درعا ـ دمشق ـ وكالات: اتسع الجمعة نطاق التظاهرات المطالبة باطلاق الحريات في سورية واوقعت عشرات القتلى في محافظة درعا والمعضمية والصنمين في ‘يوم غضب’ انطلق في معظم المدن والقرى السورية رغم اعلان السلطات السورية الخميس عن سلسلة من الاجراءات الاصلاحية في محاولة لامتصاص غضب الشارع. ونقلت قناة العربية التلفزيونية عن وزير الاعلام السوري محسن بلال قوله ان الوضع هادئ في سورية.
ونقل التلفزيون عن بلال قوله ان الوضع هادئ تماما في كل اجزاء البلاد. وانتشرت الاحتجاجات الى خارج مدينة درعا الجنوبية الجمعة لتتحدى حكم عائلة الاسد بعدما قتلت القوات عشرات المتظاهرين في الجنوب.
واعربت منظمة مراسلون بلا حدود عن ‘تنديدها الشديد بالرقابة التي تفرضها السلطات السورية على وسائل الاعلام الوطنية والاجنبية التي تريد تغطية الاحداث في درعا’.
وقالت المنظمة في بيان الجمعة ‘عبر منع الوصول الى المنطقة، تحاول القوى الامنية ممارسة القمع، بلا ضبط للنفس ومن دون شهود، على التظاهرات التي تشهدها المدينة منذ بضعة ايام’.
واكد ناشط حقوقي لوكالة فرانس برس ان 17 متظاهرا قتلوا نتيجة اطلاق النار عليهم من قبل قوات الامن بينما كانوا متوجهين الى درعا، جنوب سورية قادمين من القرى المجاورة لها، فيما ابلغ شاهد قناة ‘الجزيرة’ الفضائية الجمعة ان قوات الامن السورية فتحت النار على محتجين في بلدة الصنمين فقتلت 20 شخصا.
وقال الشاهد انه يوجد اكثر من ’20 شهيدا’ وان قوات الامن فتحت النار بطريقة عشوائية. واعلن مسؤول سوري كبير طلب عدم الكشف عن اسمه ان عشرة اشخاص قتلوا الجمعة في مدينة الصنمين خلال مواجهات بين متظاهرين وقوات الامن.
وقال شاهد عيان في الصنمين لفرانس برس ان قوات الامن اطلقت النار على المتظاهرين بعد قيامهم برشق مقر الامن العسكري في المدينة بالحجارة.
ولم تتمكن الوكالة من تأكيد الخبر من مصدر محايد او من مصادر طبية.
وقال سكان إن قوات الأمن قتلت ثلاثة أشخاص في المعضمية إحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق بعدما واجه حشد موكب سيارات لمؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد. وقال أحد السكان ‘دخلت السيارات المعضمية بعد احتجاج للسكان لإدانة عمليات القتل في درعا (في جنوب البلاد)’.
ودعا المعارض السوري البارز مأمون الحمصي المجتمع الدولي الجمعة للتدخل لوقف ما وصفه بأنه مذبحة ضد المدنيين يرتكبها نظام الرئيس السوري في الاحتجاجات التي تعم البلاد حاليا.
وقال الحمصي لرويترز عبر الهاتف من كندا انه يوجد قتلى وجرحى فضلا عن وجود معتقلين في جميع المحافظات اثناء الاحتجاجات التي انتشرت خارج مدينة درعا الجنوبية الجمعة في تحد لنظام الاسد.
كما افاد شهود عيان ان ‘قوات الامن فتحت النار بكثافة على متظاهرين تجمعوا امام منزل محافظ درعا’ التي شهدت اعنف المظاهرات منذ بدء الاحتجاجات في سورية في 18 اذار (مارس) وسقط خلالها اكثر من مئة قتيل بحسب مصادر حقوقية.
وقال احد الشهود لفرانس برس ‘تظاهر اكثر من 10 الاف شخص في ساحة درعا الجمعة حيث قام احد المتظاهرين بتمزيق صورة للرئيس السوري كما قام اثنان من المتظاهرين بمحاولة تحطيم وحرق تمثال للرئيس السابق حافظ الاسد’.
واضاف ‘قام رجال الامن وبعض العناصر الذين كانوا في مقر حزب البعث الحاكم باطلاق النار على المتظاهرين واردوا احدهم’. واضاف هذا الشاهد ‘اضطررت الى الفرار للاحتماء الا ان شهودا اكدوا لي وقوع المزيد من القتلى’.
وافاد شاهد اخر ‘قام متظاهرون باضرام النار في تمثال للرئيس الراحل فقامت قوات الامن باطلاق النار عليهم وسقط الكثير من القتلى والجرحى’. وشارك الالاف في درعا الجمعة في جنازة قتيلين سقطا في الصدامات التي شهدتها المدينة وهتفوا ‘بالروح، بالدم، نفديك يا شهيد’.
