بغداد – من فاضل النشمي:
حتى مساء اول من امس، كان بامكان رئيس "ائتلاف دولة القانون" رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الادعاء انه المرشح الاوفر حظاً بالفوز بولاية ثانية لرئاسة السلطة التنفيذية، معتمدا بذلك على زعامته لكيان يقول انه "متماسك" وله 89 مقعداً في مجلس النواب، الى دخوله مع منافس داخل "التحالف الوطني" المؤلف من ائتلافي "دولة القانون" و"الوطني العراقي" ضعيف نسبيا، هو نائب الرئيس والقيادي في المجلس الاعلى عادل عبد المهدي. ومرد ضعف الاخير مقارنة بالمالكي، انه لم يحصل سوى على نحو 30 ألف صوت في انتخابات 7 آذار الماضي عن محافظة الناصرية جنوب البلاد، بينما حصل منافسه المالكي على 650 ألف صوت في العاصمة بغداد، فضلاً عن ان لـ"الائتلاف الوطني العراقي" 70 مقعداً فقط في مجلس النواب ذهب 40 منها الى التيار الصدري الذي لم يقدم دعمه لعبد المهدي الا بعد وقت طويل.
ويذكر في هذا السياق ان ثمة "رغبة غامضة" جمعت الجمهورية الاسلامية الايرانية وعدوها اللدود الولايات المتحدة، عنوانها التجديد للمالكي.
"القائمة العراقية"
بيد ان البيان الذي اصدرته "القائمة العراقية" مساء الجمعة، ونشر على موقعها الرسمي، أخرج، بحسب المراقبين، المالكي "عملياً" من حلبة المنافسة على رئاسة الوزراء، في وقت قدّم "جائزة" على طبق من ذهب لمصلحة منافسه عبد المهدي.
وركز البيان على ما سماه "حملة تجاوزات غير دستورية" للسلطة التنفيذية برئاسة المالكي والتي شهدتها الاشهر السبعة الاخيرة، وتحديدا منذ يوم اجراء الانتخابات النيابية في 7 آذار الماضي. وذكّر في هذا الصدد بمسألة اعادة فرز اصوات الناخبين في بغداد والتي صبت لمصلحة المالكي عقب اعلان النتائج، الى "تسييس القضاء وارغامه على تفسير المادة 76 من الدستور بشكل تعسفي"، وهي المادة المتعلقة بمفهوم الكتلة المؤهلة لتأليف الحكومة.
وخلص البيان الى الاعلان عن ثلاث قضايا، اولاها، "عدم الاعتراف بما يسمى التحالف الوطني او افرازاته"، وثانيها الذي دفع بالكثير من المراقبين الى توقع الخروج العملي للمالكي من حلبة المنافسة، نص على ان "العراقية تعتبر ان النموذج الحالي لادارة الدولة برئاسة السيد المالكي غير صالح للتكرار، لذا سيتعذر على العراقية المساهمة أو المشاركة في أي حكومة مقبلة يرأسها السيد المالكي". واكدت الفقرة الاخيرة استمرار مشاورات "القائمة العراقية" مع بقية القوائم.
ولعل ما دفع المراقبين الى تبني وجهة النظر القائلة بخروج المالكي من دائرة المنافسة، هي الفقرة الثانية الواردة في البيان، اذ يلاحظ انها المرة الاولى التي تسمي الاشياء باسمائها صراحة وتعلن انسحابها من الحكومة في حال عودة المالكي. ففي السابق كانت تصريحات الرفض للمالكي تصدر عن بعض زعامات القائمة وبصورة هي اقرب الى الشخصية، اما اليوم فان الموقف اتخذ طابعا رسميا ومثّل جميع اعضاء "القائمة" البالغ 91 نائبا.
وثمة مسألة اخرى، هي ان مقاطعة "القائمة العراقية" للحكومة المقبلة امر ليس من السهل تجاوزه، انها تمثل قطاعا واسعا من العب السنّة، فضلا عن الدعم العربي واسع النطاق الذي تحظى به القائمة. حتى ان عضو الكتل الكردستانية سامي سورش قال في معرض تعليقه على بيان "العراقية" إن "الحكومة المقبلة ستكون ناقصة الأهلية في حال استمرار مقاطعة ائتلاف العراقية".
"جائزة" عبد المهدي
ويميل معظم التحليلات الى اعتبار بيان "العراقية" بمثابة "جائزة" مقدمة لمرشح "الائتلاف الوطني العراقي" عادل عبد المهدي، خصوصا اذا ما اخذت في الاعتبار نقاط قوة وضعف كل من عبد المهدي والمالكي، اذ انه بحسب المعطيات الراهنة فان المالكي يتفوق على عبد المهدي ببعض النقاط. ولهذا فإن توقيت القائمة "العراقية" لاصدار بيانها جاء في نظر الكثيرين" متعمدا" كي يصب في مصلحة عبد المهدي لجهة المدة المحددة بخمسة ايام التي وضعها "التحالف الوطني" لاختيار واحد من اثنين هما المالكي وعبد المهدي والذهاب به منفردا الى مجلس النواب. الى ذلك، وهذا هو الاهم "شرط القبول" الذي وضعه "التحالف الوطني" لمرشحه لرئاسة الوزراء.
فالمعروف ان ائتلافي "دولة القانون" و"الوطني العراقي" اتفقا حين اعلان تحالفهما في حزيران الماضي على وضع آليات وشروط لاختيار رئيس الوزراء، أهمها قبول القوى الاخرى خارج "التحالف الوطني" بالمرشح الذي يقدمه هذا التحالف. وفي هذه الحال فان عادل عبد المهدي مرشح "الائتلاف الوطني" هو الاقرب الى الفوز برئاسة الحكومة وفقاً للمعطيات، باعتبار انه يحظى بقبول معظم الاطراف وخصوصا "القائمة العراقية" خلافا لمنافسه في "التحالف الوطني" نوري المالكي الذي اعلنت "العراقية" رفضها التام له. ولهذا فان "التحالف الوطني" حينما يختار عبد المهدي لرئاسة الوزراء انما يستجيب للشروط التي وضعها لنفسه اولا، وشروط القوى الاخرى ومنها "القائمة العراقية" ثانيا.
النجيفي
وفي سياق متصل، يلاحظ ان زعماء "العراقية" لم يسجلوا اي اعتراض حتى الان على عبد المهدي، بل ان القيادي في "القائمة" اسامة النجيفي لمح في تصريحات صحافية الى امكان قبول قائمته بعبد المهدي مرشحا لرئاسة الوزراء. صحيح انه تمسك بالاستحقاق الدستوري للقائمة "العراقية"، لكنه ذكر انها لم "تضع خطاً أحمر على شخصية عبد المهدي". واضاف: "ان بيان القائمة العراقية امس كان رسالة واضحة بعدم التعامل مع حكومة يرأسها المالكي، ورفض التحالف الوطني، وفي الوقت عينه التعامل ايجابيا مع الائتلاف الوطني".
وخلافاً لمعظم تصريحاته السابق التي كانت تؤكد التقارب بين "العراقية" و"دولة القانون"، كشف النجيفي ان "العراقية" جادة في" فتح حوار مع الائتلاف الوطني لتقاسم السلطة وتشكيل حكومة شركة وطنية". وقال: "ان العراقية صاحبة استحقاق دستوري قانوني، وستتعامل بصدق وايجابية مع الائتلاف الوطني من اجل ادارة البلد معه ومع باقي القوى الوطنية".
"النهار"




















