مع نشر البيان الاميركي عن استئناف العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين بطريقة المفاوضات غير المباشرة، اعرب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن أمله في أن تفضي محادثات التقارب بسرعة الى محادثات مباشرة والى اتفاق. وكما افادت "هآرتس" أمس، استجابت ادارة اوباما لمطلب اسرائيل ورفعت عن طاولة المفاوضات التفاهمات التي تبلورت بين رئيس الحكومة السابق، ايهود اولمرت، ووزيرة الخارجية في حكومته، تسيبي لفني، وبين القيادة الفلسطينية. واوضحت الولايات المتحدة بان حكومة نتنياهو ملزمة فقط بالاتفاقات التي وقعت في الماضي بين اسرائيل والفلسطينيين وبخارطة الطريق التي صادقت عليها حكومة شارون.
من الناحية القانونية الرسمية، حكومة نتنياهو غير ملزمة بالمواقف التي عرضتها الحكومات السابقة او التفاهمات التي توصلت إليها مع الجانب الفلسطيني، والتي لم تنضج لتصبح اتفاقا. ولكن ثمة خطر لافشال العملية او على الاقل لتعقيدات لا داعي لها، يكمن في طلب استئناف المفاوضات من "نقطة الصفر"، والكامن في تعبير "من دون شروط مسبقة"، وتجاهل بذلك محادثات الماضي.
في فترة ولايته الاولى، أدار نتنياهو نفسه الاتصالات السرية مع سوريا على اساس التفاهمات المبدئية التي تحققت في محادثات السلام التي ادارها اسحق رابين وشمعون بيرس مع حافظ الاسد ـ حتى وان، بزعمه، ادخل تعديلات عليها. اذا ما استؤنفت المحادثات في القناة السورية، مثلما قدر امس رئيس وزراء تركيا، فلا بد ان نتنياهو لا يتصور بان "ينسى" الرئيس بشار الاسد التقدم الذي تحقق في محادثات الماضي. المبدأ ذاته يجب أن يوجه اسرائيل حيال الفلسطينيين ايضاً.
إن الاصرار على فتح الملف من جديد يثير الريبة في ان نتنياهو معني بتمرير الوقت والمماطلة في "عملية سياسية" اكثر مما هو معني يالتقدم نحو تسوية دائمة. هذه الريبة تتعزز في ضوء كلام نائب رئيس الحكومة وعضو المنتدى الوزاري السباعي، موشيه يعلون، الذي قال ان استعداد السلطة لاجراء محادثات تقارب بوساطة امريكية "لا يبشر بالخير".
اذا كان نتنياهو معنيا فعلا وحقا في تحقيق حل الدولتين للشعبين، فيتعين عليه أن يستغل تفاهمات الماضي كي يترجم في اقرب وقت ممكن هذه الصيغة العامة الى اتفاق دائم ـ لأن الزمن لا يعمل لمصلحة مصالح اسرائيل وشركائها الفلسطينيين في التسوية.
("هآرتس ـ افتتاحية" 10/3/2010)