تكثر المواعيد المفصليّة في شأن ما ينتظر الإقليم ومنه لبنان. إضافة إلى أنّ 31 آب هو التوقيت الأخير للتجديد لقوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة في جنوب لبنان، وهو أيضاً لخطّة الجيش اللبناني لسحب سلاح “الحزب”.
يسبق الموعدين في 15 آب، الجمعة المقبل، انعقادُ قمّة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في ألاسكا لإطلاق مسار إنهاء الحرب الأوكرانية. من يرصدون التمهيدات يتساءلون عن مدى توسّعها في بحث الملفّات الإقليمية، لا سيما سوريا وإيران. والبعض يسأل عن لبنان.
زيارة وزيرَي الخارجية أسعد شيباني والدفاع مرهف أبو قصرة السوريَّين لروسيا قبل زهاء أسبوعين، جاءت نتيجة إلحاح تركي على موسكو ودمشق معاً أن تستعيدا بعض الحرارة في العلاقات.
لعبت أنقرة دوراً رئيساً في تشجيع قيادتَي البلدين على التلاقي جرّاء قلقها من المنحى التقسيميّ الذي تأخذه الممارسات الإسرائيلية في سوريا. ارتفع منسوب قلق الجانب التركي، الذي يعدّ الطرف الخارجي الأكثر انخراطاً في دعم النظام الجديد، حيال هذا التوجّه نتيجة اندلاع الصدامات العسكرية في محافظة السويداء وما خلّفته من توتّر في علاقات المكوّنات السوريّة. راقب الجانب التركي ارتفاع حدّة الاحتقان الداخلي، لا سيما أنّ اندلاع اشتباكات السويداء في 12 تمّوز الماضي جاء بعد أحداث الساحل السوري في آذار، التي خلّفت مئات القتلى قضى الكثير منهم في مجازر استعادت حدّة الصراع بين أكثريّة العلويين الداعمين لنظام الأسد، وبين المسلّحين السنّة الداعمين لحكم أحمد الشرع. بعض هؤلاء تصرّف بغريزة الثأر من المظالم إبّان النظام البائد. عزّز هذا القلق تبادل الانتهاكات في الجنوب السوري، وسط تدخّل إسرائيلي يوميّ. الخشية التركيّة من أن ينعكس تقدّم مخطّط تقسيم سوريا على شمالها الشرقي الحدوديّ (مناطق سيطرة “قسد”).
تكثر المواعيد المفصليّة في شأن ما ينتظر الإقليم ومنه لبنان. إضافة إلى أنّ 31 آب هو التوقيت الأخير للتجديد لقوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة في جنوب لبنان، وهو أيضاً لخطّة الجيش اللبناني لسحب سلاح “الحزب”.
التّواصل الرّوسيّ السّوريّ: تباطؤ ثمّ تفعيل
كان التواصل السوري الروسي قد تباطأ، بعد اتّصال الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في 12 شباط الماضي، على الرغم من رغبة موسكو بتجاوز مسألة دعمها النظام المخلوع. تأجّلت زيارة شيباني لروسيا أكثر من مرّة نتيجة تركيز الحكم الجديد على العلاقة مع الولايات المتّحدة، ورفع عقوباتها عن سوريا.
لكنّ التنسيق المتواصل بين موسكو وأنقرة أدّى إلى إحياء جهود العودة بالعلاقة الروسيّة السوريّة إلى مسار التفاهم.
لا يخفي المتّصلون بموسكو أنّ نظام الشرع يعاني من ضعف الإمساك بالأرض. فأحداث الساحل وتفجير الكنيسة في دمشق وبعض الحوادث ضدّ المسيحيين، ثمّ اشتباكات السويداء، وفشل التفاوض مع قوات “قسد” على الاندماج بالجيش كشفت هذا الضعف. الفصائل التي يتشكّل منها الجيش و”إدارة الأمن العامّ” متناحرة ولا تنضبط بالأوامر التي تتلقّاها من القيادة التي يتساهل بعضها مع جزء من الفصائل.
