دمشق ـ «القدس العربي»: دعا أساتذة اقتصاد في سوريا إلى الاستفادة من «الفرصة التاريخية» المتمثلة برفع العقوبات الغربية، فيما توقع أحدهم دخول 10 مليارات دولار الى البلد.
تحسين البنية التحتية
وبيّن عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، علي كنعان، أنه برفع العقوبات أصبح بإمكان البنك المركزي تلقي الأموال لصرفها في تحسين البنية التحتية والخدمية للبلاد في الجوانب الصحية والخدمية والتعليمية وغيرها، إضافة إلى المجالات الانتاجية، متوقعاً أن يدخل إلى سوريا حوالي 10 مليارات دولار.
ولفت الى أن حجم الأموال المجمدة للبنك المركزي في الخارج يقدر بما بين مليار إلى 1.5 مليار دولار، وهذا مبلغ ليس بالكبير كما كان يشاع بأن المبالغ المجمدة في الخارج تصل إلى 5 مليارات دولار.
وأوضح لـ«القدس العربي» أن الاقتصاد السوري لا يمكن أن ينطلق من دون الخطوة الأولى، وهي رفع العقوبات التي سوف تساهم في الدرجة الأولى في دمج البنوك السورية مع البنوك الدولية بعد فتح شبكة سويفت أمامها، وبالتالي السماح بتحويل الأموال إلى سوريا وبالعكس، معتبراً أن هذه الخطوة ضرورية لأنها تسمح للمستثمرين السوريين وغير السوريين بتحويل أموالهم بكل سلاسة من دون أن يحملونها عبر الحقائب.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 30 تريليون ليرة سورية محجوبة عن التعامل، باعتبار أنها مخبأة في مستودعات مجهولة، وقام بإخفائها ما بين 15 إلى 20 من تجار الحرب الذين احتكروا الاقتصاد السوري في سنوات الثورة، حسب قوله.
وقال إن العملة الحالية يتم التداول في القسم الأكبر منها خارج النظام المصرفي، وربما تكون خارج الاقتصاد السوري. ومن هذا المنطلق يتطلب طباعة عملة جديدة حيث تمتلك الحكومة أدوات لإدارة اقتصاد الدولة، بعد أن تصبح السيولة الجديدة في البنك المركزي، وبهذه الأدوات يتم تحريك عجلة الانتاج من خلال توزيع السيولة على المصارف ومنها إلى التداول.
وعبر عن توقعاته بأن تتم طباعة عملة جديدة للبلاد، وقال: اقتراحنا أن تكون بلاستيكية لأنها غير مكلفة، بهدف تسيير الأعمال إلى أن يتم استقرار الصرف والبدء بتعديل العملة، متوقعا أنه سيتم الحفاظ على قيمة العملة من دون حذف أي صفر في الوقت الراهن إلى أن يتم الإصلاح النقدي.
أحدهم توقّع دخول 10 مليارات دولار إلى البلد
وتوقع أن فترة الإصلاح النقدي تحتاج إلى خمس سنوات، وهناك توقعات بأن يحصل خلال السنوات المقبلة تضخم، فلا يجوز إجراء إصلاح نقدي اليوم، ومن ثم نجري إصلاحا نقديا آخر بعد فترة لأن سعر الصرف ليس مستقرا.
وأقامت كلية الاقتصاد الأربعاء ندوة حول الآثار الاقتصادية لرفع العقوبات عن سوريا، تحدثت فيها مجموعة من الأكاديميين والخبراء الاقتصاديين، وتناولت محاور الندوة الوضع الحالي للاقتصاد السوري، والآثار المباشرة لرفع العقوبات على القطاعات الانتاجية الرئيسية من الزراعة والصناعة والطاقة، وعلى القطاعين المالي والمصرفي والتجاري، والبنية التحتية المطلوبة لإعادة الإعمار وغيرها.
