يصادف اليوم مرور شهرين على مؤتمر واشنطن، الذي أعلن فيه عن استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. توقعات نجاح العملية كانت متدنية، ولكن النتيجة البائسة فاجأت حتى المتشائمين. رفض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مواصلة تجميد البناء في المستوطنات ما أدى بالفلسطينيين الى تحقيق تهديدهم والانسحاب من المحادثات. كما رد نتنياهو أيضا اقتراح الرئيس الأميركي لتجميد اضافي لمدة ستين يوما، مقابل تقديمات أمنية وسياسية لإسرائيل.
عاد نتنياهو الى النمط المعروف في عرض الذرائع لتبرير انعدام الفعل السياسي، في ظل تبادل الاتهامات مع الفلسطينيين. فهو برر رفضه تمديد التجميد بـ”الحفاظ على مصداقيته” وبالضغوط الائتلافية. وبحسب ادعائه، فان “البناء في يهودا والسامرة لن يؤثر على خريطة السلام” وكأن المستوطنات لم ترم لتثبيت حقائق تحبط تقسيم البلاد. اقتراحه العلني لتجميد مؤقت مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية يبدو كاحبولة شعبوية، وكما هو متوقع، فقد رُفضت من أساسها.
لا شيء ملح وعاجل بالنسبة إلى نتنياهو. فهو ينتظر انتخابات منتصف الولاية الأميركية، التي ستجرى في الولايات المتحدة. وبعد ذلك اقرار الميزانية في إسرائيل. في هذه الاثناء سيواصل التسويف بالدعوات العابثة إلى الفلسطينيين من أجل العودة الى المفاوضات، من دون أن يعرض أي مبادرة سياسية او استعداد لحل وسط، والى جانب استئناف البناء خلف الخط الاخضر. قراره رفض اقتراح اوباما يبشر باستعداداته لمواجهة مع الادارة سيحاول فيها ان يجند الى جانبه خصوم الرئيس في الكونغرس. وقد سبق لموقفه أن اثار خلافا شديدا مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهو من اهم مؤيدي إسرائيل في الاسرة الدولية.
في مؤتمر واشنطن اعلن نتنياهو بانه جاء ليصنع السلام لا للجدال، وأنه “في لعبة الاتهامات حتى المنتصرون يخسرون”. واجب البرهان ملقى الآن عليه. وبدلا من البحث عن المحاذير الناجحة يتعين على نتنياهو أن يجمد البناء في المستوطنات وان يدخل في نقاش جدي بخصوص المسائل الجوهرية، وعلى رأسها الحدود، بهدف تحقيق تسوية. والا، حتى لو انتصر في لعبة الاتهامات، فان إسرائيل هي التي ستخسر.
(إفتتاحية”هآرتس” 1/11/2010)
“المستقبل”