اختتمت القمة العربية العادية الـ 22 أعمالها في مدينة سرت الليبية أمس، بصدور «إعلان سرت»، الذي أطلق قمةً عربية أخرى من المقرر عقدها في شهر سبتمبر المقبل، مع تشكيل لجنة خماسية عليا للإشراف على منظومة العمل العربي المشترك.
فيما أكد القادة العرب على ربط المفاوضات السلمية بوقف الاستيطان الإسرائيلي، مطالبين الرئيس الأميركي باراك أوباما بالتمسك بموقفه الرافض للاستيطان، حيث وضع المجتمعون خطة تحرك لإنقاذ مدينة القدس المحتلة، مؤكدين من جهةٍ أخرى حق الإمارات في جزرها المحتلة الثلاث ومدينين لعملية اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح في دبي.
واختتمت القمة العربية العادية أعمالها في مدينة سرت الليبية أمس، بجلسةٍ علنية، بحضور صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا، عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين، الذي ترأس وفد الدولة نيابةً عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، سبقتها جلستان مغلقتان بحثتا مشاريع القرارات، تلاهما «إعلان سرت» و«وثيقة سرت».
وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن قمة عربية استثنائية ستعقد في شهر سبتمبر من العام الجاري، لبحث موضوع رابطة الجوار الإقليمية وتطوير الجامعة تتبعها قمة عربية – إفريقية في شهر نوفمبر.
وقال موسى، في كلمة مقتضبة في ختام أعمال القمة، إن القادة العرب تنازلوا عن إلقاء كلماتهم في هذه الجلسات واكتفوا بتوزيعها مكتوبة، معتبراً أن هذا العمل كان من الأشياء الجديدة التي وصفها بغير المسبوقة في القمم العربية.
وأكد موسى أن العراق سيترأس أعمال القمة المقبلة «سواء عقدت على أرضه أو لم تعقد»، مشيراً إلى أنه تم بحث «ستة موضوعات من بينها القدس وتطوير العمل العربي المشترك ومكان انعقاد القمة المقبلة وزيادة موازنة الجامعة».
وأضاف موسى: «هناك قرارات صدرت في ما يتعلق بآلية دول الجوار واللجنة الثلاثية لحل أزمة العمل العربي ومبادرة السلام»، مشيراً إلى أن القمة «أكدت ضرورة تطوير منظومة العمل العربي المشترك، ورحبت بالمبادرات والمقترحات والأفكار التي تقدمت بها العديد من الدول الأعضاء في هذا الشأن».
وقرر المجتمعون، بحسب موسى، تشكيل لجنة خماسية عليا تضم الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس المصري حسني مبارك وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وبمشاركة الرئيس العراقي جلال طالباني للإشراف على منظومة العمل العربي المشترك.
لعرضها على الدول الأعضاء على مستوى وزراء الخارجية، قبل العرض على القمة الاستثنائية المقرر عقدها في موعد لا يتجاوز أكتوبر 2010. وستقوم اللجنة الخماسية العليا بالتشاور مع الزعماء العرب لبلورة مشروع وثيقة التطوير تلك.
دعم الإمارات
وأكد البيان الختامي الذي سمي «إعلان سرت» على «السيادة الإماراتية المطلقة على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، واستنكار استمرار إيران في احتلالها وانتهاك سيادة دولة الإمارات، بما يؤدي إلى تهديد الأمن والسلم في المنطقة، مع إدانة المناورات العسكرية الإيرانية التي تشمل الجزر الثلاث.
ومطالبة إيران بترجمة ما تعلنه عن رغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية إلى خطوات عملية ملموسة، بالاستجابة إلى حل النزاع حول الجزر بالطرق السلمية ووفق الأعراف الدولية».
وطلبت القمة العربية من الزعيم الليبي معمر القذافي «الاستمرار في بذل مساعيه لدى كل من إيران والإمارات للقبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية». كما أدان البيان جريمة اغتيال محمود المبحوح، أحد قيادي حركة «حماس» في دبي، باعتبارها «تمثل انتهاكاً لسيادة وأمن دولة الإمارات وللأعراف والقانون الدولي».
وأدانت الدول العربية «استغلال المزايا القنصلية التي منحت لرعايا الدول التي استخدمت جوازات سفرها في عملية الاغتيال».