ولفت كنعان إلى أن الهدف من الندوة هو التركيز على آثار رفع العقوبات، أي أن الاقتصاد السوري بعد رفع العقوبات سوف ينطلق، وعلى الحكومة أن تجهز وتدرس الخطط وتشكل فرق العمل لإمكانية استقبال الاستثمارات من الخارج سواء كانت سورية أو عربية، إضافة إلى إعداد مشاريع البنية التحتية وخصوصاً الكهرباء، لأن صندوق النقد الدولي يركز على قطاع الكهرباء، وبالتالي يجب على الحكومة وضع دراسات أولية على حجم الاستثمارات في قطاعات البينة التحتية لتأهيلها للدخول ضمن المقاسات العالمية.
تفاؤل في الشارع
أما رئيس قسم الاقتصاد في كلية الاقتصاد، أحمد الصالح، فاعتبر أن تحسن الوضع الاقتصادي يكون وفق جملة معطيات متكاملة مبنية بشكل رئيسي على معطيات حقيقة وواقعية، جزء منها هو التفاؤل الذي تولد لدى الشارع السوري بعد المعطيات الجديدة، مضيفاً: عزز هذا المشهد رفع العقوبات عن سوريا والتي تعطي أملاً بعودة البلاد إلى المشهد الدولي والإقليمي وتمكين الاقتصاديين ن إنجاز جملة الأنشطة بتكلفة أقل.
وفي تصريح لـ«القدس العربي» قال: لمسنا مجموعة تحسينات إيجابية انعكست في تدفق السلع وانخفاض نسبي ولو بسيط بالأسعار، إضافة إلى زيادة التفاؤل لدى الشارع السوري، مع زيادة الاستعلام الخارجي حول الاستثمار في سوريا، مشدداً على ضرورة تعزيز هذه الأمور من خلال بنية مؤسساتية أكثر فعالية لمواكبة هذه المعطيات الجديدة.
ولفت إلى أن الندوة التي أجرتها كلية الاقتصاد هي مجرد عصف فكري بوجود مجموعة من الاقتصاديين انتجوا توصيات، منها ضرورة اعتماد منظومة سياسية متكاملة على صعيد الحكومة، والنظر إلى حالة رفع العقوبات على أنها قد تتيح العودة إلى الوضع الطبيعي.
كذلك دعا الاستاذ في كلية الاقتصاد زياد عربش، إلى الاستفادة من الفرصة التاريخية في رفع العقوبات على مستوى ديناميكية الاقتصاد السوري وتفعيل الطاقات، وخصوصاً أن سوريا كما هو معروف تاريخياً، أكثر من 80 ٪ من طاقاتها غير مفعلة، ولا بد من وضع خطة اقتصادية مستعجلة لالتقاط الفرص سواء إن كانت عبر التحويلات المالية أو استثمارات المغتربين السوريين، ومن ثم استثمارات العرب والأجانب، ومن ثم مشاركات استراتيجية بين سوريا ودول عربية وأجنبية لإقامة تحالفات اقتصاديات وشراكات على مبدأ «رابح رابح» في مناطق صناعية وتجارية خاصة في سوريا، لاستغلال الطاقات المتاحة وتفعيل القيم المضافة وتلبية السوق المحلية، ومن ثم التصدير نحو الخارج.
ولفت في تصريح لـ«القدس العربي» إلى أنه خلال سنوات الثورة السورية انتقلنا من نظام ريعي يعتمد على النفط والفوسفات والترانزيت وغيرها، إلى نظام ريعي آخر يقوم على استغلال المنح الدولية والتحويلات المالية، وخاصة للنازحين والمغتربين، إضافة إلى ممارسات ملتبسة منها تصدير المخدرات.
وبين أن عدم تضييع الفرصة موضوع يتطلب عملاً وجهداً كبيراً وليس عبر التصريحات فقط، لأن هذه الفرصة قد لا تتكرر.
- القدس العربي