في تصريح لافت، أكد السيناتور الأمريكي جو ويلسون أن استقرار سوريا الموحّدة هو ضربة إستراتيجية كبرى، تعني محاصرة إيران وداعش، والعمل مع تركيا، وطرد القواعد الروسية في نهاية المطاف. وحذّر من أن سوريا المنقسمة تعني فوضى على طريقة ليبيا أو الصومال، وعودة الإرهاب بصيغة جديدة.
قد يرى البعض أن هذه الكلمات مجرد موقف سياسي عابر، لكن الحقيقة أن ما قاله ويلسون يعكس إدراكاً متنامياً في واشنطن بأن وحدة سوريا واستقرارها ليست فقط مصلحة سورية، بل أيضاً مصلحة أمريكية ودولية. وهنا تكمن الفرصة التي يمكن أن تغيّر مسار الأزمة.
سوريا الموحّدة… مصلحة للجميع
حين يتحدث مسؤول أمريكي عن “سوريا الموحّدة” فإنه يضع يده – ولو من زاوية مصلحته – على ما يحتاجه السوريون منذ سنوات: إنهاء الانقسام الجغرافي والسياسي، وعودة الدولة الواحدة القادرة على حماية حدودها ومنع المشاريع الخارجية.
هذه الوحدة، إذا تحققت، تعني:
- إغلاق الباب أمام مشاريع التقسيم والانفصال التي غذّت الصراع.
- استعادة القرار السيادي من أيدي القوى الأجنبية.
- إنهاء حالة “الدويلات” التي استنزفت الشعب وأرهقت الاقتصاد.
إسقاط المشاريع الانفصالية
المشاريع الانفصالية التي حاولت فرض أمر واقع على الأرض لم تنجح في بناء شرعية حقيقية، وبقيت رهينة الدعم الخارجي.
اليوم، ومع تغيّر المزاج الدولي، وتنامي القناعة بأن استقرار سوريا الموحدة يخدم محاربة الإرهاب وضبط الحدود، فإن أي ترتيبات سياسية قادمة ستدفع نحو:
- إنهاء الكيانات الموازية للدولة.
- إعادة دمج جميع المناطق تحت مظلة وطنية واحدة.
- ضمان حقوق المكوّنات ضمن دستور جامع، لا عبر تقسيم الأرض.
التحالفات الإقليمية فرصة وليست تهديداً
ذكر ويلسون التعاون مع تركيا كجزء من الحل، وهذا قد يكون فرصة لإعادة صياغة العلاقات الإقليمية بما يخدم سوريا:
تركيا معنية بحدود آمنة ومستقرة، وهذا يتقاطع مع مصلحة السوريين.
أي تفاهمات بين دمشق وأنقرة، برعاية أو دعم دولي، يمكن أن تُغلق جبهة الشمال أمام محاولات التقسيم.
استقرار يخنق الإرهاب
سوريا الموحدة والمستقرة ليست شعاراً سياسياً؛ بل هي الضمانة الوحيدة لعدم عودة داعش وأشباهه.
الفراغات الأمنية، وحكم الأمر الواقع، وتعدّد القوى المسلحة، كلها بيئات مثالية لولادة الإرهاب. أمّا الدولة الواحدة، بجيشها ومؤسساتها، فهي القادرة على حماية كل السوريين.
اللحظة السياسية النادرة
كلمات ويلسون تعني أن هناك نافذة سياسية نادرة، حيث تلتقي مصالح السوريين مع مصالح قوى كبرى. وهذه اللحظة لا تتكرر كثيراً في التاريخ:
- واشنطن تريد استقراراً يوقف تمدّد إيران ويمنع عودة داعش.
- الإقليم يريد حدوداً آمنة وتجارات مفتوحة.
- السوريون يريدون وطناً واحداً يحميهم ويمنحهم الأمان.
الأمل ممكن
لسنوات كان يُقال إن العالم يريد إبقاء سوريا مقسّمة. اليوم، هناك إشارات معاكسة.
تصريح ويلسون ليس نهاية الطريق، لكنه بداية خطاب دولي جديد يمكن البناء عليه. إذا تحرّك السوريون بموقف وطني جامع، فإن مشاريع الانفصال ستتلاشى، وستعود سوريا لتقف على قدميها دولة واحدة لكل أبنائها.
إنها فرصة تاريخية، فإمّا أن نستثمرها في استعادة الوطن، أو نتركها تضيع وتعود الفوضى. والتاريخ لا يرحم من يضيع الفرص.
- كاتب سوري