المطالب السّوريّة من روسيا
يشير هؤلاء إلى أنّ الجانب السوري طالب في موسكو بتسليح الجيش، لا سيما أنّ ركيزة سلاحه الذي دمّرته الاعتداءات الإسرائيلية روسيّة. ثبت أنّ التركيبة العسكرية السوريّة قائمة على سلاح موسكو، في وقت تقتصر معدّاته حاليّاً على أنظمة بدائية تستخدم سيّارات مدنيّة لأغراض عسكرية. وطالب الجانب السوري بالعودة إلى تدريب الضبّاط السوريّين. وشملت المحادثات المساعدات الاقتصادية من باب اهتمام موسكو بالاستثمارات وفق اتّفاقات سابقة في عدد من المجالات.
تدرك أنقرة أنّ لموسكو دوراً في الحؤول دون تقسيم سوريا من خلال استخدام نفوذها على إسرائيل، وعلى الساحل السوري وفلول النظام
تقاطع في سوريا أم خضوع لنتنياهو؟
تدرك أنقرة أنّ لموسكو دوراً في الحؤول دون تقسيم سوريا من خلال استخدام نفوذها على إسرائيل، وعلى الساحل السوري وفلول النظام، وحرصها على حماية الوجود المسيحي الخائف من ممارسات الإسلاميين التكفيريّين. تُضاف إلى ذلك علاقتها إبّان النظام البائد مع الدروز من خلال ممارسة نفوذها على الأسد في حملاته العسكرية على السويداء، بطلب من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. واحتفظت القيادة الروسيّة بعلاقة مستقرّة مع تشكيلات الأكراد في “قسد” و”مسد”.
يهتمّ خبراء السياسة الروسيّة بالملفّات الإقليمية التي يمكن لترامب وبوتين بحثها من خلال الملفّين اللذين يعنيان موسكو أكثر:
- حين شدّد الموفد الأميركي توم بارّاك على وحدة سوريا إبّان الصدامات الأهليّة الأخيرة، ونصح قيادة “قسد” والمكوّن الكردي بتنفيذ الاتّفاق مع الشرع بدمج التنظيم العسكري بالجيش، وجد في ذلك نقطة تقاطع روسي أميركي في شأن وحدة سوريا. هذا على الرغم من أنّ أنقرة بقيت على خشيتها من طغيان تأثير بنيامين نتنياهو على القرار الأميركي. باستطاعة موسكو إقامة توازن يحدّ من تدخّلات إسرائيل التقسيمية في سوريا نتيجة علاقتها مع الدولة العبريّة.
النّصائح لطهران
- هناك نقاط تقاطع عديدة روسية أميركية في الملفّ الإيراني. سبق أن حذّرت موسكو طهران، سواء على مستوى الكرملين أو وزير الخارجية سيرغي لافروف، من التصلّب في الحوار مع إدارة ترامب في المحادثات النوويّة. نصحتها بالاعتدال، على أن تساعد في إيجاد مخارج للخلاف مع واشنطن على حقّها بتخصيب اليورانيوم. شملت النصيحة “ألّا تدفعوا ترامب إلى الانحياز لنتنياهو في توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني”. وبعد الضربة العسكرية الأميركية الإسرائيلية لطهران، دعت موسكو طهران إلى العودة إلى المفاوضات، لتجنّب تجدّد التصعيد العسكري. ونصحتها بعدم الانسحاب من المنظّمة الدولية للطاقة الذرّية، وبعدم وقف تعاونها معها.
لبنان ليس على الأجندة
ماذا عن لبنان؟ يستبعد المتابعون لقمّة ألاسكا أن يكون حاضراً بذاته على طاولة البحث. لكنّه قد يكون حاضراً من خلال ملفّي سوريا وإيران. الدبلوماسية الروسية مع تنفيذ القرارات الدولية المعنيّة بلبنان، وسبق أن صوّتت على معظمها في مجلس الأمن. ورصدت ردود فعل طهران السلبية على قرار الحكومة تكليف الجيش وضع خطّة لسحب سلاح “الحزب” وسائر الميليشيات، وسجّلت وجود معارضة واسعة للتدخّل الإيراني من خلال رفض القرار الحكومي.
ثمّة من يتوقّع حضور لبنان في القمّة من زاوية الملفّين السوري والإيراني. سبق أن دعت موسكو إلى تجنيب لبنان الحرب منذ انطلاق حرب الإسناد في تشرين الأوّل 2023… لكن لا تواصل بين بيروت وموسكو قبل القمّة، فالسفير اللبناني في روسيا أُحيل للتقاعد، وبديله لم ينتقل إليها. والسفير في بيروت في إجازة، والجانب اللبناني لم يتواصل مع القائم بالأعمال بعد.
- أساس ميديا