«الشبيحة» الذين ينكر النظام السوري وجودهم وإثارتهم الفوضى، وقتل المدنيين، أصبح اسمهم «قطاع طرق»، وهم حصلوا على هذا اللقب الفصيح من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، بعد اقتحامهم مجمع السفارة الأميركية في دمشق والتسبب في أضرار مادية للسفارة، ولمنزل السفير روبرت فورد. التسمية الجديدة كشفت ان سورية قررت الاعتراف بنسبها الى «الشبيحة»، وتحويلهم الى جيش علني للمواجهة، لذلك حركتهم بحافلات منظمة نحو السفارتين الفرنسية والأميركية بعد زيارة السفيرين الى حماة.
حكاية «الشبيحة» قصة «ميلودرامية» مفتعلة، ولم تنطلِ على أحد منذ اليوم الأول. ورغم ذلك، ظل النظام السوري متمسكاً بها، ومارس باسمها قمعاً متوحشاً، ولا يزال، واستطاع بالدعاية السياسية ان يجعلها حاضرة في تصريحات السياسيين، والمعلّقين السوريين التابعين للنظام، والمرغمين على التحدث باسمه. لكنه اليوم طبّق نظرية وزير دعاية هتلر، وصدق نفسه، وارتكب خطأ سياسياً فادحاً، فهدد أمن سفارات غربية، ومارس ترهيباً يتنافى مع كل الأعراف السياسية والديبلوماسية.
لكن قصة «الشبيحة»، على رغم كل سذاجتها الإعلامية والسياسية، كشفت بالفعل ان النظام في دمشق يدير السياسة بعقلية «الشبيحة»، فضلاً عن ان استهداف السفارتين الأميركية والفرنسية، مؤشر الى ان هذا النظام بات على يقين من أن جداره سقط في نظر الغرب، وأن العواصم الغربية، لم تعد لها «مصلحة إطلاقاً في بقائه في السلطة». فأعلن الحرب على السياسة في محاولة لخلط زيارة السفير الأميركي الى مدينة حماة بالتظاهرات فيها، والسعي الى تضخيم قضية الزيارة باعتبارها جزءاً من الحراك الشعبي في المدن السورية، ونسج قضية مؤامرة على دولة الممانعة، ولكن هيهات.
استهداف السفارتين الأميركية والفرنسية تعبير عن اليأس، ودليل على ان النظام في سورية أدرك أن العواصم الغربية حسمت خيارها بالوقوف مع الشعب السوري، ولهذا قرر نسيان التفكير في حل سياسي محتمل، والتمسك بالحل الأمني الى النهاية، وخوض معركته مع ثورة الشعب السوري على نحو يفوق بمراحل ما يرتكبه نظام العقيد القذافي.
الأكيد ان استهداف السفارات الغربية في دمشق هو المسمار الأخير في نعش النظام، وأن العنف الآتي في سورية مخيف.
“الحياة”