في مقال تحت عنوان “الجنرالات الجزائريون يعيدون إثارة حرب الذاكرة مع فرنسا”. اعتبرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن ‘‘الرجل القوي’’ الحقيقي للجزائر هو رئيس أركان الجيش باعتباره القائد الفعلي لـ”صناع القرار” العسكريين الذين يسيطرون بشكل أو بآخر على السلطة منذ عقود.
وقالت الصحيفة إن “تكتم ” قائد الجيش الجزائري سعيد شنقريحة “البارز” يتناقض تماماً مع التدخلات الحادة والخطابات المهددة لسلفه الراحل الجنرال أحمد قايد صالح، والذي اتهمه ‘‘صناع القرار’’ بفضح المؤسسة العسكرية دون داع. فرئيس الأركان الجديد، يُريد قبل كل شيء ضمان مصالحة داخلية مع الزمرة الحاكمة، مع تبرئة لرئيسيْ المخابرات العسكرية السابقين، الجنرالان “مدين” و‘‘طرطاق’’ في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد أن كان قد حكم عليهما بالسجن 15 عاما بعد استقالة بوتفليقة.
لكن شنقريحة لا يتردد في كبح جماح الرئيس عبد المجيد تبون الذي فشل منذ إعلانه عن تعديل وزاري في الـ19 فبراير/ شباط، في تغيير رئيس الوزراء أو أصحاب الحقائب السيادية. كما أن رئيس الأركان ليس من مؤيدي الطرح الداعي للقيام بعمل أصيل حول ذاكرة ‘‘حرب التحرير’’ ضد الاستعمار، والذي من شأنه أن يضع ‘‘الدعاية’’ الرسمية، الأساسية لإضفاء الشرعية على الجنرالات الجزائريين، موضع شك، بحسب الصحيفة الفرنسية دائماً.
ومضت الصحيفة إلى القول إن ‘‘عسكرة’’ النظام الجزائري أدت إلى قلب التسلسل الهرمي التقليدي للسلطة من خلال جعل جبهة التحرير الوطني، حزباً واحداً حتى عام 1989. وهذه النقطة هي السبب في أن المطالبة بحكومة مدنية بالكامل، متحررة أخيراً من الوصاية العسكرية، هي في صميم مطالب الحراك الشعبي الجزائري، الذي استؤنفت احتجاجاته منذ أكثر من شهر. كما أنها السبب أيضا في محاولة شنقريحة تصوير الاحتجاج الشعبي على أنه ‘‘مؤامرة أجنبية’’ يُقال إن فرنسا كانت مصدر إلهام لها.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن الفريق سعيد شنقريحة هو رئيس الأركان الأول من دون أي ماضٍ مناهض للاستعمار، لذلك اختار إعادة إطلاق حرب الذاكرة لترسيخ الوضع الراهن المواتي جدا للجنرالات الجزائريين. وأشارت الصحيفة إلى أن افتتاح شنقريحة في الـ17 من شهر مارس/ آذار الماضي ندوة بعنوان ‘‘الذاكرة والوحدة الوطنية’’، يندرج في هذا الإطار، حيث قال: ‘‘مواقف الشعب الجزائري كالجبال، لا تتغير ولا تتزعزع، فهي مستوحاة من عقيدتنا الوطنية وثورتنا التحريرية المجيدة. دماء الملايين من الشهداء”.
وقد تجاهل رئيس الأركان المبادرات التي سبق أن قدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهدف مصالحة الذاكرة بين فرنسا والجزائر، سواء كان تقرير المؤرخ بنجامين ستورا، أو فتح الأرشيفات أو الاعتراف بمسؤولية الجيش الفرنسي في وفاة علي بومنجل.
وخلصت ‘‘لوموند’’ إلى القول حسب زعمها إنه “لسوء الحظ، يُخشى أن يواصل الجنرالات الجزائريون ترويج دعايتهم لتبرير الذات، على حساب نظرة سلمية إلى التاريخ المشترك بين بلادهم وفرنسا”.