دمشق ـ «القدس العربي: اعتبر نائب الرئاسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطي ـ مسد» علي رحمون، أن اللقاء الذي جمع أمس الأحد في العاصمة السورية، وفداً من الإدارة الذاتية لمناطق شمال شرق سوريا، مع مسؤولين من الإدارة السورية الجديدة، كان «إيجابياً وتم خلاله التوافق على تشكيل لجان فرعية لمتابعة تنفيذ اتفاق العاشر من آذار/ مارس الماضي» بين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية ـ قسد» مظلوم عبدي، بهدف دمج مؤسسات «الإدارة الذاتية» المدنية والعسكرية ضمن هياكل الدولة السورية.
طبيعة اللجان
وفي تصريح خاص لـ«القدس العربي» بيّن رحمون أن اللجان التي تم التوافق عليها، في اللقاء الذي استضافه فندق سميراميس في قلب دمشق، تنقسم بين اقتصادية لمناقشة مستقبل النفط والغاز والاستثمارات في مناطق شمال شرق سوريا، وإدارية للبحث في آليات إعادة افتتاح مؤسسات الدولة الخدمية مثل المطارات، وإدارة الهجرة والجوازات، ومديرية السجل المدني، والمحاكم، وإدارة المعابر الحدودية الدولية سواء مع تركيا أو العراق، مؤكداً أن موضوع الإدارة اللامركزية أو الفيدرالية لم يناقش، وأنه تم الحصول على وعود لحل مشكلة الشهادات الدراسية في مناطق الإدارة الذاتية بسرعة.
وأوضح أن الجلسة المقبلة من اللقاء من المرجح أنها ستكون بعد عيد الأضحى المبارك.
وفد الإدارة الذاتية، الذي كان وقد وصل دمشق ليل السبت، وأنهى جلسة مفاوضاته أمس، تم تشكيله من الكرد والسريان والعرب، ويمثلون غالبية التنوع القومي في مناطق الإدارة الذاتية، حسب رحمون، وهو مكلف بالبحث في آلية تنفيذ بنود اتفاق الشرع ـ عبدي، بما فيها الملف الاقتصادي وتحديداً بعد توقيع دمشق عقود استثمار بمليارات الدولارات مع شركات قطرية وتركية وأمريكية خاصة بالطاقة والنفط والغاز
وكشف المتحدث عن وفد آخر يمثل الإدارة السورية الجديدة سيتجه إلى مناطق الإدارة الذاتية لاستكمال المفاوضات، وسط ترجيحات بأن يترأسه من كان مكلفاً بالملف سابقاً، رئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، الذي كان قد قاد سابقا مع الإدارة الذاتية جولات تفاوضية بمشاركة ممثلين دوليين لتنفيذ اتفاق الشرع ـ عبدي.
دمشق «تتلكأ»
وتحدث رحمون عن التأخر في تنفيذ الاتفاق المشار إليه، محملاً المسؤولية الأكبر لدمشق، وقال: هناك بطء في التنفيذ، وشخصياً أرى أن الاتفاق مهم جداً لاستقرار الوضع وخصوصا في ظل الانقسام الحاد على المستويات المجتمعية والسياسية التي تترك أثرها على المستوى الاقتصادي.
لجان فرعية اقتصادية وإدارية… وجلسة مقبلة بعد العيد
وتابع: هناك تباطؤ من هنا ومن هناك، وأعتقد أن النسبة الغالبة من التلكؤ في تنفيذ الاتفاق عند الحكومة المؤقتة، مشدداً على أن أي تأخير في التنفيذ يقع على عاتق الحكومة المؤقتة في دمشق
وأضاف: قد تكون هناك قضايا يمكن أن تأخذ وقتا أطول وخصوصا في المجالين الأمني والعسكري، أما باقي المسائل الإدارية والاقتصادية فهي سهلة الحل، موضحاً أن ملف عناصر تنظيم «الدولة» وأسرهم ومخيم الهول هو من الملفات المعقدة قليلاً باعتبار أن الحكومة المؤقتة فتية، ولا خبرة لديها في مواجهة «داعش» في ظل تمدد التنظيم واستغلاله للفراغ الأمني الموجود في كلتا المنطقتين سواء في شرق الفرات أو في غربه.
