دمشق ـ «القدس العربي»: تشهد العاصمة الأمريكية واشنطن تحركات حاسمة بشأن قانون قيصر وعقوباته المفروضة على سوريا، وسط دعم متزايد من بعض أعضاء الكونغرس لإلغائه، مقابل تحفظات مرتبطة بفرض شروط على الحكومة السورية المؤقتة في دمشق.
في هذا الإطار، قال النائب الجمهوري، براين ماست، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، في تصريح لصحيفة «ذا هيل»، إنه سيؤيد إلغاء العقوبات الشاملة على سوريا، لكنه يرغب في تضمين صياغة تنص على فرض عقوبات جديدة إذا فشلت الحكومة السورية في الالتزام بشروط محددة.
ويأتي موقفه في وقت يدعم فيه الرئيس دونالد ترامب الإلغاء الكامل للعقوبات، بينما يُجري مجلسا النواب والشيوخ مفاوضات مكثفة لدعم مسودة قانون تفويض الدفاع الوطني قبل نهاية يوم الجمعة، تمهيداً للتصويت على إلغاء العقوبات في الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول.
وأكد ماست للصحيفة أن موقفه لا يتعارض مع إدارة ترامب، مشيراً إلى أن الرئيس لا يملك سوى صلاحية التنازل عن العقوبات لمدة ستة أشهر.
وقال: «لقد ألغيت بالكامل، على أن تكون هناك آليات، أو بالأحرى شعور بضرورة إعادة فرض العقوبات في حال عدم استيفاء عدد من الشروط… لا تزال ملغاة بالكامل».
ومن المتوقع أن تواجه دعوته لإضافة «شروط» لم يحددها اعتراضاً من مؤيدي الإلغاء الكامل، الذين يرون أن أي تهديد بإعادة فرض العقوبات قد يؤثر سلباً على إعادة إعمار سوريا وعودة تأهيلها. وأوضح ماست، الذي برز كأحد أبرز المعارضين للإلغاء الكامل، أنه يجري محادثات «ذهاباً وإياباً يوميا» مع البيت الأبيض.
وكان ترامب والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وحلفاؤهما في الكونغرس ونشطاء المجتمع المدني قد دفعوا نحو الإلغاء الكامل للعقوبات بعد نجاح الشرع في الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول.
ويُعد نظام العقوبات واحداً من أكثر التشريعات شمولا والتي منعت التعاملات المالية مع سوريا، وعاقبت الدول المتعاملة مع دمشق بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وعمليات القتل الجماعي، وسجن المدنيين.
ويقول مؤيدو سوريا، حسب الصحيفة، إن عدم إلغاء العقوبات بالكامل سيجعل الشركات الأمريكية والدول الحليفة تتردد في الاستثمار في سوريا، كما أن عقوبات قانون قيصر صعّبت معرفة مصير الأمريكيين المختفين هناك.
مصطفى أكد لـ «القدس العربي» أن قانونا سيطرح للتصويت بعد حوالي 3 أسابيع
في المقابل، يدعو معارضو الإلغاء الشامل إلى وضع شروط تتعلق بحماية الأقليات، ومكافحة الإرهاب، والالتزام بالتوصل إلى سلام مع إسرائيل.
وفي سياق النقاشات الدائرة حول مسار رفع قانون قيصر، قال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ، لـ«القدس العربي»: «في الليلة الماضية، وافق ماست، وأحد أبرز المعارضين لرفع قانون قيصر، على رفع القانون مع إضافة شروط، إضافة إلى بيان من الكونغرس يشير إلى أنه في حال خالفت سوريا هذه الشروط، فهناك توجّه داخل الكونغرس للنظر في إعادة القانون. هذا تطور إيجابي، لأنه يرفع القانون ويضع بعض الشروط، لكنه لا يتضمن أي آلية قانونية لإعادة العقوبات بشكل تلقائي، بل مجرد موقف من الكونغرس للنقاش حول إمكانية إعادة العقوبات».
وأضاف: «المفاوضات ما تزال مستمرة، والنص النهائي لم يُكتب بعد. ويوم الاثنين بعد عطلة عيد الشكر، سيُنشر نص ميزانية الدفاع الوطني كاملة، متضمنة بند رفع قانون قيصر والشروط والموقف المرافق له، وفي الأسبوع الثاني من كانون الأول/ديسمبر سيُطرح القانون للتصويت، وبعد ذلك سيُحال إلى البيت الأبيض لتوقيعه من قبل الرئيس ترامب».
في موازاة ذلك، قال رئيس المجلس السوري الأمريكي محمد علاء غانم، الجمعة، إن النائب ماست قد غيّر موقفه المعارض للإلغاء الكامل لقانون قيصر، وتنازل عن إضافة آلية إعادة فرض فوري للعقوبات، ووافق على إضافة مادة لإلغائه في النسخة النهائية من مشروع ميزانية وزارة الدفاع، مشابهة للمادة التي أقرها مجلس الشيوخ مع بعض التعديلات البسيطة. وأوضح أن الصيغة النهائية ستحتوي على «جملة من الأمنيات غير الملزمة»، يطلب الكونغرس من خلالها من الحكومة السورية تحقيق تقدّم في عدد من المجالات، لكن هذه الشروط لم تعد ملزمة كما كانت، وأن فرض العقوبات في حال عدم الالتزام سيتطلب إجازة قانون جديد في الكونغرس.
وأضاف أن النص النهائي لن يُطرح على العلن إلا مطلع الشهر المقبل، على أن يُجرى التصويت في منتصف كانون الأول/ديسمبر، مع إمكانية تعديل الصيغة حتى حينها.
وأشار إلى أن المجلس السوري الأمريكي نظّم اجتماعاً مهماً بين السناتور كريس فان هولن، أحد أبرز المعارضين لإلغاء قانون قيصر غير المشروط، ووفد من الجالية السورية الأمريكية ضم رجالاً ونساءً من مختلف الأعمار والأديان والمهن، حيث نجح الوفد في إقناع السناتور بدعم إلغاء القانون دون آلية إعادة فرض فوري للعقوبات، مؤكداً أن الحضور الموحّد للوفد كان مفتاح النجاح في هذا الاجتماع، وأن السناتور أعرب عن رغبته في استمرار العلاقة والتواصل معهم.
وأضاف أن المنظمات الداعية لإبقاء العقوبات كانت قد أرسلت رسائل للسناتور وسعت لعقد اجتماع معه لمنعه من تغيير موقفه، لكن بعد لقاء الوفد السوري الأمريكي مع السناتور، بات اليوم داعماً لإلغاء القانون بالكامل دون آلية إعادة فرض فوري للعقوبات.
- القدس العربي






















