دمشق ـ «القدس العربي»: أصدرت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، ممثلةً بالمشايخ حكمت الهجري ويوسف جربوع وحمود الحناوي، بيانا يضم بنود الاتفاق المبرم مع بقية المرجعيات الاجتماعية وقادة الفصائل العسكرية في السويداء.
واعتبر البيان بنود الاتفاق بمثابة تفاهمات أولية، ركّزت على منع دخول أي قوات من خارج السويداء، وتفعيل دور الشرطة والضابطة العدلية من أبناء المحافظة حصراً، وتأمين طريق دمشق ـ السويداء، ورفع الحصار عن المناطق المحاصر، فيما صرّح محافظ السويداء، مصطفى بكور، بأن الحكومة وافقت على الطلبات الصادرة عن اجتماع مشايخ وقادة الطائفة في السويداء مؤكداً عدم دخول أي قوات من خارج المحافظة.
طلب الحماية الدولية هو رأي شخصي ولا يعبر عن رأي الطائفة ككل
وللكشف عن تفاصيل الاتفاق وظروفه، التقت «القدس العربي» الشيخ يوسف جربوع، الذي أكد على التوافق مع الإدارة السورية الجديدة، لقطع الطريق أمام بعض الأطراف الخارجية الساعية لإشعال فتيل الفتنة الطائفية، مؤكدا أن السويداء جزء من سوريا، وتخضع للقانون العربي السوري، وتتبع للدولة السورية، ولن تبادر بفصل نفسها باللامركزية أو أي نظام آخر دون أن يكون هناك توافق من الدولة، وسائر المناطق السورية، لافتا إلى أن ما حدث من تدخل إسرائيلي في سوريا هو استغلال للملف الدرزي، والضغط بهدف تحقيق مكاسب إسرائيلية.
وأكد أن طلب الحماية الخارجية لا يحقق الاستقرار في المحافظة، فتلك الدول لا تريد مصلحة الشعوب، وإنما هناك مصالح دولية تتحقق ووقودها هو الشعوب.
هنا نص الحوار:
■ ماهي بنود الاتفاق المبرم بين السلطات السورية ومشايخ وزعماء الطائفة الدرزية في السويداء، وعلى ماذا ركزت بنوده؟
□ الاتفاق اهتم بالدرجة الأولى بتفعيل الضابطة الشرطية والضابطة العدلية وآلية عملها وانتشارها على أرض المحافظة، وتفعيل دور القضاء، للقيام بدورهم في استتباب أمن وأمان المواطنين، وتأمين طريق السويداء ـ دمشق من قبل الدولة، وعودة الأمان والاستقرار لصحنايا وأشرفيتها وجرمانا. لدينا توافق بيننا وبين الدولة بأن يتولى أبناء المحافظة المهمة داخل السويداء، وذلك تتويجا للاجتماع الأخير الذي جرى قبل أيام مع المرجعيات الدينية، كما بادر محافظ السويداء مصطفى البكور بالإشراف على تطبيق الاتفاق على الأرض.
■ ماهي هواجس أهالي محافظة السويداء ممثلين بمرجعياتهم الدينية والاجتماعية، والتي أصرت على نوع من الخصوصية لإدارة شؤون المحافظة؟
□ نحن نعلم أن هناك الكثير من أخوتنا في الوطن من كل الطوائف هم بعيدون كل البعد عن التطرف، لكن من الملاحظ وجود غلو طائفي عند الجميع بكل الطوائف، كما أن هناك تصرفات ضمن الإطار الطائفي من أبناء الطائفة الدرزية، لمسناها عبر شعارات ومقاطع مصورة نحن لا نقبل ولا نسمح ولا نرضى بها. خوفنا ليس من أشخاص بحد عينهم، ولا من الحكومة في دمشق، وإنما من فكر طائفي، ولاحظنا وجود نوع من التجييش الطائفي، وهذا التحريض أعطى شعورا بالخوف والحذر لدى أبناء محافظة السويداء عموما، ولدى أبناء الطائفة في ريف دمشق.
إذا أرادت الدولة أن تنهج نهج المركزية فنحن جزء من سوريا ولن نبادر بفصل أنفسنا باللامركزية أو أي نظام آخر
الخوف من محاولات التعدي أو الانتقام تحت الشعارات الدينية التي انطلقت سيما في الفترة الأخيرة، والتي بنيت على مقطع صوتي مفبرك وثبت فيما بعد أنه لا يمت لأحد من أبناء الطائفة، كما أن الحكومة في دمشق أبدت تقديرها لهذا الظرف، وكذلك محافظ السويداء الذي قدّر الظرف وعلى أساسه انطلقنا بالتعاون، حيث توصلنا إلى صيغة توافقية.
هناك بعض الأطراف التي تعمل على إشعال فتيل الفتنة الطائفية، كانت الأمور مدبرة، وأنا اعتقد أنها ترتبط بأطراف من خارج الوطن، هناك من يعمل بشكل ممنهج على إشعال نيران الطائفية في سوريا.