وقال إن هذا الملف قد يأخذ وقتاً لإنجاز آلية التعاطي معه وحلّه، وكذلك ملف انضمام «قوات سوريا الديمقراطية ـ قسد» للجيش السوري وآلية انضمام قوات الأمن الكردية «الأسايش» إلى قوات الأمن العام.
وبين أن التفاوض لا يجري وفق مبدأ سلة واحدة، وإنما يتم التعامل مع كل بند بشكل مستقل عن سواه، وهناك فصل بين البنود.
وقال: لاحظنا أنهم بدأوا بالتوافق في ملفي حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، ثم عفرين، وبالتالي ستكون هناك ملفات ولجان متعددة لحل هذه القضايا.
دعم غربي
وأوضح القيادي الرفيع في «مسد» أن الدور الأمريكي والأوروبي داعم لتنفيذ الاتفاقية وداعم للمفاوضات، ولكن وحتى اليوم لم يكن الدور العربي ملحوظاً، «ولا أعلم ما هو السبب لأن لا يكون هناك دور عربي فاعل مع أنه أمر مطلوب».
وانتقد الدور التركي في هذا المجال، وقال أعتقد أنهم يلعبون دوراً سلبياً إلى حد ما، في تأخير تنفيذ اتفاقية الشرع ـ عبدي وعرقلة المفاوضات عليها، باعتبار أن هناك خطا مفتوحا بين الكرد والحكومة التركية، والأخيرة تحاول أن تستثمر كل تأخير في المفاوضات بين السوريين لكي تستطيع أن تحصّل أكثر وبما يحقق مصالحها، حسب قوله.
وتطرق رحمون إلى الوفد الكردي الموحد المتوقع أيضاً أن يزور دمشق للتفاوض معها، مشيراً إلى أن ذلك الوفد منفصل عن المفاوضات التي يخوضها حالياً وفد الإدارة الذاتية.
وقال: سيكون للوفد الكردي بعض المطالب فيما يخص المسألة الكردية تحديداً، وهذه لا يوجد اتفاق عليها مع الحكومة في دمشق، وستكون هناك محاولة لتضمين بعض الحقوق لهم مثلما جاء ضمن بنود اتفاقية الشرع ـ عبدي.
والاتفاق المشار إليه نص على «وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، ودمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، مع ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلادهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية، ودعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها، مع رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري، على أن تعمل اللجان التنفيذية وتسعى الى تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي».
عبدي يتحدث عن سنوات
وفي آخر تصريحات له أدلى بها لقناة «شمس» الكردية يوم الجمعة، تحدث قائد «قسد» مظلوم عبدي عن انفتاح «قسد» على الحوار مع دمشق، لكنه شدد على ضرورة أن يكون هذا الحوار ضمن إطار «اللامركزية السياسية» معتبراً أن أي عملية لدمج «قسد» في المؤسسة العسكرية السورية ستحتاج إلى سنوات، وليست مسألة يمكن إنجازها على نحو سريع أو شكلي.
وبيّن أن «قسد» تسعى إلى التوصل لصيغة تضمن بقاء قواتها قوة منظمة، ضمن هيكل وطني يتم التوافق عليه.
كما أشار إلى أن دمج «قسد» في مؤسسات الدولة يجب أن يتم في سياق اتفاق سياسي شامل، يقر بمبدأ اللامركزية ويعترف بحقوق جميع مكونات شمال وشرق سوريا. وختم بالتأكيد على تمسك «قسد» بمكتسباتها، ورفضها لأي ترتيبات من شأنها إعادتهم إلى نقطة الصفر.
كما شدد على أنه لا يمانع لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود اتصالات مباشرة بين «قسد» وأنقرة.
- القدس العربي