يبدو أن الإدارة الأميركية أشهرت سلاحها الأخير في وجه المنطقة، وبالتحديد على قوى المقاومة والممانعة، وهو الفتن الطائفية والمذهبية وغيرها، بالاستناد إلى ما تمتلكه من خبرات كبيرة متراكمة في هذا المجال التخريبي.
وإشهار هذا السلاح يعني في التفسير السياسي إخفاقاً كلياً لإدارة أوباما، ليس في تنفيذ وعودها الانتخابية فحسب، بل في معالجة تبعات احتلال العراق وأفغانستان، وما بينهما من تدخلات أميركية في الشؤون الداخلية لدول في المنطقة وحولها.
والأبرز في هذا السياق ما تشتغل عليه الإدارة الأميركية في أكثر من بلد عربي لضرب الوحدة الوطنية، وإشعال فتائل التقسيم والتناحر الداخلي والاقتتال العبثي، والأمثلة على ذلك واضحة للعيان في العراق والسودان ولبنان.
وبالتأكيد فإن اليد التخريبية الصهيونية تفعل فعلها مع اليد الأميركية، وتترك آثاراً واضحة على الأرض، إضافة إلى أن هناك ما يشير إلى أن الأميركيين سلموا كلياً للإسرائيليين الكثير من مفاصل هذه الفتن، بعد أن أمّنوا لهم الوسائل التي يرونها مناسبة للتنفيذ.
ولعلّ ما يجري تجاه لبنان والمحكمة الدولية وقرارها الظني دليل واضح على هذا التوجه الأميركي الفتنوي التخريبي.
وعلى الرغم من أن تلك المحكمة هي في الأساس مشروع فتنة، فقد استنفرت الإدارة الأميركية في الأشهر القليلة الماضية، وطلبت من أدواتها اللبنانيين الاستنفار كذلك، من أجل إشعال فتنة في لبنان، عبر قرار ظني معدّ مسبقاً تصدره محكمة اغتيال الحريري.
وبالطبع فإن الأميركيين والإسرائيليين وهم يتحركون باتجاه لبنان عبر المحكمة الدولية لا يهمهم سوى إحداث الفتنة، والتأثير على مكانة المقاومة اللبنانية ودورها، وصولاً إلى إنهائها حتى لو كان الثمن ذهاب لبنان كله في مهب الريح، وكل كلام خارج عن هذا السياق لا يخلو من السذاجة أو الشيطنة.
الأميركيون، وبناء على مشروع صهيوني، يريدون العرب متفرقين ضعفاء عديمي التأثير، وهم يشتغلون على هذا الجانب بشكل واضح، ويضعون كل ثقلهم لمنع التلاقي والتقارب بين بلدين عربيين، وليس من المناسب في هذه الآونة ذكر أمثلة.
وفوق ذلك يشتغلون على خط إشعال الفتن على الساحة العربية، لتغطية فشلهم في تطويق النهج الشعبي الداعم للمقاومة، ولتحقيق مآرب ثأرية أخرى.
تشرين السورية