■ هل سينضوي أبناء محافظة السويداء في وزارة الدفاع ضمن ألوية وفرق خاصة بهم؟
□ كل جندي يكلف في العمل داخل محافظة السويداء سيكون من أبناء المحافظة، سوى الضباط الذين سيشرفون على هذه القطع العسكرية.
أكد أن حركة «رجال الكرامة» و«لواء الجبل» وفصيل قوات سلطان الأطرش و5 فصائل أخرى سينضمون للجيش
في المقابل، لن نمانع بوجود أبناء لنا في الجيش العربي السوري، يخدمون خارج المحافظة، ونحن جميعا نخضع لنظام الجمهورية العربية السورية.
هذه الخصوصية مؤقتة، فرضها الظرف الاستثنائي الذي نعيشه اليوم، نتيجة الظروف الحالية، وهي ظروف حرجة للجميع، واعتقد عندما تهدأ الأمور وتذهب الدولة إلى ترسيخ أركانها، ونذهب إلى دولة العدل والقانون والمساواة، دولة مدنية تحفظ حرية وحقوق المواطنين، سوف يكون تعاوننا أكبر مع محطينا من أبناء الوطن.
■ هل باشرتم بالتنسيق مع وزارة الدفاع بخصوص دمج الفصائل المحلية؟
□ خطوة دمج الفصائل المحلية بوزارة الدفاع ستكون خلال مراحل مقبلة وربما ستكون الخطوة التالية ولن تتأخر، من خلال التعاون بين وزارة الدفاع وأبناء المحافظة لتشكيل جيش يكون عتاده وكوادره من أبناء المحافظة.
إسرائيل تستعملنا كورقة ضغط لتحقيق مصالحها، أو لتحقيق أهداف معينة في سوريا تحت ذريعة حماية الأقليات
هذه الخطوة يجري التحضير لها الآن، وسوف تنتشر هذه الألوية والفرق ضمن حدود المحافظة، وفي محطيها، وهي أحد الشروط لحماية السويداء، والاتفاق يقضي بانتشار الفصائل المسلحة التي تعتبر ضمن الخط الوطني، على أن يكونوا ضمن كوادر الجيش المرتقب بالتعاون مع وزارة الدفاع في الجمهورية العربية السورية.
■ من هي الفصائل المعنية بالاندماج بالجيش السوري؟
ـ بالنسبة للفصائل التي ستندمج ضمن الجيش هي حركة رجال الكرامة ولواء الجبل، وفصيل قوات سلطان الأطرش، وغيرهم هناك نحو 5 فصائل، والباب مفتوح، حيث سيخضع المنتسبون لدارسة أمنية قبل الموافقة أو رفض التحاقهم بالجيش والأمن. كان الهدف من وجود الفصائل على الأرض بشكل ذاتي حماية المؤسسات. وفيما يتعلق بآلية التوزيع والانتشار ضمن الضابطة العدلية والشرطية والأمن العام، لم يبدأ بعد الانتشار بشكل كامل، أول أمس كان هناك بعض العناصر من الضابطة الشرطية، تواجدوا مع المحافظ في قرية الصورة، واعتقد أنه سوف يتم انتشارهم تباعا على كامل مدن وقرى السويداء.
■ هل يمكن اعتبار التفاهمات القائمة اتفاقيات مرحلية وخطوة في طريق بناء الثقة؟ أم خطوة في اتجاه تطبيق اللامركزية الإدارية؟
□ نحن نذهب إلى أكثر الحلول المتاحة للتطبيق، كنا وما زلنا مرتبطين بالدولة السورية منذ عقود، والانتقال إلى مرحلة جديدة في اللامركزية الفدرالية وأي شكل من أشكال الحكم السياسي التي سوف تطرح، يجب أن يكون بالتعاون والتنسيق مع كافة المناطق في سوريا، إذا أرادت الدولة أن تنهج نهج المركزية، فنحن جزء من سوريا، ولن نبادر بأن نفصل أنفسنا باللامركزية أو أي نظام آخر دون أن يكون هناك توافق مع الدولة وسائر المناطق السورية على هذا التوجه، وإذا كانت الدولة السورية تنهج اللامركزية ضمن أسس وإطار معين نحن مع هذا التوجه، وإن كان توجه الدولة إلى غير ذلك فنحن معها، وما يطبق على سوريا ينطبق علينا.
شرح بنود الاتفاق مع دمشق… واعتبر أن إسرائيل تستغل الملف الدرزي لتحقيق مصالحها
نخضع للقانون العربي السوري، ونحن نتبع للدولة السورية، هناك إدارة تمثل الحكومة السورية، توجد في السويداء ضمن قطاع الجيش والشرطة والأمن العام والجنائية، وهناك تعاون على الأرض، حتى في الجيش سوف يكون هناك ضباط من خارج السويداء يشرفون على القطع العسكرية الموجودة في السويداء هذا موجود ضمن الاتفاق ولا مانع فيه. السويداء تتبع بالكامل إلى الجمهورية العربية السورية وليس هناك خيار آخر.
