دمشق ـ «القدس العربي»: انتقد وجهاء عدد من أحياء العلويين في مدينة حمص، التظاهرات التي دعا إليها رئيس «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر» غزال غزال، مؤكدين «وقوفنا الثابت مع الدولة السورية ومؤسساتها».
وشهدت مدن سورية، الثلاثاء الماضي، موجة احتجاجات خرجت استجابةً لدعوة الشيخ غزال بعد تجاوزات وأعمال تخريب بحق أملاك علويين داخل مدينة حمص عقب جريمة قتل في بلدة زيدل في ريف المحافظة.
وتناقلت صفحات التواصل بياناً آخر صادرا عن وجهاء بعض أحياء حمص من العلويين جاء فيه: «نحن أهالي عكرمة، النزهة، الحضارة، ووادي الذهب نؤكد وقوفنا الثابت مع الدولة السورية ومؤسساتها، وتمسّكنا بسيادة القانون كضمانة لأمن مدينتنا واستقرارها ونعلن بشكل واضح أنّه لا نقبل بأي مظاهرات تدّعي التحدث باسم الطائفة العلوية، فهذه الطائفة لا يمثّلها أفراد، ولا تُستدرج إلى فوضى أو شعارات شخصية».
وذكر البيان أنهم «يرفضون محاولات بعض الأطراف الخارجية التي لا تسعى إلا لإقحام الطائفة والمدينة في صراع جديد غايته سياسية بحتة ولا تمتّ لمصلحة حمص بصلة، شاكرين وزارة الداخلية على تعاملها المسؤول في ضبط الوضع، وعلى حمايتها للجميع رغم الاستفزازات ومحاولات التشويش من قبل بعض الخارجين عن القانون، ومؤكدين أن الحكومة السورية الجديدة ستنصف الجميع، وأن القانون سيُطبّق دون تهاون على كل من يحاول العبث بأمن حمص».
واعتبر الصحافي والناشط السياسي سامر ضاحي في تصريح لـ «القدس العربي» أن «اختزال المواطنة في هويات طائفية يعيق أي إمكانية لبلورة عقد وطني جامع».
وتحدث أن «وجود نمط في التعاطي مع المكونات غير العلوية يعتمد بحكم الأمر الواقع على شخصيات دينية أو زعامات اجتماعية غير منتخبة، كما في حالة الدروز والمسيحيين، بما يجعل العلاقة بين الدولة والمجتمع محكومة بقنوات تمثيل غير مدنية، ويُضعف فرص بناء حياة سياسية حديثة، وهذا النمط ألقى بظلال أثقل على المكوّن العلوي، حيث غابت البنى المدنية والسياسية القادرة على التعبير، وباتت الساحة فارغة ليتصدر رجال دين المشهد، لا نتيجة خيار جماعي لأبناء الطائفة، بل بفعل الفراغ المؤسسي».
ورأى ضاحي أنه ورغم محاولات البعض الدفع نحو تشكيل «زعامة روحية للعلويين»، إلا أن الخصوصية الاجتماعية للجماعة، كالانتشار الجغرافي الواسع، والتداخل الأهلي الكبير مع مكونات أخرى، تجعل نموذج «الزعامة الروحية» بلا قواعد اجتماعية، وبهذا تختلف عن حالة السويداء مثلاً، ولا يتناغم الأمر مع تطلعات النخب المدنية من أبناء العلويين التي ترى نفسها جزءاً من فضاء وطني أوسع لا تريد التخلي عنه.
ناشط لـ «القدس العربي»: اختزال المواطنة في هويات طائفية يعيق العقد الوطني
وأكد أنه لا يمكن مقارنة الحالة العلوية مع حالة شمال شرق سوريا، فلا توجد أي صيغة محلية لمؤسسات سياسية وتنظيمية حقيقية، باعتبار أن نموذج شمال شرق لا يزال يدمج المكونين العربي والكردي في مؤسسات الإدارة الذاتية.
وانتقد عميد الخارجية في الحزب السوري القومي الاجتماعي وعضو لجنة التواصل في «الكتلة الوطنية السورية» طارق الأحمد، جهود دفع سوريا إلى دولة طائفية.
وقال في تصريحه لـ «القدس العربي» إننا كحزب سوري قومي اجتماعي نعتقد أن تقسيم البلاد على أساس مذهبي وطائفي وإثني وعرقي هو أكبر وصفة لتدمير الدولة وتدمير الشعب السوري لدرجة عدم إمكانية قيامه مرة أخرى.
واعتبر أن هذا أخطر تحدّ تواجهه سوريا، وهو حتى أخطر من أي احتلال آخر، وهو أمر يجب التصدي له، ونعمل على التصدي له، ونحمل سلطة الأمر الواقع المسؤولية عن تطييف المجتمع السوري والنظر إليه كطوائف.
وفي تعليقه على التظاهرات الأخيرة في الساحل السوري رأى الأحمد أنه بات هناك نوع من التحول والتجاذب والمزاودة بين مجموعات ممن كانوا من المتنفذين أو من بين رجال الأعمال أو السياسيين ويدعون اليوم أنهم يمثلون الطائفة العلوية ويريد كل منهم أن يقول إنه هو المخلص، وكأن القضية أصبحت قضية علوية أو طائفة سنية أو درزية.
وتابع: أن كل ما سبق هو خارج السياق الحقيقي للصراع السوري، والذي كان دوما بين أنظمة دكتاتورية وفاسدة وشعب يريد أن يبني دولته العلمانية الديمقراطية الحضارية والتي يمكن أن تكون من أجمل الدول في العالم.
واعتبر الأحمد أن تقديم الوضع على أسس طائفية هو نوع من التعمية ووضع للأمور في غير مكانها ودفع المسألة السورية في اتجاه قضايا فرعية مع وجود تشجيع من دول غربية وغيرها سمحت وشجعت باستقبال كل من قدم نفسه على أنه يتحدث باسم طائفة أو عشيرة، وهؤلاء في الغالب من خارج إطار العمل السياسي ومن غير المعروفين، بينما أغلقت الأبواب أمام ساسة من أحزاب وقوى سياسية تاريخية ولها باع طويل في العمل السياسي.
وأردف قائلاً: سواء الشيخ غزال أو غيره، ممن نكن لهم كامل الاحترام، لكن مشروع أن يقود الحالة السياسية في سوريا شيخ أو كاهن أو زعيم قبيلة، فهو الوصفة الحقيقية لأزمات تولد أزمات في المستقبل، وهذا ما يجب أن يكون واضحاً ضمن الوعي الكامل للسوريين.
وختم الأحمد بالقول: ليست هناك قضية للعلويين ولا للدروز ولا للسنة ولا لغيرهم، وإنما هناك قضية للسوريين، وهذه تحل من خلال طرح حل يستند إلى تطبيق القرار الأممي رقم 2254 بعد وضع خريطة طريق له عبر حوار سياسي يتم فيه تمثيل للأحزاب وهيئات المجتمع المدني والتكتلات السياسية العابرة للطوائف لكن الممثلة للجميع، وهذا ما تطرحه الكتلة الوطنية السورية التي نمثلها.
- القدس العربي






















