رام الله – محمد يونس
سارعت اللجنة المركزية لحركة «فتح» الى عقد اجتماع عاجل عقب اعتقال الجيش الإسرائيلي أحد اعضائها، عباس زكي، خلال تظاهرة سلمية مطلع الأسبوع، في سابقة منذ اقامة السلطة والعودة الى الوطن. وفهمت اللجنة الاعتقال بأنه رسالة إسرائيلية لقيادة الحركة مفادها ان لا حصانة لأي منكم في حال مشاركته في التظاهرات والأعمال الاحتجاجية، السلمية منها وغير السلمية، وفق الناطق باسم الحركة احمد عساف.
وقررت اللجنة التي عقدت اجتماعها بغياب الرئيس محمود عباس وبمن حضر من أعضائها، توجيه رسالة مضادة لإسرائيل، فأرسلت خمسة من اعضائها لعقد مؤتمر صحافي أعلنوا فيه ان الحركة قررت تصعيد النضال الشعبي رداً على الممارسات الإسرائيلية. وتكرر ظهور اعضاء اللجنة في الأيام الأخيرة في الاعتصامات والتظاهرات التي عمت الوطن إحياء لـ «يوم الأرض».
ويقول مسؤولون في «فتح» ان الحركة قررت اللجوء الى الخيار الشعبي بعد فشل الخيارين التفاوضي والعسكري. وأوضح عساف لـ «الحياة» ان «الحركة درست الوضع، وقررت اللجوء للخيار الشعبي الذي هو اعادة نسخ للانتفاضة الأولى، تلك الانتفاضة التي أوصلت العالم الى قناعة بضرورة اقامة دولة فلسطينية مستقلة». وأضاف: «في الانتفاضة الأولى ذات الطابع الشعبي، حقق الفلسطينيون الكثير من الإنجازات بقليل من الضحايا، اما في الانتفاضة الثانية التي غلب عليها الطابع العسكري، قدم الفلسطينيون آلاف الضحايا من دون ان يحصدوا انجازات سياسية، لذلك كان قرار العودة الى الخيار الشعبي».
وكان المؤتمر العام السادس للحركة الذي عقد العام الماضي بعد عشرين سنة من المؤتمر السابق، توقف مطولاً امام التراجعات التي شهدتها الحركة بعد اقامة السلطة. وعزا المؤتمر تلك التراجعات التي قادت الى فقدانها الانتخابات العامة، ثم فقدانها قطاع غزة، الى عاملين أساسيين: الأول غياب قادة الحركة عن الفعل الميداني، والثاني دفع الحركة ثمناً للأخطاء التي تقع فيها السلطة، خصوصاً الفساد. وقررت الحركة في المؤتمر دفع قيادتها الأولى للمشاركة في الفعل الشعبي الميداني. وقال عضو اللجنة محمود العالول لـ «الحياة»: «خيار المفاوضات أخفق تماماً، وفتح تعود الى الشارع لقيادته في معركة التحرر»، مضيفاً: «لكل مرحلة اسلوبها، وهذه المرحلة هي مرحلة العمل الشعبي».
وكان ناشطون ميدانيون في قرى يتهددها الجدار والاستيطان بادروا في السنوات الأخيرة الى تنظيم تظاهرات شعبية سلمية اسبوعية استقطبت اهتماماً محلياً وعالمياً واسعين. وسعى العديد من القادة الساسيين اخيراً الى المشاركة في تلك الأنشطة التي مثّلت ميداناً شبه وحيد للفعل الوطني بعد اتفاق القوى على وقف العمل العسكري، بما فيها الحركات الإسلامية في قطاع غزة. واستغلت حركة «فتح» فعاليات «يوم الأرض» الأسبوع الجاري لإظهار توجهاتها الجديدة نحو العمل الشعبي، فبادرت الى توزيع اعضاء لجنتها المركزية على المواقع والفعاليات المختلفة.
تظاهرة امام «عوفر»
وجاء اعتقال زكي في تظاهرة في بيت لحم نظمت احتجاجاً على منع المسيحيين من الوصول الى القدس في «احد الشعانين» لتعطي دفعة قوية للتوجه الجديد للحركة. وشارك امس عدد من اعضاء اللجنة في تظاهرة امام سجن عوفر العسكري حيث يعتقل زكي، تخللتها اشتباكات بين المتظاهرين وجنود اسرائيليين. ومن المشاركين في التظاهرة، جبريل رجوب، ومحمود العالول، وجمال محيسن، اضافة الى اعضاء في اللجنة التنفيذية منهم نائب الأمين العام لـ «الجبهة الشعبية» عبد الرحيم ملوح، والعشرات من اعضاء المجلس الثوري للحركة.
وقال الرجوب: «اعتقال القائد عباس زكي يؤكد أن فتح ستبقى في مقدمة الشعب الفلسطيني وفي قيادة نضاله المتواصل حتى التحرر من الاحتلال». وأضاف: «فتح ستواصل السير في 010407.jpg هذا النهج طالما تواصل الاحتلال والعدوان الإسرائيليين».
ويقول قادة «فتح» ان الحركة التي تقود منظمة التحرير والسلطة الوطنية لن تعود الى المفاوضات مع اسرائيل قبل ان توقف الأخيرة الاستيطان، خصوصاً في القدس. في هذا الصدد، اكد عضو اللجنة المركزية نبيل شعث: «لا يمكن العودة للمفاوضات السياسية من دون وقف الاستيطان، خصوصاً في القدس المحتلة». ورأى ان خيار المقاومة الشعبية هو البديل للمفاوضات في هذه المرحلة، وإن «القدس المحتلة باتت عنوان معركة سياسية بين العالم وإسرائيل».
ورفض زكي امس المثول أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سجن «عوفر» العسكري، مطالباً بوجود زملائه المعتقلين معه، وعددهم تسعة معتقلين. وقال وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع إن المحكمة التي تنظر في قضية زكي هي «محكمة جائرة وغير قانونية لأنها تكرس وجود الاحتلال».
"الحياة"




