■ ماهي الخطوة التالية ما بعد مرحلة بناء الثقة؟
□ الأمور الخدمية ستكون الأولوية بالدرجة الأولى، من ناحية تحسين الوضع الاقتصادي، المرتبط بشكل مباشر بالوضع الأمني، وتحسين دخل المواطن وإيجاد حلول للمشكلات الصعبة التي يمر بها الوطن.
■ ما هو موقف الشيخ حكمت الهجري من الاتفاق الأخير؟ ولماذا عارض مرارا التواصل مع الإدارة الجديدة في دمشق؟
□ وافق الشيخ حكمت الهجري على بنود الاتفاق الأخير، وسبب معارضته هو عدم الثقة التي كان لها دور كبير بهذا التوتر.
■ هل طرح الاتفاق تجريم أو رفض دعوات الحماية الدولية؟
□ لا نعتقد أن طلب الحماية الخارجية يحقق الاستقرار في المحافظة، تلك الدول لا تريد مصلحة الشعوب، وإنما هناك مصالح دولية تتحقق ووقودها هو الشعوب. كما أنه لم يطرح موضوع تجريم من طلب الحماية الدولية ضمن بنود الاتفاق، وطلب الحماية الدولية هو رأي شخصي ولا يعبر عن رأي الطائفة ككل.
■ هل سيتم حصر السلاح بيد الدولة؟ وكيف تعامل الاتفاق مع السلاح المنتشر بيد المدنيين والعسكريين في السويداء؟
□ بالنسبة للسلاح، فإن وجوده يعود لأيام النظام السابق، بسبب فشل الدولة السورية في الدفاع عن أهالي المحافظة، هناك سلاح فردي خفيف موجود في أيدي المدنيين، أما الفصائل فلديها سلاح متوسط، ولكننا في السويداء لا نملك سلاحا ثقيلا، هذا السلاح سوف يتم تنظيمه بالتعاون مع الدولة. الاتفاق سوف يعمل على تنظيم وضع السلاح، بعد تنظيم الفصائل المحلية ضمن قوات وزارة الدفاع وقوات الأمن، وأي سلاح مخالف بعد هذا التنظيم سوف يطلب من أصحابه تسليمه. نحن بطبيعتنا شعب مسالم لا نرغب بالسلاح، ومتى شعر الناس بالأمان من قبل دولتهم، سوف يسلمون أسلحتهم، وهذا يعني أن كل سلاح خارج نطاق الدولة سيتم سحبه في مرحلة لاحقة.
■ الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا وصفت بأنها أشد خطورة من كلّ ما سبقها، إذ تتذرّع إسرائيل بحماية المكوّن الدرزي لتبرير التوغل واستباحة الأجواء، ألا تعتبر أن الكيان الإسرائيلي يدفع سوريا إلى حرب مكونات تضعها على طريق تفكك دائم؟ ما هو موقفكم أيضا من المساعدات الإسرائيلية التي دخلت إلى المحافظة؟
□ الوضع في السويداء استثنائي، وقدّرت الدولة والقيادة في دمشق هذا الظرف، وحاولت أن تحل الأمور بشكل معتدل، وأعتقد ضمن عرف الدولة والأعراف القانونية يستهجن هذا الاتفاق، لكن في ظل هذا الظرف، وللخروج من المأزق الذي نعيشه، وافقت الدولة على هذه الشروط. بعد فترة من الزمن، وعند استقرار الوضع، سوف تعود السويداء كباقي المحافظات السورية، وستعود الأمور إلى نصابها بشكل قانوني كامل، ما حدث من تدخل إسرائيلي في سوريا هو عمليا استغلال للملف الدرزي للضغط بهدف تحقيق مكاسب إسرائيلية بشكل أو بآخر. الهدف كان سياسيا، وإسرائيل حاولت أن تستعملنا كورقة ضغط لتحقيق مصالحها، أو لتحقيق أهداف معينة في سوريا، تحت ذريعة حماية الأقليات.
سيتم تنظيم وضع السلاح بعد تنظيم الفصائل المحلية ضمن قوات وزارة الدفاع وقوات الأمن
ما حصل في سوريا، وإظهار إسرائيل نفسها بأنها تدافع عنا، وضعنا في قلب العاصفة، وفي فوهة المدفع فيما يتعلق بمحيطنا العربي والإسلامي، ونحن لم نطلب الحماية من إسرائيل، ولم نطلب منها التدخل وإنما هي تدخلت لأهداف سياسية ولاستثمار الموقف في سوريا، من خلال الطائفة الدرزية
■ ماهي رسالتكم للشعب السوري؟
□ رسالتنا إلى الشعب السوري: نحن أهل، ومجتمع واحد، تعايشنا على مدى قرون فيها الخير والبركة والمحبة والألفة، أما الاقتتال فلن يثمر شيئا، ولن تبنى الدولة السورية بالاحتقان والتطرف الطائفي، وإذا كنا نريد أن نبني وطنا يجب أن نكون يدا واحدة وأن نتجاوز هذه المرحلة بالمحبة والتعاون، لنحمي أولادنا مما يتربص بهم من الشرور المقبلة، ونأمل أن يكون القادم أفضل لسوريا.
- القدس العربي
