لا توجد حماقة اكبر من توسيع المستوطنات في ذروة محادثات السلام الهادفة إلى إقامة دولة فلسطينية. فالمستوطنات أقيمت لمنع تقسيم البلاد، بواسطة تغيير الميزان الديمغرافي في الضفة الغربية، وخلق حقائق تحبط انسحابا إسرائيليا من المناطق التي يفترض أن تقام فيها فلسطين المستقلة. لكن توسيعها يقوض أسس كل تسوية سياسية، يمس بمكانة إسرائيل الدولة، ويزيد من شدة يد الاحتلال على الفلسطينيين في الضفة، الذين تُسلب أراضيهم ويخضع روتين حياتهم اليومية للضغوط التي تفرضها الحواجز والطرق التي بنيت لحماية المستوطنين ورفاههم.
يصر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو على استئناف البناء في المستوطنات في نهاية المدة التي حددها لتجميد البناء، أي عشرة أشهر، في الوقت الذي يجري فيه مفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على خطة "دولتين للشعبين". موقفه يثير شكا كبيرا حول صدقه: إذا كان نتنياهو ينوي حقا تقسيم البلاد، فان عليه أن يوقف الاستيطان على الأقل إلى ان يتفق على الحدود المستقبلية، وإلى أن يتضح أين يمكن لإسرائيل أن تبني وأي مناطق ستُخلى.
يهدد عباس بأن المحادثات ستتوقف اذا ما استؤنف البناء، ونتنياهو يتهمه بعدم النزاهة: الفلسطينيون أجروا مفاوضات على مدى 17 سنة، في الوقت الذي ضاعفت فيه الحكومات السابقة المستوطنات، ومنه بالذات يطلبون ان يجمد. هذه الحجة مناسبة للاستخدام في تنافس سجالي، وليس للسياسة. توسيع المستوطنات كان ولا يزال من العوامل الأساس لإفشال المفاوضات، تفاقم النزاع وتعزز الإيمان بان الحل متعذر. التجميد لمدة العشرة أشهر كان خطوة ضرورية لخلق بنية تحتية للمحادثات.
في خطابه في قمة واشنطن وعد نتنياهو بأنه يرغب في تحقيق تسوية مع عباس، وليس مناكفته فقط. اما الآن فان عليه أن يفي بوعده. وبدلا من التراجع أمام ضغوط المستوطنين ومؤيديهم السياسيين، فان عليه أن يمدد التجميد ويدخل في مفاوضات مكثفة. إذا واصل التذبذب في محاولة إرضاء الجميع، مؤيدي التسوية ومعارضيها، فلن يكون بوسعه الإيفاء بوعده وسيفضي فقط إلى إبعاد الحل، إلى ألحاق ضرر إضافي بمكانة إسرائيل وربما أيضا اشتعال متجدد في المناطق الفلسطينية.
("هآرتس" افتتاحية – 26/9/2010)
"المستقبل"



















