدمر بدأ قبل 13 عاماً.
وتعد هذه الهجمات “الأعنف ضد السلطة الجديدة منذ الإطاحة بالأسد” في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفق المرصد، فيما قتل ثلاثة مسلحين في الأقل خلال اشتباكات تلت الهجمات، وفق المرصد.
تعزيزات عسكرية ضخمة
وأرسلت وزارة الدفاع السورية، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، “تعزيزات عسكرية ضخمة” إلى منطقة جبلة وريفها “لمؤازرة قوات الأمن العام وإعادة الاستقرار للمنطقة”.
وفي وقت لاحق نقلت “سانا” عن مصدر من إدارة الأمن العام “اعتقال اللواء المجرم إبراهيم حويجة، رئيس الاستخبارات الجوية السابق في سوريا بين عامي 1987 و2002، في مدينة جبلة.
وحويجة متهم وفق المصدر “بمئات الاغتيالات” في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، بينها “الإشراف على اغتيال” الزعيم الدرزي اللبناني كمال جنبلاط قبل 48 عاماً.
وجاءت الهجمات في جبلة بعد اشتباكات أعلنت قوات الأمن الخميس أنها تخوضها في ريف اللاذقية مع مجموعات مسلحة تابعة لمجرم الحرب سهيل الحسن، العقيد السابق في الجيش السوري خلال حقبة الأسد والذي كان يلقى تأييداً كبيراً في أوساط الموالين للأسد ويعد من أبرز قادته العسكريين.
وكانت “سانا” نقلت في وقت سابق عن مصدر أمني قوله إن “مجموعات من فلول ميليشيات الأسد” استهدفت “عناصر ومعدات لوزارة الدفاع” قرب البلدة، مما أسفر عن “مقتل عنصر وإصابة آخرين”.
وبدأ التوتر في بلدة بيت عانا، مسقط رأس الحسن، بعد منع مجموعة من الأهالي بالقوة قوات الأمن من توقيف مطلوب بتهمة تجارة السلاح، وفق المرصد السوري.
وبدأت قوات الأمن إثر ذلك حملة أمنية في المنطقة تخللها اشتباكات مع مسلحين، قال المرصد إنه لم يتمكن من تحديد هويتهم أو الجهة التي يتبعون لها، وأفاد المرصد لاحقاً بـ”ضربات شنتها مروحيات سورية على المسلحين في بيت عانا وأحراش في محيطها تزامنت مع قصف مدفعي على قرية مجاورة”.
من جانبها قالت وزارة الداخلية السورية في بيان “نعرب عن تفهمنا لمشاعر الغضب الشعبي نتيجة الهجمات الإجرامية التي استهدفت أمن الوطن واستقراره”، وأضافت “نحث جميع المدنيين على الابتعاد من مناطق العمليات العسكرية والأمنية وترك المهمة للقوات المختصة من الجيش والأمن”.
وتابع البيان “وجهنا إلى الوحدات العسكرية والأمنية كافة بالالتزام الصارم بالإجراءات والقوانين المقررة، نحن اليوم على أعتاب مرحلة حاسمة تتطلب وعياً وانضباطاً لا يقبلان المساومة ولن يسمح لأية جهة أو فرد بالتصرف خارج إطار الدولة والقانون”.
اعتصام سلمي
وأثارت الضربات والقصف المدفعي وفق المرصد رعباً بين السكان المدنيين في المنطقة، وفي بيان نشره عبر حسابه على “فيسبوك”، ندد المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر الذي يقوده الشيخ غزال غزال، بـ “تعرض منازل المدنيين لقصف الطيران الحربي”، ودعا “أهلنا في سوريا عامة والساحل السوري بخاصة إلى اعتصام سلمي في الساحات” الجمعة من أجل “إعلاء صوت الحق في وجه الظلم”، بدءاً من الساعة الثانية بعد الظهر، في مدن عدة بينها اللاذقية وطرطوس ودمشق وحمص.
ونفت مصادر في وزارة الدفاع السورية لقناة “العربية” الهجوم بالمروحيات على أحياء سكنية في جبلة.
