مماطلات سلطات الاحتلال الصهيونية ، بعدم اعلانها الاستمرار في تجميد الاستيطان ، الذي انتهى بالأمس ، تهدد بنسف المفاوضات المباشرة ، بين الفلسطينيين واسرائيل ، وتكشف عن أهداف عصابات الاحتلال في اتخاذها من المفاوضات حصان طروادة ، لفرض الأمر الواقع ، وهذا يؤكد ما اشار اليه جلالة الملك عبدالله الثاني أكثر من مرة ، حينما أكد بأن تحقيق السلام الشامل والدائم ، مرتهن بخروج اسرائيل من عقلية القلعة ، وهذا يفرض عليها أن تختار بين أن تعيش بسلام مع جيرانها ، وبين أن تعيش في حالة حرب لا تنتهي..
قائد الوطن وهو يشخص الوضع الاسرائيلي بدقة وحنكة القائد المجرب ، الذي يعرف الواقع ، ويستشرف آفاق المستقبل ، فانه يهدف من وراء هذا التشخيص توجيه دعوة للشعب الاسرائيلي بأن يمارس الضغط على حكومته ، لاجبارها على الخروج من عقلية القلعة ، وأدلجة القوة ، بعدما ثبت أن القوة الباغية لا تصنع سلاما ، ولا أمنا واستقرارا ، وان الذي يصنع السلام ، هو الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الطبيعية والتاريخية ، وفي مقدمتها حقه في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني الفلسطيني ، وفي حدود الرابع من حزيران ، وعاصمتها القدس الشريف.
جلالة الملك وهو يحذر المجتمع الدولي من مغبة فشل المفاوضات ، سواء وهو يلقي كلمة الاردن في الامم المتحدة ، أو من خلال البرنامج التلفزيوني الاميركي "ذي ديلي شو" ، فانه كان يستشعر بحس القائد وأمانة المسؤول ، بأن عصابات الاحتلال غير جادة في التعامل مع شروط واشتراطات السلام ، وهذا ما تأكد خلال الساعات القليلة القادمة ، حينما رفضت الاعلان صراحة عن الاستمرار في تجميد الاستيطان ، ما يترتب على المجتمع الدولي ، وخاصة واشنطن ، و"الرباعية" والاتحاد الاوروبي ، النهوض بمسؤولياتها ، من خلال اجبار اسرائيل على قبول الرؤية الدولية ، وقرارات "الرباعية" ، التي التأمت المفاوضات بموجبها ، وفي مقدمتها وقف الاستيطان ، كونه عملا غير مشروع ، ويشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ، وينسف المفاوضات والعملية السلمية من جذورها ، ويعيد المنطقة كلها الى المربع الاول.
ان لجوء عصابات الاحتلال الى المماطلة ، وعدم الاعلان عن موقف صريح من وقف الاستيطان ، يعنيان أنها تدفع بالمنطقة الى شفير الهاوية في ظل معاودة الاستيطان وبوتيرة أسرع ، وبخاصة في المستوطنات الاسرائيلية المحيطة بالقدس العربية المحتلة ، وفي ظل تأكيد وزير خارجية هذه العصابات ، ومجلس المستوطنات بأن الاستيطان مستمر ، ولن يتوقف ، وفي ظل الأرقام التي اعلنت عنها حركة "السلام الآن" الاسرائيلية ، حيث تمت الموافقة على اقامة أكثر من "13" ألف وحدة سكنية في السابق ، ستتم اقامتها بدون موافقة الحكومة في المرحلة الحالية ، ما يعني أننا أمام هجمة استيطانية غير مسبوقة ، مهدت لها حكومة عصابات الاحتلال.
مجمل القول : ان خطوة عصابات الاحتلال ، بعدم الاعلان عن تجميد الاستيطان ، وفي المقابل السماح للمستوطنين المباشرة باقامة الوحدات السكنية في المستوطنات ، يؤكد أن هذه العصابات غير معنية بالسلام ، ولا بالمفاوضات ، وانما معنية فقط بتحقيق أهدافها التوسعية الاستيطانية ، غير عابئة بالرؤية الدولية ، ولا بمعاهدة جنيف الرابعة..
وهذا يؤكد ما توقعه جلالة الملك بأن السلام لن يتحقق ، وان المنطقة على مفترق خطير ، بفعل ممارسات عصابات الاحتلال العدوانية ، وسيطرة عقلية القلعة على مفاصل القرار.. في الكيان الصهيوني ، ما يفرض على أصدقاء وحلفاء هذه العصابات التحرك لنزع فتيل الانفجار القادم لا محالة.




