ودعا المجتمعون «جميع الدول للتعاون مع الأجهزة المعنية بالتحقيقات في قضية اغتيال المبحوح في دبي لضبط وتقديم الجناة إلي العدالة وملاحقة هذه العصابة الإجرامية وحسابها في إطار الاتفاقيات الدولية والقوانين التي يجب أن تسري على جميع الدول».
وأكدوا «تأييدهم لكافة جهود دولة الإمارات في التحقيقات التي تجريها لكشف ملابسات الجريمة حتى يمثل هؤلاء المجرمين أمام العدالة».
ودعا القادة العرب إلى «سن وتطوير التشريعات اللازمة لحظر ومكافحة استخدام مواقع الإنترنت لأغراض إرهابية، والاستفادة من القانون العربي الاسترشادي لمكافحة جرائم تقنية أنظمة المعلومات أو ما في حكمها»، في تبنٍ للوثيقة التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة.
عملية السلام
وأعلن القادة العرب وضع خطة تحرك عربية لإنقاذ القدس، بدعوة المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ومنظمة «يونيسكو» لتحمل المسؤولية في الحفاظ على المسجد الأقصى.
وقرر القادة استمرار تكليف المجموعة العربية في نيويورك بطلب عقد جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لإدانة الإجراءات الإسرائيلية بالقدس، وتشكيل لجنة قانونية في إطار جامعة الدول العربية لمتابعة توثيق عمليات التهويد ومصادرة الممتلكات العربية.
بالإضافة إلى رفع قضايا أمام المحاكم الوطنية والدولية ذات الاختصاص، لمقاضاة إسرائيل قانونياً. وأدان القادة العرب الإرهاب بجميع أشكاله، مؤكدين ضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال.
وفي ما يتعلق بمبادرة السلام العربية، أكد البيان أن «السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي»، وأن عملية السلام «شاملة لا يمكن تجزئتها». وشدد على أن استئناف المفاوضات «يتطلب الوقف الكامل للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية»، مطالباً الرئيس الأميركي باراك أوباما ب«التمسك بموقفه الداعي إلى وقف الاستيطان».
ووافق القادة العرب على زيادة الدعم لصندوقي الأقصى والقدس إلى 500 مليون دولار، كما وافقوا على إنشاء مفوضية عامة تعنى بشؤون القدس، وطلبوا من الأمانة العامة للجامعة دراسة إمكانية عقد مؤتمر دولي بمشاركة جميع الدول العربية خلال الشهور الثلاثة المقبلة للدفاع عن القدس.
ولفتوا إلى أن «السلام العادل والشامل لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، بما في ذلك الجولان العربي السوري المحتل وحتى خط الرابع من يونيو 1967 إضافة إلى الأراضي التي لاتزال محتلة في الجنوب اللبناني».
وطالب بيان القمة بإنشاء لجنة تقصي حقائق في إطار الأمم المتحدة للتأكد من قيام عصابات دولية إسرائيلية بعمليات سرقة الأعضاء البشرية للعديد من المواطنين العرب.
ودعا البيان إلى «رفع الحصار الإسرائيلي الفوري عن قطاع غزة»، مطالباً مجلس الأمن ب«اتخاذ موقف وأضح من الحصار الظالم واللاإنساني». كما رحبوا بجهود مصر في ما يخص المصالحة الفلسطينية وطالبوا باستمرارها.
الوضع العربي
واتفق القادة على تمسكهم بالتضامن العربي ممارسة ونهجاً، والسعي لإنهاء أية خلافات عربية وتكريس لغة الحوار بين دولهم لإزالة أسباب الخلاف والفرقة، مؤكدين اعتماد نهج لمعالجة الخلافات العربية. كما اتفقوا على مواصلة الجهود الرامية إلى تطوير وتحديث جامعة الدول العربية ومؤسساتها ودعمها بوصفها «الإدارة الرئيسة للعمل العربي المشترك».
وأكد القادة دعم جهود الحكومة اللبنانية في متابعة قضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين، لافتين إلى ضرورة إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية والامتناع عن أي عمل يتعارض مع نص وروح معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
سرت – سعيد فرحات والوكالات
"البيان"




















