طرابلس، بنغازي – أ ف ب، رويترز – اندلعت معارك عنيفة بين معارضي العقيد معمر القذافي والقوات التابعة له، قرب العاصمة الليبية، خصوصاً في مدن الزاوية وزوراة ومصراتة، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، فيما كرر القذافي أمس اتهاماته بأن تنظيم «القاعدة» يحرك المطالبين بإنهاء حكمه.
وتصاعدت الضغوط الدولية من أجل تحرك جماعي ضد نظام القذافي في ظل إحجام غالبية الدول عن اتخاذ خطوات منفردة وتفضيلها التحرك عبر مجلس الأمن. واتصل الرئيس باراك أوباما بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وشددا على ضرورة وقف العنف فوراً. ومن المتوقع ان يتصل اوباما برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون لتنسيق العمل لوضع حد لعملية القمع في ليبيا. وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني انهم «سيتباحثون في شأن ليبيا والخيارات المختلفة المطروحة… وأنا على يقين أن خياراتنا ستبحث». ورداً على سؤال عن احتمال فرض عقوبات أو إقامة منطقة حظر جوي أو التدخل العسكري، قال: «لا استبعد شيئاً».
غير أن هذه المساعي قد تواجه رفضاً روسياً في مجلس الأمن، مع إبداء رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين تخوفه أمس من «وصول مجموعات متطرفة إلى الحكم في شمال أفريقيا»، ودعوته إلى «دعم من دون تدخل».
وعشية الاجتماع المقرر اليوم لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمناقشة الملف الليبي، اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن ما تشهده ليبيا «يمكن أن يشكل جرائم ضد الإنسانية». وقالت إن مشروع القرار الذي يجرى التفاوض في شأنه قبيل انعقاد المجلس يدين بقوة «أعمال العنف الكثيفة وغير المقبولة»، ويضع طرابلس أمام مسؤولياتها. وطالبت فرنسا «كل شركائنا في مجلس حقوق الإنسان بالتصويت على القرار، والمساهمة في كل الخطوات التي ينبغي أن تبحث، بما فيها تكليف القضاء الدولي النظر في الوضع».
وأعلنت الحكومة السويسرية أنها قررت تجميد الأرصدة التي قد تكون مرتبطة بالقذافي والمقربين منه فوراً، فيما دعت بريطانيا إلى تصعيد الضغوط على القذافي. وقال وزير خارجيتها وليام هيغ إن بلاده تريد فتح تحقيق دولي في استخدام العنف ضد المحتجين. وأضاف: «أعتقد أنه من المهم لنا جميعاً في المجتمع الدولي أن نهيل الضغوط على النظام الذي يرتكب بكل المعايير مخالفات جسيمة… سنبحث عن سبل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال وعليهم أن يضعوا ذلك في الاعتبار قبل أن يأمروا بالمزيد».
وفي نيويورك، رفعت البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة علم الاستقلال الملكي على مدخل مقرها بعد نزع صورة القذافي.
ميدانياً، قُتل 23 شخصاً على الاقل وجُرح 44 في الزاوية (60 كلم غرب طرابلس)، بعد اشتباكات بين معارضي القذافي وقوات موالية له. ونقلت صحيفة «قورينا» الليبية في موقعها على الإنترنت أمس عن مصادر طبية أن كثافة تبادل إطلاق النار تمنع وصول الجرحى إلى المستشفيات، وأن بعض الناس ينقلون أقاربهم الجرحى من المستشفيات، خشية وقوعهم في أيدي «الكتائب الأمنية».
ووجه القذافي كلمة إلى سكان الزاوية في اتصال هاتفي مع التلفزيون الرسمي دعاهم فيها إلى مواجهة المحتجين والقضاء عليهم. وقال: «هؤلاء لا مطالب عندهم، مطلبهم ليس عندهم بل عند بن لادن… من يعطي الحبوب (المخدرة) لأولادكم هو المجرم والمسؤول عن القتل أو حرب أهلية أو مصيبة. اقبضوا على أتباع بن لادن وقدموهم للمحكمة لأنهم مسؤولون عن الجرائم».
وطالب الآباء والأمهات بأن «ينزلوا إلى الشوارع ويمسكوا أولادهم الصغار الذين غرر بهم من عناصر من القاعدة الهاربين من غوانتانامو… بن لادن سعيد جداً بالذي وصلتم إليه. عالجوا أبناءكم من حبوب الهلوسة الموضوعة في القهوة والحليب كي يسيطروا بها عليهم». ووصف ما يحصل في الزاوية بأنه «مهزلة»، مضيفاً: «إذا أردتم العيش مع هذه الفوضى فأنتم أحرار. اقتلوا بعضكم بعضاً».
وشنت قوات موالية للقذافي هجوماً مضاداً أمس وخاضت معارك ضارية بالأسلحة مع الثوار الذين هددوا حكم القذافي من خلال استيلائهم على بلدات مهمة قريبة من العاصمة، خصوصاً مصراتة وزوارة في الغرب.
ودعت السلطات أمس المحتجين إلى تسليم أسلحتهم وعرضت مكافآت على من يبلغون عن زعماء الاحتجاجات. وقالت اللجنة الشعبية للأمن العام في بيان بثه التلفزيون الرسمي: «من يسلم سلاحه نادماً يعفى من الملاحقة القانونية، كما تدعو اللجنة المواطنين إلى التعاون معها بالإبلاغ عن الذين غرروا بالشباب أو زودوهم بأموال أو أجهزة أو مواد مسكرة أو حبوب الهلوسة، وسيتم منح مكافأة مالية مجزية لكل من يبلغ أو يساهم في القبض عليهم».