وافادت مراسلة فرانس برس انه في ‘منطقة ازرع المتاخمة لدرعا انتشرت قوات كبيرة للجيش وتموضعت باصات عسكرية على مفارق القرى المؤدية الى درعا’.
وفي دمشق انطلق نحو 300 شخص عقب صلاة الجمعة من جامع بني امية الكبير في وسط العاصمة دمشق نحو سوق الحميدية هاتفين ‘الله، سورية، حرية وبس’ و’درعا هي سورية’ و’كلنا فداء درعا’، بحسب مراسلة فرانس برس.
وبثت مواقع على الانترنت صورا لتظاهرة اخرى انطلقت من مسجد الرفاعي في دمشق.
واكدت مراسلة فرانس برس اعتقال خمسة اشخاص على الاقل على خلفية مشاركتهم في التظاهرة الاحتجاجية التي انطلقت من المسجد الاموي. كما اكدت شاهدة عيان لفرانس برس ‘ان قوات الامن فرقت بالقوة تظاهرة اندلعت في حي العمارة في قلب العاصمة دمشق’.
واضافت ان ‘احد عناصر الامن شد احدى المتظاهرات من شعرها وتركها بعد ان صرخت كما صادرت قوى الامن شريحة الذاكرة من آلة تصوير احد الاشخاص بينما كان يقوم بتصوير التظاهرة’.
في المقابل احتشد انصار للرئيس بشار الاسد في ساحة المسكية في دمشق حاملين صورا له ولوالده الراحل حافظ الاسد وهم يهتفون ‘الله، سورية، بشار وبس’ و’بالروح، بالدم، نفديك يا بشار’. كما جالت شوارع المدينة عشرات السيارات مطلقة ابواقها تأييدا للاسد.
وفي منطقة داعل (شمال درعا) ذكرت مراسلة ثانية لفرانس برس ان ‘نحو 300 متظاهر تتقدمهم عشرات الدراجات النارية خرجوا الى الشارع وهم يهتفون ‘داعل ودرعا ما بتنهان’ بينما كان اطفال يلوحون بالكوفيات. وافادت المراسلة ان ‘العشرات تجمعوا في قرية الشيخ مسكين وركبوا السيارات وانطلقوا باتجاه درعا’.
واكد المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من لندن مقرا له في بيان الجمعة ان ‘نحو ثلاثة الاف شخص تظاهروا في مدينة بانياس الساحلية’ والتي سبق ان شهدت تظاهرة يوم الجمعة الماضي.
كما بثت قنوات فضائية ومواقع انترنت عدة مقاطع لتظاهرات في الشوارع او المساجد في عدة مدن سورية، لا سيما حمص وحماة واللاذقية شارك فيها الالاف من المتظاهرين في ‘جمعة العزة’، وهو التعبير الذي اطلق على هذا اليوم كما ورد على مواقع لناشطين سوريين معارضين على الانترنت.
وطالب بيان نشره موقع التواصل الاجتماعي ‘فيسبوك’ على صفحة باسم اتحاد شباب سورية ‘بتنحي الرئيس السوري وأركان النظام بشكل كامل وقيام حكومة مؤقتة تمثل كافة مكونات الشعب السوري تقود البلاد عبر مرحلة انتقالية تطلق فيها الحريات وترفع حالة الطوارئ وتطلق السجناء السياسيين’.
وجاء ايضا في البيان ‘نحن سوريون قبل أي صفة لاحقة أو سابقة لنا حق متساو في المواطنة، شعب واحد لا يفرقنا عرق أو دين أو طائفة أو معتقد. ومستقلبنا هو دولة مدنية لجميع مواطنيها’.
واكد البيان على سلمية التظاهرات ورفضه ‘أي استخدام لأي شكل من أشكال العنف أو التخريب أو الاعتداء على الممتلكات العامة لأنها ملك شعبنا وليست ملكا للنظام كما نرفض أي اعتداء على أية ممتلكات خاصة’.
ودوليا دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من بروكسل سورية الى وقف العنف حيال المتظاهرين مؤكدا ان رد فعل الاسرة الدولية ‘سيكون هو نفسه في كل مرة’.
وقال ساركوزي ان ‘كل زعيم وخصوصا كل زعيم عربي يجب ان يفهم ان رد فعل الاسرة الدولية سيكون هو نفسه في كل مرة’ بينما تشن فرنسا ودول غربية اخرى عملية عسكرية في ليبيا هدفها وقف هجوم القوات الليبية الموالية للعقيد معمر القذافي على الثوار.
كما نددت الولايات المتحدة الخميس بـ’القمع الوحشي’ للتظاهرات في سورية. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني في بيان ان ‘الولايات المتحدة تندد بشدة بالقمع الوحشي للتظاهرات من جانب الحكومة السورية خصوصا العنف ومقتل المدنيين على يد قوات الامن’. كما نددت بما يحدث في سورية كل من استراليا وكندا وتركيا.
“القدس العربي”