ومع شيوع مقتل عناصر من قوات الأمن يتحدر غالبيتهم من محافظة إدلب (شمال غرب)، معقل “هيئة تحرير الشام”، الفصيل الذي قاد الهجوم الذي أطاح بالأسد قبل ثلاثة اشهر، تجمع حشد من الشبان وسط مدينة إدلب، وفق مراسل الصحافة الفرنسية، دعماً للقيادة العسكرية، ودعت مساجد عبر مكبرات الصوت إلى “الجهاد” ضد المسلحين في الساحل السوري.
وتجمعت حشود مماثلة في مدن عدة بينها حماة وحمص (وسط) وحلب (شمال) والقنيطرة (جنوب) ودير الزرو (شرق)، “دعماً لقوات الأمن العام في مواجهة فلول ميليشيات الأسد، وبسط الأمن والأمان في جبلة وريفها”، وفق ما أوردت وكالة “سانا”.
وأصدرت الطائفة العلوية في محافظة حمص بياناً أكدت فيها رفضها أي استهداف للمؤسسة العسكرية وجهاز الأمن العام في جبلة أو في أية منطقة من الساحل السوري، وأكد البيان أن استقرار البلاد وأمنها هو مسؤولية الجميع و”لا يمكن السماح لأية جهة بجرنا إلى دوامة الفوضى والتخريب”.
في الأثناء قال فصيل “جيش سوريا الحرة” اليوم الجمعة أنه يجري دوريات مكثفة على طول الحدود مع العراق قرب التنف لفرض الأمن والاستقرار و”منع عمليات تهريب الأسلحة والأنشطة الخبيثة التي تهدد استقرار المنطقة ودول الجوار”.
من جانب آخر قالت قوات سوريا الديمقراطية أنها تتعامل بدعم جوي من قوات التحالف الدولي مع تحركات لخلايا تنظيم “داعش” حاولت التسلل من الضفة الغربية إلى الريف الشرقي لدير الزور، حيث أوقعت إصابات في صفوف هذه العناصر.
توتر بريف اللاذقية
وجاء التوتر في ريف اللاذقية الخميس بعدما شنت قوات الأمن حملة أمنية في مدينة اللاذقية الساحلية منذ الثلاثاء الماضي أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين في الأقل، بحسب المرصد.
وأطلقت قوات الأمن الثلاثاء الماضي حملة في حي الدعتور بعد تعرض عناصرها لـ”كمين مسلح” نصبته “مجموعات من فلول ميليشيات الأسد”، مما أسفر عن مقتل اثنين منهم، وفق ما نقل الإعلام الرسمي السوري عن مصادر أمنية.
توترات أمنية
وشهدت مدينة اللاذقية التي تقطنها غالبية علوية خلال الأيام الأولى بعد الإطاحة بالأسد توترات أمنية تراجعت حدتها في الآونة الأخيرة، لكن ما زالت تسجل هجمات عند حواجز تابعة للقوى الأمنية من وقت إلى آخر، ينفذها أحياناً مسلحون موالون للأسد أو عناصر سابقون في الجيش السوري، وفق المرصد.
ومنذ سيطرة السلطات الجديدة على الحكم في دمشق في الثامن من ديسمبر 2024 تسجل اشتباكات وحوادث إطلاق نار في عدد من المناطق، يتهم مسؤولون أمنيون مسلحين موالين للحكم السابق بالوقوف خلفها، وتنفذ السلطات حملات أمنية تقول إنها تستهدف “فلول النظام” السابق تتخللها اعتقالات.
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر عن حصول انتهاكات تتضمن مصادرة منازل أو إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تضعها السلطات في إطار “حوادث فردية” متعهدة بملاحقة المسؤولين عنها.
السعودية تؤكد وقوفها إلى جانب الحكومة السورية
أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة “الجرائم التي تقوم بها مجموعات خارجة عن القانون في الجمهورية العربية السورية واستهدافها القوات الأمنية”.
وأضافت في بيان أن المملكة تؤكد وقوفها إلى جانب الحكومة السورية في ما تقوم به من جهود لحفظ الأمن والاستقرار والحفاظ على السلم الأهلي.
ودان البيان الختامي للاجتماع الوزاري لمجلس التعاون الخليجي أعمال العنف كافة التي تهدف لزعزعة استقرار سوريا، كما دعا إلى رفع العقوبات عن هذا البلد.
- إندبندنت